تشير دراسات حول الرابط بين الأمعاء والجنس إلى أن الميكروبات تؤدي دورًا في الرغبة الجنسية والوظيفة الجنسية العامة. ويوفر بحث جديد رؤى حول العلاقة بين تنوع الميكروبيوم والصحة الجنسية وتوازنه.

يؤدي ميكروبيوم الأمعاء دورًا مهمًا في الصحة الجنسية عبر تنظيم الهرمونات والناقلات العصبية، وهو بالتعريف مجموع الميكروبات المتعايشة مع إنسان أو أي من الأحياء الأخرى (حيوانات أو ديدان أو قواقع)، إذ تعيش على جسمها أو داخل أمعائها، ويقصد بالميكروبيوم في المقام الأول النبيت الجرثومي المعوي، والميكروبات التي تعيش على الجلد (ما يسمى نبيت جرثومي جلدي)، أو تعيش على أجزاء أخرى من جسم الإنسان أو فيها (كالفم والأنف والعين والأعضاء التناسلية وغيرها).

يعود تنظيم السلوك الجنسي البشري إلى المناطق الرئيسية في الدماغ بعمل الهرمونات والناقلات العصبية المختلفة. الإثارة الجنسية مدفوعة بالنورإبينفرين والدوبامين والميلانوكورتين والأوكسيتوسين والفازوبريسين، أما التثبيط الجنسي فيتنظم بواسطة السيروتونين والمواد الأفيونية والبرولاكتين والكانابينويدات الداخلية.

ماذا يحدث إذا كنت غير راضٍ عن سلوكك الجنسي أو سلوك شريكك؟

المشكلات الجنسية شائعة لدى كل من الرجال والنساء وقد تحدث في أي عمر. أبلغ ما يقارب 40% من الإناث في الولايات المتحدة عن مخاوف جنسية وفقًا لتقرير عام 2022، فيما كشفت مجلة تتعلق بالأبحاث الجنسية أن 38.2% من الرجال النشطين جنسيًا الذين شملهم الاستطلاع و 23% من النساء أبلغوا عن واحدة أو أكثر من أربع مشكلات جنسية محددة كعدم الاهتمام وصعوبة تحقيق الانتصاب أو بلوغ النشوة وعدم الراحة في النشاط الجنسي.

يركز النموذج الطبي التقليدي اليوم عادةً على العلاجات التي تستهدف مستويات الناقل العصبي لمعالجة الرغبة الجنسية المنخفضة، وضعف الانتصاب، وانخفاض الدافع الجنسي، واضطرابات النشوة الجنسية، وأعراض أخرى. لكن الأبحاث تشير إلى وجود عامل مهم غالبًا ما نتجاهله، وهو ميكروبيوم الأمعاء الذي يؤدي دورًا مهمًا في الصحة الجنسية.

المسار الهضمي هو نظام معقد يتكون من الفم والمريء والمعدة والأمعاء الدقيقة والأمعاء الغليظة والشرج والكبد والبنكرياس والمرارة والميكروبيوم. ومن المتعارف عليه أن ميكروبيوم الأمعاء غير المتوازن يرتبط بعدد لا يحصى من الأعراض المتعلقة بالهرمونات والناقلات العصبية والصحة المناعية.

تشير البيانات الحديثة أيضًا إلى أن بكتيريا الأمعاء قد تكون بمثابة هدف علاجي فعال لمعالجة الخلل الوظيفي الجنسي. غالبًا ما يشار إلى هذه العلاقة باسم الاتصال بين الأمعاء والجنس.

بدأ الباحثون في الواقع باستكشاف استراتيجيات للاستفادة من المحور الدماغي المعوي لمكافحة الخلل الوظيفي الجنسي وتحسين الصحة الجنسية العامة.

انخفاض الرغبة وتوازن الميكروبيوم (الإناث)

تناولت دراسة عام 2021 نُشرت في مجلة (Medical Internet Research)، تعمق العلماء في العلاقة بين ميكروبات معيّنة ومستويات السيروتونين وفقدان الرغبة الجنسية.

حُلِّلت العينات التي جُمِعت من 24 امرأة مصابة باضطراب الرغبة الجنسية منخفض النشاط (HSDD) ومجموعة مرجعية مكونة من 22 امرأة تتمتع بصحة جيدة باستخدام تسلسل جينات الحمض النووي الريبي وتحليل التمثيل الغذائي. كشفت النتائج عن تغيّر التوقيعات الأيضية والتكوين البكتيري لدى النساء.

كان لدى النساء الذين يعانون من HSDD كمية منخفضة من أنواع Ruminococcacea المرتبطة بالدافع الجنسي ومستويات مرتفعة غير متناسبة من أنواع محددة من البكتيريا المنتجة لحمض اللاكتيك (LAB).

والجدير بالذكر أن بعض بكتيريا LAB (كبعض سلالات Bifidobacterium)، ترتبط بزيادة مستويات حمض الكينورينيك والتربتوفان. سلائف السيروتونين هذه مهمة لتثبيت المزاج واستقراره.

كشفت الأبحاث السريرية أيضًا عن تحسين السيروتونين بوصفه علاجًا مهمًا للحد من الغضب والاكتئاب والتوتر. لكن السيروتونين الزائد قد يقمع الرغبة الجنسية والإثارة الجنسية أيضًا، وهي واحدة من أكثر الآثار الجانبية شيوعًا للأدوية المضادة للاكتئاب. يبدو أن العثور على التوازن الصحيح بين ميكروبات الأمعاء والناقلات العصبية يؤدي دورًا مهمًا في الحفاظ على الدافع الجنسي الصحي.

ضعف الانتصاب وتنوع الميكروبيوم (الذكور)

تشير البيانات إلى أن ما يقارب 52% من الرجال يعانون شكلًا من أشكال ضعف الانتصاب (ED).

أجرى الباحثون دراسة لتحديد وجود ارتباط بين تنوع ميكروبيومات الأمعاء وتطور الضعف الجنسي أم عدمه.

جُمعت عينات في هذه الدراسة من 30 مريض يعانون ضعف الانتصاب ومجموعة مرجعية مكونة من 30 فرد لتحليلها باستخدام تسلسل جينات rRNA (حمض نووي ريبوزي ريبوسومي).

بينت النتائج أن الأشخاص الذين يعانون ضعف الانتصاب لديهم تنوع ميكروبي أقل بكثير في الأمعاء مقارنة بالمجموعة المرجعية.

وأفاد المؤلفون أن «ميكروبيومات الأمعاء قد تنظم وظيفة الانتصاب لدى الذكور عبر تنظيم مستويات الهرمون والأوساط الالتهابية وعوامل أخرى».

وأكدوا أن وظيفة الانتصاب الطبيعية تتأثر بالتفاعل بين هرمونات الجنس، والعاطفة، والعوامل العصبية والالتهابات، وعوامل أخرى تتعلق بالبيئة والوراثة والديناميكيات الاجتماعية.

اقرأ أيضًا:

جل جديد يمنع الحمل ويقوي الرغبة الجنسية ويقلل انتقال الأمراض الجنسية

تحديد الجين المسؤول عن تنظيم الرغبة الجنسية لدى الرجال

ترجمة: كلوديا قرقوط

تدقيق: بشير حمّادة

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر