الركود الاقتصادي هو تدهور في الاقتصاد على نطاق واسع ويستمر عدة أشهر، أما الكساد الاقتصادي فهو تراجع حاد في الاقتصاد ويستمر سنوات. في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية كان هناك كساد واحد فقط يُطلق عليه الكساد العظيم، إذ استمر عقدًا كاملًا من الزمن.

بحسب المكتب الوطني للتحليل الاقتصادي، فإن الكساد الاقتصادي كان مزيجًا من حالتي ركود اقتصادي. الحالة الأولى استمرت نحو 43 شهرًا، من أغسطس عام 1929 حتى مارس عام 1933. أما حالة الركود الثانية استمرت 13 شهرًا، من مايو عام 1937 حتى يوليو عام 1938، أدت هاتان الحالتان من الركود إلى تراجعات حادة اتصف بها الكساد، استمرت نتائجها مجتمعة عشر سنوات تقريبًا.

حدثت 34 حالة ركود اقتصادي منذ عام 1854، واستمرت حالات الركود 10 أشهر تقريبًا في المتوسط منذ عام 1945.

الركود مقابل الكساد

ينكمش الناتج المحلي الإجمالي (GDP) بضعة أشهر على الأقل في حالة الركود، أما نمو هذا الناتج يتباطأ عدة أرباع من السنة قبل أن ينقلب إلى حالة انتكاس في حالة الكساد النموذجية.

يحدث أيضًا انخفاض في أربعة مؤشرات اقتصادية مهمة وهي: الدخل، والعمالة، والتصنيع والبيع بالتجزئة. تظهر التقارير المتعلقة بهذه المؤشرات شهريًا، ولذلك هي ما تشير عادةً إلى الركود الاقتصادي قبل وقت طويل من تحول نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى الانتكاس.

الكساد الاقتصادي أطول مدًة وأكثر تدميرًا من الركود الاقتصادي، لأن الانكماش الاقتصادي فيه يستمر سنوات وليس لأرباع من السنة كما الركود. خلال الكساد الاقتصادي العظيم كان الناتج المحلي الإجمالي في حالة انتكاس خلال 6 من أصل 10 سنوات، وانكمش بنسبة 12.9% عام 1932، وبلغ معدل البطالة 25% تقريبًا، وتقلصت التجارة الدولية أيضًا إلى أكثر من الثلثين، وانخفضت الأسعار بأكثر من 25%.

الآثار التدميرية للكساد الاقتصادي كبيرة جدًا، إذ استمرت قرابة تأثيرات الكساد الاقتصادي العظيم عقد من الزمن بعد انتهاء الكساد، وسوق الأسهم لم يتعافى حتى عام 1954.

أين نرى الدلائل في دورة أعمالنا الحالية؟

أفضل طريقة لتحديد ما نعانيه أهو ركود اقتصادي أو كساد اقتصادي هي معرفة مكاننا في دورة الأعمال، عادةً ما يأتي الركود بعد ذروة دورة الأعمال التي تتميز بوفرة غير منطقية وظهور فقاعات في الأصول.

دخل الاقتصاد الأمريكي مرحلة الانكماش لدورة الأعمال في أوائل العام 2020. يعود ذلك إلى جائحة كورونا بنسبة كبيرة. في حينها أغلقت الحكومة المشاريع التجارية غير الضرورية وحثت الناس على البقاء في منازلهم لإيقاف انتشار الفيروس. نتيجة لذلك، انكمش الاقتصاد بنسبة 5.1% في الربع الأول من السنة، مع وجود 23.1 مليون شخص عاطل عن العمل في أبريل عام 2020، ما رفع نسبة العاطلين عن العمل بنسبة 14.7%.

لكن ومع الوباء وارتفاع التضخم، لم يحل ذلك دون الارتفاع في أسواق الأسهم والهبوط في معدل البطالة خلال العام 2021 وإلى العام 2022، لكن بعض الاقتصاديين لا يرون في المستقبل القريب بواعث على التفاؤل والإشراق. للتوضيح، فإن تقريرًا من المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية يزعم أن الولايات المتحدة الأمريكية سبق وقد دخلت حالة ركود اقتصادي في أواخر عام 2021، وإضافة إلى ذلك، يشير التقرير إلى مؤشرات خطر مهمة كانت قد قوبلت بالتجاهل قبل الركود الكبير.

12 إشارة تدل على الركود

يوجد 12 سبب للركود:

  •  فقدان الثقة في الاستثمار والاقتصاد.
  •  معدلات فائدة عالية.
  •  انهيار في سوق الأسهم.
  •  هبوط في أسعار ومبيع المنازل.
  •  تراجع الطلب على عملية التصنيع.
  •  رفع القيود.
  •  الإدارة السيئة.
  •  ضوابط الأجور والأسعار.
  •  التباطؤ في مرحلة ما بعد الحرب.
  •  أزمات الائتمان.
  •  انفجار فقاعات الأصول.
  •  انخفاض الأسعار.

سيتوقف المستهلكون عن الشراء، وستسرّح المشاريع عمالها عندما تفقد ثقتها في المستقبل، نتيجة لذلك سنواجه حالات مثل الارتفاع في معدل البطالة والتخلف عن سداد القروض والإفلاس.

عادةً ما تسبب الصدمة نوعًا من الذعر في ردات الفعل، وصدمات مثل الانهيار في سوق الأسهم، وضوابط الأجور والأسعار، وانهيار فقاعة في الأصول، ورد فعل غير متوقع على عمل الحكومة، كرفع القيود أو زيادة في أسعار الفوائد. إضافة إلى ذلك، فإن سلوكيات المشاريع سيكون لها تأثير أيضًا، كالإدارة السيئة للمشاريع أو أزمات الائتمان.

قد يُخيف الانهيار المستهلكين، إذ يتفاعلون معه بخفض معدلات شرائهم، ما يحفز حدوث الركود الاقتصادي. ويقيد الانهيار التمويل للشركات الجديدة، ما يدفعهم لبيع أسهمهم من أجل توفير التمويل الذي يحتاجونه لنمو شركتهم.

سيستمر سوق الأسهم في الهبوط إلى أن تُستعاد الثقة مجددًا فيه، من دون ذلك سنكون أمام سوق هابط في حال انخفاضه أكثر من 20%. علاوًة على ذلك، هذا الغياب الشديد للثقة كافٍ أيضًا لإحداث الركود.

السبب الذي أدى إلى الكساد العظيم

رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة عندما وجب عليه خفضها خلال فترة الكساد الكبير، إذ كان يحاول حماية معيار الذهب، لكن العالم لم يعد يتبع معيار الذهب اعتبارًا من عام 2022، والدولار الأمريكي هو العملة العالمية.

لم يزد الاحتياطي الفيدرالي المعروض النقدي لمكافحة الانكماش كما كان ينبغي أن يفعل. فأجّل المستهلكون إجراء عمليات شراء كبيرة لأنهم لاحظوا أن الأسعار آخذة في الانخفاض، وهذا أدى إلى خفض كبير في الطلب، وتجاهل بنك الاحتياطي الفيدرالي إخفاقات البنوك أيضًا.

الدرس الذي تعلمه الاحتياطي الفيدرالي من الكساد الاقتصادي، هو خفض أسعار الفائدة في أول بادرة لظهور الركود، وهذ ما يضمن امتلاك البنوك لكمية كبيرة من رأس المال لإقراضه.

هل نحن متجهون نحو كساد اقتصادي عظيم ثاٍن؟

ستتغير حياتك بشكل كبير إذا واجهت الولايات المتحدة انكماشًا اقتصاديًا بحجم الكساد الكبير. سيفقد واحد من كل أربعة أشخاص وظيفته، وستنخفض قيمة سوق الأسهم بنسبة 50%، وسيستغرق الأمر عقودًا للتعافي وليس شهورًا.

تسببت جائحة كوفيد-19 في حدوث حالة ركود، لكن من غير المرجح أن تتسبب في حدوث كساد اقتصادي. لأن البنوك المركزية حول العالم تعرف كيفية منعها. لقد خفضوا أسعار الفائدة إلى الصفر ذلك لأنهم متاكدون من أن البنوك لديها رأس مال كاف.

وبعكس السنوات الأولى من الكساد الاقتصادي، استخدم الكونجرس السياسة المالية التوسعية لتخفيف فترات الركود. أرسل قانون (CARES) شيكًا تحفيزيًا بقيمة 1200 دولار أمريكي إلى البالغين المؤهلين الذين يكسبون ما يصل إلى 75000 دولار أمريكي. وقد وسّع الكونجرس أيضًا نطاق استحقاقات البطالة.

أين يجب أن أضع أموالي إذا كان الكساد الاقتصادي محتملًا؟

كان هناك العديد من حالات فشل البنوك خلال فترة الكساد. وهذا ما دفع الناس إلى سحب أموالهم من البنك، في حدث يُعرف بالهروب من البنك. لحسن الحظ، ليس عليك إخفاء أموالك تحت السرير لأن المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، تؤمن 100% من المدخرات وعمليات التحقق وودائع سوق المال.

لذلك أموالك في أمان في البنك طالما أنك ضمن إرشادات (FDIC).

ما هي أسوأ حالة ركود اقتصادي؟

يعد الكثيرون أن الذعر المالي لعام 1873 كان أسوأ حالة ركود اقتصادي، إذ بدأ من خلال سلسلة من الأزمات المصرفية بعد الحرب الأهلية، حين فشل ما لا يقل عن 100 بنك خلال هذا الوقت.

اقرأ أيضًا:

ما هو التضخم المصحوب بركود اقتصادي؟

ما هي نظرية البجعة السوداء في الاقتصاد؟

ترجمة: صقر التركاوي

تدقيق: فاطمة جابر

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر