مع أن الرحلات الصيفية إلى الشاطئ تزداد في أثناء الصيف إضافة إلى تناول المثلجات والاستمتاع تحت أشعة الشمس، قد يكون الطقس مزعجًا وخطرًا للغاية بسبب الحرارة الشديدة وبسبب المنخفض الحراري المغلق الذي يعرف باسم القبة الحرارية.

ما معنى القبة الحرارية؟

يُحتجز الهواء في أثناء حدوث القبة الحرارية فوق مساحة من الأرض لفترة طويلة على غرار الطريقة التي يحافظ بها الغطاء فوق إناء ماء يغلي. على هذا، تُحبس الحرارة داخل الإناء، ويؤدي استمرار هذه الحرارة المرتفعة فوق منطقة واحدة لفترة طويلة إلى موجات حر شديدة وخطرة.

وفقًا لعالم الأرصاد الجوية وعالم المناخ إريك كيلسي: إن مصطلح القبة الحرارية جديد نسبيًا، إذ يشير إلى مساحة كبيرة من الهواء الدافئ ذات الكتلة الكبيرة نسبيًا ومرتبطة نوعًا ما بالضغط العالي. إضافةً إلى ذلك، تحظى هذه الظواهر باهتمام كبير لأنها تبقى في مكان معين فترةً طويلة بما يكفي لتسبب آثارًا صحية كبيرة للبشر والأنواع الأخرى أيضًا.

تتحرك هذه التيارات المتدفقة سنويًا على هيئة موجة تتحرك شمالًا وجنوبًا، ثم تعود مرة أخرى شمالًا. في حال ازدياد هذه البقع في التيارات النفاثة تتباطأ سرعتها ومن ثم تصبح ثابتة، ويتوقف نظام الضغط المرتفع في المستويات العليا من الغلاف الجوي ما يؤدي إلى حبس الهواء، مشكلًا بذلك القباب الحرارية فوق مساحات واسعة من الأرض خلال أشهر الصيف.

يتحرك التيار النفاث باتجاه القطب في فصل الصيف، ولما كنا في نصف الكرة الشمالي، فيتحرك التيار باتجاه الشمال. عندما يحدث ذلك، فإن التيار النفاث وأنماط الطقس المرتبطة به تقل حركتها ما يسمح لمنطقة الضغط المرتفع الواقعة جنوب التيار النفاث وجنوب الكتلة الهوائية المرتبطة بها بزيادة الحرارة.

على هذا، تفاقم الشمس من شدة هذا الحر، ففي ظل نظام الضغط المرتفع السائد، تكون السحب قليلة أو معدومة غالبًا، ما يسمح لأشعة الشمس بالوصول إلى سطح الأرض مباشرةً.

مقابل القبة الحرارية هي الدوامة القطبية التي تحدث عندما يغزو الهواء القطبي البارد جنوبًا ويبقى عالقًا لفترة من الزمن.

ما دور الرطوبة في ذلك؟

بحسب مقولة قديمة «ليست الحرارة، بل الرطوبة»، تنطبق هذه المقولة على القباب الحرارية أيضًا. ففي الولايات المتحدة يتبخر الماء الدافئ من خليج المكسيك وأجزاء من المحيط الأطلسي في الهواء خلال الصيف، ما يرفع من مستوى الرطوبة.

عادةً ما تكون منطقة الضغط الجوي المرتفع المصاحبة للقباب الحرارية متمركزة حول الساحل الشرقي أو قبالته مباشرة، لذلك نسمي هذه المنطقة المرتفَع الجوي في برمودا. وفي الجانب الغربي من منطقة الضغط المرتفع هذا توجد رياح جنوبية تحمل الرطوبة من خليج المكسيك شمالًا عبر السهول وعبر وادي نهر أوهايو.

على هذا، يمكن للمحيط الهادئ وخليج كاليفورنيا قبالة سواحل المكسيك في الساحل الغربي أن يُحدثا تأثيرًا مشابهًا في أنظمة الضغط الجوي المرتفع. في حين يزداد بخار الماء في الجو على جانبي البلاد ما يؤدي إلى زيادة الرطوبة في الهواء.

هذا المزيج من الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية يشكل خطرًا على صحة الإنسان وقد يؤدي إلى مشكلات صحية مرتبطة بالحرارة مثل الإعياء الحراري أو ضربة الشمس.

ما الذي يجعل القباب الحرارية تتحرك؟

يؤدي كلًا من الرياح وأنظمة الضغط المنخفض إلى تحرك القباب الحرارية. عندما ينحدر التيار النفاث نحو الجنوب متخذًا شكل حرف U، يعرف ذلك باسم المنخفض العلوي أو الامتداد المنخفض، أما عندما يرتفع التيار نحو الشمال يعرف باسم المرتفع العلوي أو الامتداد العلوي. في منطقة المرتفع يكون الهواء الدافئ مندفعًا باتجاه الشمال، في حين يكون الهواء البارد مندفعًا باتجاه الجنوب في منطقة المنخفض.

قد يؤدي انخفاض التيار النفاث باتجاه الجنوب نحو خط الاستواء إلى تشكل نظام ضغط جوي منخفض، ما يساعد على دفع القبة الحرارية باتجاه الشرق نحو المحيط. حيث تكون درجات حرارة السطح أبرد فتبدأ درجات الحرارة بالانخفاض تدريجيًا.

هل تتزايد القباب الحرارية بسبب تغيّر المناخ؟

من غير المستغرب أن تكون الإجابة نعم، إذ تتزايد القباب الحرارية بتغير المناخ. نشهد حدوث هذه الظواهر تكرارًا وعلى نحو أكبر، إذ إن القباب الحرارية باتت بالتأكيد أكثر تطرفًا عند حدوثها، يُعزى ذلك إلى أن التيار النفاث يتحرك شمالًا بصورة أكبر في نصف الكرة الشمالي خاصةً في فصل الصيف.

على هذا، شهد جنوب غرب الولايات المتحدة عام 2023 قبابًا حرارية غير مسبوقة، وُصفت بأنها كانت شبه مستحيلة الحدوث لولا تأثير تغير المناخ. خلال هذا العام وحده، سجلت أجزاء من أوروبا والصين درجات حرارة تجاوزت 38 درجة مئوية. في حين شهدت أستراليا أشد فترة حر في تاريخ سجلاتها المناخية امتدت 12 شهرًا. بعبارة أخرى، تغير المناخ عزز من وتيرة القباب الحرارية وشدتها حول العالم.

كيفية البقاء بأمان في أثناء موجات الحر الشديدة؟

مع ارتفاع درجات الحرارة يُنصح بزيادة شرب المياه، إذ إن ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة يؤديان إلى التعرق المفرط لمحاولة تبريد الجسم. لذلك، من الضروري تعويض هذا النقص بشرب كميات كافية من المياه. ويُفضل ممارسة الأنشطة الخارجية مثل أعمال البستنة أو الجري في ساعات الصباح الباكر أو بعد الغروب لتجنب أوقات الحر خلال النهار. أما فيما يخص الحيوانات، فإنها تلجأ إلى التمدد لتبريد أجسادها.

التكييف ضرورة؟

إن اللجوء إلى أماكن مكيفة سواء في المنزل أم في مراكز التبريد العامة أمر ضروري خلال فترات الحر الشديد والممتد. عادةً ما تبدأ الأمراض الناجمة عن الحرارة بالظهور بوضوح خلال يومين أو ثلاثة أيام من موجة حر طويلة، يعزى ذلك إلى أن الجسم لا يكون قد حصل على فرصة للتبريد خلال 72 ساعة.

المدن أشد حرارة:

يُعد التبريد بالمكيفات أهم إذا كان الشخص يعيش في مدينة، لأن ما يُسمى تأثير الجزر الحرارية الحضرية قد يرفع درجات الحرارة مقارنة بالمناطق الريفية أو الضواحي التي تحتوي على أشجار ومناطق خضراء أكثر تسهم في التبريد الطبيعي. قد يكون هناك فرق في درجات الحرارة يصل إلى خمس أو ست درجات مئوية، وهو فرق كبير من حيث الراحة والصحة.

ماذا عن استخدام المراوح؟

إن استخدام المراوح السقفية أو المكتبية أو الأرضية قد تساعد على تحريك الهواء وخلق تيار منعش، لكن لاستخدامها حدودًا. في بعض الحالات، قد تسبب المراوح زيادة حرارة الجسم بدلًا عن تبريده، لأنها مفيدة فقط عندما لا تكون الحرارة شديدة جدًا، لكن إذا تجاوزت درجة حرارة الهواء 37 درجة مئوية مع رطوبة منخفضة فإن المروحة تصبح مضرة، لأن الجسم بحاجة للحفاظ على درجة حرارة 37 درجة. فإذا كانت المروحة تنفث هواءً أعلى حرارة من الجسم، يصبح الجسم عرضة لمزيد من الحرارة. فضلًا عن أن التعرق يقل في الطقس الحار والجاف لأن الجسم يحاول الحفاظ على الماء ما يقلل من التبخر، فلا يستطيع الجسم التبريد لمقاومة الحرارة.

اقرأ أيضًا:

إيلون ماسك قام حتى الآن فقط بنظرة استكشافية للصاروخ الذي سيسافر إلى القمر والمريخ!

أغرب الصور التي التقطت لكوكب المريخ حتى الآن

ترجمة : أحمد صبري عبد الحكيم

تدقيق: ريمي سليمان

المصدر