يستخدم معظم الناس المُصطلحَين (الذكاء الاصطناعي)، و (تعلُّم الآلة) من دون تمييز الفرق بينهما. لكن هناك اختلاف بين هذين المصطلحين فيجب الأخذ بعين الاعتبار أنّهما مفهومان مختلفان. فتعلُّم الآلة هو جزء من الذكاء الاصطناعي؛ حتّى أنه يُمكن القول بأن الذكاء الاصطناعي يتكوّن من مجال واسع من المواضيع، أمّا بالنّسبة لتعلّم الآلة فهناك نطاقات بحث، ومواضيع أقل يتكوّن منها.

سوف نبيّن في هذا المقال الاختلافات الجوهريّة بين هذين المفهومين.

بدايًة بالإمكان الاطلاع على أكثر من م250 مشروعًا يخصّ علوم البيانات، وتعلُّم الآلة على منصّة (ProjectPro) للاطلاع على التحسينات التي يقدمها كلٌّ من الذكاء الاصطناعي وتعلُّم الآلة لقطاع الأعمال، والمجالات الخدميّة المختلفة.

فالذكاء الاصطناعي هو مجال ضمن علوم الكمبيوتر، والذي يمكن أن يُحاكي الذّكاء البشري. ويتكوّن من كِلا المصطلحين (الذّكاء) و(الاصطناعي)، والذي بدوره يعني (الذّكاء، وقوة التفكير من صنع الإنسان).

إن الذكاء الاصطناعي ليس بحاجة إلى أن يكون مُسبق البرمجة (أي أنّ كل فعل أونشاط مُتنبَّأ به من قبل المستخدم بشكل مسبق) على العكس من ذلك تُستخدم خوارزميات تعتمد على ذكائها الخاص، ويتضمّن ذلك خوارزميات تعلّم الآلة، مثل خوارزمية التعلُّم المُعزّز، والشبكات العصبونيّة أو العصبيّة للتعلّم العميق.

من جهةٍ أُخرى، تعلُّم الآلة يتيح لأنظمة الكمبيوتر القدرة على التنبّؤ من أجل اتخاذ بعض القرارات، اعتمادًا على سجل التعلّم الذي يعتمد بدوره على فترة الاستخدام من دون برمجة آلية اتخاذ القرارات بشكل كامل ومسبق مثلما ذكرنا سابقًا.

أما بالنسبة لتعلُّم الآلة فتُستخدم كتلة كبيرة من البيانات المنظّمة وشبه المنظّمة، كي يتسنّى لنموذج تعلُّم الآلة أن يُولد النتائج الدّقيقة، أو يعطي التنبؤات وفقًا لتلك الكتل من البيانات. فتعلُّم الآلة يعمل عن طريق خوارزميّة التعلم الذاتي باستخدام البيانات الناتجة عن سجل الاستخدام، وأيضًا يعمل ضمن نطاقات مُحدّدة، على سبيل المثال عند صنع نموذج للتعرّف على صور الكلاب، هنا سيعطي النموذج نتائج بالإيجاب فيما يخص صور الكلاب فقط. إذ عندما نقوم بعرض صور قطط لن نحصل على أي نتيجة من هذا النموذج.

يُستخدم نظام تعلم الآلة في قطاعات مختلفة، مثل أنظمة التوصية عبر الإنترنت، وخوارزميات البحث في محرك البحث جوجل، وفلترة البريد الإلكتروني من الرسائل المُزعجة وغير المرغوب فيها، واقتراح ذِكْر صديق بشكل تلقائي في صورة ما على منصّة الفيس بوك، والمزيد من الخدمات الأخرى.

يُعد مصطلح (الذكاء الإصطناعي) ضعيف التعريف، وله دور في خلق سوء الفهم، والتضليل بينه وبين مصطلح تعلّم الآلة. فالذكاء الاصطناعي هو بشكل جوهري نظام يبدو ذكيًا، لكن هذا ليس بالتعريف الجيّد له؛ لأنه يشبه القول عن شيء ما أنّه (حيّ) فيتضمّن بذلك نشاطات، مثل حل المشكلات، والتعلّم والتخطيط التي نصل إليها عن طريق تحليل البيانات، وتحديد الأنماط (Patterns) بشكلها الدوري من أجل توليد وتحزين هذه النشاطات لاستخدامها لاحقًا.

من جهةٍ أُخرى تعلّم الآلة هو أحد أنواع الذكاء الاصطناعي، في حين أن الذكاء الاصطناعي يستحوذ على صفة (الذكي) بشكل متفرّد. إذ يقوم تعلم الآلة بحفظ المعلومات، والتعلّم منها لتنفيذ مهام قد يكون من الصعب على البشر القيام بها. فتعلم الآلة قد يتجاوز حدود الذّكاء البشري، فهو يُستخدم بشكل أساسي في معالجة كميّة البيانات الضّخمة بشكل سريع جدًا باستعمال خوارزميّات قابلة للتطور بشكل كبير مع مرور الوقت. فقد يجمع مصنع ما كمًّا كبيرًا من البيانات، ويحصل عليها من الآلات والمستشعرات الخاصة بتلك الآلات بشكل يفوق قدرة العقل البشري على استيعابه ومعالجته.

إذن تعلّم الآلة يُستخدم لتحديد كل من الأنماط، وأيضًا السلوك خارج تلك الأنماط، وهذا يُساعد الإنسان على تشخيص ذلك السلوك والتمييز بين كونه يعمل بكفاءة، أو تتخلّله مشكلة، أو عدّة مشكلات. فتعلّم الآلة يسمح للآلات بالحصول على المعلومات بشكل غير ممكن للبشر فعله. ونحن لا نعلم تمامًا عتبة القدرة في ذلك بالنسبة إلى العقل البشري، فهذا الأمر يُعدّ من الأمور صعبة التحديد، ولهذا السبب نحن نعتمد على تخزين كمّ كبير من المعلومات، ومعالجتها على أجهزة الكمبيوتر لخلق أنماط للعمل وفق السلوك الذي يُعد الهدف الأساسي لتخزين تلك البيانات، وهذا ما يفعله نظام تعلم الآلة. على سبيل المثال هناك ما يُسمّى خدمات التطوير (SaaS development services) التي قد أحدثت تغييرًا ثوريًا في عالم الأنظمة الرقمية.

إذن نظام الذكاء الاصطناعي يتيح للآلة محاكاة سلوك البشر، في حين أن تعلّم الآلة هو جزء فرعي منه، والذي بدوره يتيح للآلة التعلّم من المعلومات التي سبق و خُزنت من دون الحاجة للبرمجة المسبقة. فالهدف من نظام الذكاء الاصطناعي هو الوصول إلى أنظمة كمبيوتر ذكيّة، قادرة على حل المسائل المعقّدة، أما الهدف من نظام تعلّم الآلة فهو تمكين الآلة من التعلّم من البيانات المدخلة، وذلك لإعطاء نتائج دقيقة بناءً على تلك البيانات.

بشكل آخر في أنظمة الذكاء الاصطناعي نحن نقوم بصناعة نظام ذكي يقوم بأي مهمّة مثل البشر، حتى المهام الأكثر تعقيدًا والتي لا يستطيع العقل البشري معالجتها بالسرعة ذاتها، بينما في أنظمة تعلّم الآلة نحن نقوم (بتعليم) الآلة عن طريق إدخال البيانات من أجل الحصول على نتائج، أو إخراج تلك المعلومات بشكل دقيق لاستخدامها في صُنع القرار.

يندرج كلٌّ من نظام تعلّم الآلة، ونظام التعلّم العميق كأنظمة فرعيّة ضِمن نظام الذكاء الاصطناعي، فالتعلّم العميق هو النظام الفرعي المتفرّع في الأساس من نظام تعلّم الآلة. إذ يُعد نظام الذكاء الاصطناعي هو النظام الأشمل وفقًا للنطاق الواسع الذي يحتويه، على عكس النطاق المحدود ضمن نظام تعلم الآلة.

الذكاء الاصطناعي قائم على عمل أنظمة ذكيّة، متجدّدة ومتنوعة قادرة على تنفيذ العديد من المهام المركّبة، بينما تعلّم الآلة قائم على عمل مهام محددّة ومُخصَصة والتي ذُكرت سابقًا.

فالذكاء الاصطناعي يُركّز على زيادة فرص النجاح، بينما تعلم الآلة يُركّز بشكل أساسي على الدقّة، وبناء الأنماط.

يتمثّل التطبيق الرئيسي، والاستخدام الأمثل لأنظمة الذكاء الاصطناعي في المساعد الرقمي (Siri) لشركة(Apple)، وبرمجيات دعم الزبائن والعملاء، والأنظمة الخبيرة المختصّة باتخاذ القرارات وأنظمة الألعاب المتصلة بالإنترنت، والروبوتات الذكيّة، وكثير من التطبيقات الأخرى. ويكون التطبيق الرئيسي لتعلم الآلة ضمن أنظمة التوصية عبر الإنترنت، وخوارزميات البحث في محرك البحث جوجل، واقتراح ذِكْر صديق (Tag) بشكل تلقائي في صورة ما على منصّة الفيس بوك، وأيضًا المزيد من التطبيقات الأخرى.

اقرأ أيضًا:

ما-الفرق-بين-الذكاء-الاصطناعي-وتعلم-الآلة/

إزالة-الالتباس-بين-الذكاء-الاصطناعي-وتعلم-الآلة/

ما-الذي-يقدمه-تعلم-الآلة-ل-الذكاء-الاصطناعي/

ترجمة: محمد سلمان إدناوي

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر