النهام العصابي السكري حالة خطرة جدًا حين يتعمد المصاب بالنمط الأول من الداء السكري تخطي جرعة الإنسولين الضرورية للحفاظ على مستويات السكر في الدم بهدف فقدان الوزن.

عند الإصابة بداء السكري لا يستطيع الجسم إفراز الإنسولين؛ فيكون غير قادر على الاستفادة من السكر مصدرًا للطاقة؛ فترتفع نسبة السكر في الدم لتخرج بفائض في البول.

يفرز الجسم الكيتونات مصدرًا بديلًا للطاقة عندما لا تتوفر نسبة كافية من الإنسولين، ما يؤدي إلى فقدان الشهية ومن ثم فقدان الوزن، وقد يسبب ذلك ما يعرف باسم الحماض الكيتوني السكري diabetic ketoacidosis؛ الذي قد يؤدي إلى الغيبوبة أو الوفاة.

ما النهام العصابي السكري ؟

النهام العصابي السكري، أو بالإنجليزية diabulimia، ويشار إليه غالبًا بـ (ED-DMT1)؛ وهذا عندما يُشخص مريض السكري من النوع الأول بنوع من اضطرابات الطعام، مثل الشره العصبي bulimia nervosa أو فقدان الشهية العصبي anorexia nervosa.

يسمح شرح السلوكيات المرتبطة باضطراب الطعام لمقدمي الرعاية الصحية بتحديد الحالة وتشخيصها للحصول على العلاج المناسب.

يعد التركيز المفرط من قبل مرضى النمط الأول من الداء السكري على قراءات مستوى السكر في الدم والقيمة الغذائية للطعام، وتخطيط الوجبات وحساب استهلاك الكربوهيدرات ووضع قيود وقواعد على أنواع وكميات الطعام المستهلكة من محفزات الإصابة باضطرابات الطعام.

تقول أودري كولتون، اختصاصية معتمدة في التغذية (RD) ورعاية وتثقيف مرضى السكري (CDCES) في مركز كوهين الطبي للأطفال: «يعاني الفرد المصاب بـ ED-DMT1 بعض الأعراض التي تظهر على الفرد الذي يهمل حالته المرضية (داء السكري) دون أن يكون مصابًا بـ ED-DMT1 بالضرورة، مثل ارتفاع مستويات السكر وهيموغلوبين A1C (الهيموغلوبين المسكر) في الدم».

قد يترتب على ذلك صعوبة تحديد ما إذا كان الفرد يعاني ED-DMT1 أم لا، ومن ثم تصعب معالجته. ولكن من ناحية أخرى هناك بعض العلامات التحذيرية التي قد تساعد أفراد الأسرة وممارسي الرعاية الصحية على استنتاج إصابة الفرد.

اضطرابات الطعام والنمط الأول من الداء السكري

تشير الأبحاث إلى انتشار الإصابة باضطرابات الطعام بين المصابين بالنمط الأول من الداء السكري مقارنةً بغير المصابين به في نفس الفئة العمرية.

وفقًا للجمعية الأمريكية لداء السكري: «تتضاعف احتمالات الإصابة بعادات أكل مضطربة لدى الذين يعانون النمط الأول من الداء السكري». وقد تأتي عادات الأكل المضطربة في صورة تغافل عن جرعة الإنسولين.

من المقدر أن ما يصل إلى ثلث النساء المصابات بالنمط الأول من الداء السكري لا يواظبن على أخذ جرعات الإنسولين، خاصةً اللواتي في الفئة العمرية (15-30 سنة). وذاك خطر جدًا نظرًا إلى أهمية دور الإنسولين في السيطرة على نسبة السكر في الدم لتفادي حدوث مضاعفات قد تؤدي إلى الوفاة.

أعراض النهام العصابي السكري

يمكن تقسيمها إلى جسدية ونفسية وسلوكية.

يؤدي الاستمرار في التغافل عن تناول جرعة الإنسولين إلى فرط سكر الدم Hyperglycemia ما قد يؤدي على المدى القصير إلى الآتي:

  •  فقدان الوزن.
  •  زيادة معدل التبول.
  •  الجوع المفرط.
  •  العطش المفرط.
  •  عدم وضوح الرؤية.
  •  التشوش الذهني.
  •  التعب والخمول.
  •  جفاف البشرة.
  •  تأخر البلوغ.
  •  تساقط الشعر.
  •  اكتئاب وتقلبات مزاجية.
  •  رائحة نفس مشابهة للأسيتون أو الفاكهة (نتيجة إفراز الكيتونات).

ما هو النهام العصابي السكري؟ الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج - ما العلاقة بين النهام العصابي السكري والداء السكري من النمط الأول

قد يتسبب ارتفاع السكر في الدم المزمن في مضاعفات تشمل اعتلال الشبكية Retinopathy (تلف في الأوعية الدموية في شبكية العين) واعتلال الأعصاب Neuropathy وخزل المعدة Gastroparesis وأمراض الكلى والأوعية الدموية، وغير ذلك.

إذا تُرك ارتفاع السكر في الدم دون علاج فترة طويلة قد تظهر العلامات الآتية:

  •  وصول نسبة هيموغلوبين A1C إلى 9.0% أو ما فوق ذلك.
  •  انخفاض نسبة الصوديوم أو البوتاسيوم أو كلاهما.
  •  الجفاف.
  •  الإصابة المتكررة بعدوى المثانة أو عدوى فطرية أو كلاهما.
  •  عدم انتظام الدورة الشهرية أو غيابها لدى المصابات.
  •  خسارة الكتلة العضلية.
  •  الإصابة (أو وشك الإصابة) بنوبات متكررة من الحماض الكيتوني السكري (DKA).
  •  السكتة الدماغية.
  •  تصلب الشرايين.
  •  تنميل اليدين والقدمين نتيجة اعتلال الأعصاب.
  •  زيادة خطر الإصابة بعدوى المكورات العنقودية.
  •  العُرضة لارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم.
  •  ازدياد خطر الإصابة بمرض الشريان المحيطي .Peripheral artery
  •  الغيبوبة.
  •  الوفاة.

قد تشمل الأعراض السلوكية الآتي:

  •  الهوس بمتابعة وزن الجسم والاستخدام المفرط للميزان.
  •  التفكير المفرط في الصورة الجسدية للمرء أو التحدث عنها.
  •  إلغاء المواعيد الطبية.
  •  الكذب في الإعلان عن قراءات مستوى الجلوكوز في الدم وإعطاء قراءات خاطئة.
  •  وفقًا إلى نوع اضطراب الطعام المصاب به مريض النمط الأول من الداء السكري، قد يُلحظ تناوله الطعام بشراهة، ثم إفراغ الأمعاء من طريق التقيؤ المتعمد أو استخدام الملينات، أو الإفراط في ممارسة التمارين الرياضية.

تشخيص النهام العصابي السكري

يجب أن تبدأ الفحوصات من مرحلة ما قبل المراهقة وحتى مرحلة المراهقة المبكرة؛ إذ أن الكثير من سلوكيات الأكل المضطربة تبدأ في تلك المرحلة الانتقالية وقد تستمر عدة سنوات.

تقول أودري: «عند الاشتباه بإصابة مريض السكري بـ ED-DMT1، يجب أن يعلم ذلك طبيب الغدد الصماء، والمختص الاجتماعي؛ وبعد ذلك سيحال المريض إلى اختصاصي علم النفس».

تنص الإرشادات السريرية للمعهد الوطني للصحة وجودة الرعاية (NICE) على: «أهمية توسع مختصي الرعاية الصحية لمرضى السكري من النوع الأول في اعتبار احتمالية إصابة مرضاهم باضطرابات الطعام».

الأسباب

يمكن لأي مريض سكري من النوع الأول الإصابة بـ ED-DMT1.

تقول أودري: «خلال ممارستي السريرية، شهدت على أن هذا الاضطراب شائع لدى الفتيات ولكنه أيضًا قد يصيب الذكور».

وكما هو الحال في الكثير من الأمراض المزمنة قد توجد علاقة متبادلة بين الأعراض النفسية والجسدية. تشير إحدى الدراسات البحثية إلى أن من يعانون اضطرابات الطعام (أو يتغافلون عن الإنسولين لفقدان الوزن) قد يعانون أمراضًا نفسية أخرى مثل الاكتئاب أو القلق؛ ما يجعل العلاج أكثر تعقيدًا.

الأنواع

رغم عدم الاعتراف به رسميًا كمرض نفسي فإنه يُشخص كنوع من اضطرابات الطعام.

ويمكن تشخيصه كالآتي:

  •  الشره العصبي: إذا كان المصاب يتناول الطعام بشراهة مع تقييد استخدام الإنسولين.
  •  اضطراب طعام ذو سلوك تطهيري: إذا كانت عادات أكل المصاب طبيعية مع تقييد استخدام الإنسولين.
  • فقدان الشهية العصبي: عندما يقيد المصاب استهلاكه للطعام والإنسولين إلى درجة كبيرة جدًا.
  •  يمكن تصنيف ED-DMT1 أيضًا من اضطرابات الطعام الأخرى (OSFED).

علاج النهام العصابي السكري

لا يوجد حل سريع لعلاج ED-DMT1؛ قد يتطلب تجربة الكثير من الأساليب المختلفة ومجهود كبير من الطرفين (المريض والأطباء المعالجين) لتغيير السلوكيات المضطربة والسيطرة على العوامل المحفزة للاضطراب. ولأنه يتسبب في مضاعفات طويلة وقصيرة المدى فلا بد من إجراء الفحوصات الطبية باستمرار.

يُطلب من مريض داء السكري أن يتبع سلوكيات الرعاية الذاتية للحفاظ على النسب المثالية للسكر في الدم، ولكن عند الإصابة باضطرابات الطعام قد تخرج الأمور عن السيطرة. ولذلك من الضروري المتابعة المستمرة مع فريق أطباء متعدد التخصصات يشمل طبيب غدد صماء واختصاصي تغذية معتمد متخصص في داء السكري واضطرابات الطعام، ومختص نفسي.

تشير NEDA إلى أن العلاج يتمثل في الحرص على حصول المريض باستمرار على الحد الأدنى من جرعة الإنسولين، وتناول ما يكفي من الطعام للحفاظ على وزن صحي، وعدم الانخراط في سلوكيات تطهيرية مثل التقيؤ واستخدام الملينات، التي تخل بتوازن الشوارد في الجسم. قد تستدعي بعض الحالات دخول المستشفى حتى تستقر جسديًا ونفسيًا.

تقول سوزان وينر: «إذا لم نستمع إلى المريض ونلاحظ ما يمر به؛ قد نتسبب في تعزيز سلوكيات اضطراب الأكل، إن توجيه كامل التركيز على المريض وعدم إصدار الأحكام أو الانتقادات في حقه، والإنصات جيدًا إلى ما يقوله؛ تعد أمور حاسمة يجب أن تتوفر لدى ممارسي الرعاية الصحية».

تشير أودري إلى: «إنه لن يساعد مجرد التأكيد على ضرورة التحكم في داء السكري وشرح مضاعفات التغافل عن الإنسولين للمريض ولكنه على النقيض قد يحفز الاضطراب». وعبرت عن: «أهمية التركيز على الأهداف الصغيرة وإعادة توجيه تركيز المرضى بعيدًا عن أجسامهم».

تقول جينا هيمويتز، حاصلة على دكتوراه وأستاذة مساعدة إكلينيكية في جامعة ستونيبروك: «يمكن للاختصاصيين النفسيين المساعدة على تحديد ما إذا كان المصابون بالسكري وأعراض اضطرابات الطعام معًا سيستجيبون إلى بعض التدخلات النفسية المتاحة المدعمة نتائجها بالأدلة». إضافةً إلى تدريبهم على اتباع استراتيجيات سلوكية إدراكية من أجل تطوير علاقة صحية مع الأكل والجسد، ومعرفة كيفية التعامل مع الضغوطات التي تصاحب الإصابة بمرض مزمن، ومساعدتهم على الالتزام باتباع السلوكيات الصحية اللازمة للسيطرة على داء السكري؛ كتناول جرعات الإنسولين الضرورية.

تقول جينا: «قد تشمل تلك الاستراتيجيات ممارسة التأمل والاسترخاء، وتنظيم أنشطة ممتعة».

مواجهة المرض

يعد تقبل حالة الفرد لنفسه واستعداده لطلب المساعدة خطوةً مهمة في رحلة التغلب على الاضطراب.

يعمل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) على تغيير طريقة التفكير ومن ثم سلوك الفرد. فمن المهم التعمق في الصراع الذاتي وتقبل فكرة أن التخلي عن المثالية جزء من العلاج.

تقدم كذلك مجموعات العلاج الجماعي (Group therapy) الدعم من أفراد آخرين مصابين بنفس الحالة.

تقول جينا: «قد يكون الدعم الاجتماعي ذا منفعة كبيرة، في مجموعات تركز على السلوكيات المعززة للصحة بدلًا من تلك التي تركز على الحميات الغذائية والصورة الجسدية، من المهم أيضًا البحث عن المجموعات التي تشمل أفرادًا في مراحل مختلفة من التعافي».

يمكن للعلاج الأسري (FBT) أن يكون وسيلةً نافعة للآباء الذين يعاني أحد أفراد أسرتهم من الاضطراب.

تؤثر العائلة والأصدقاء كثيرًا في العلاج، خصوصًا إذا كانوا مثقفين فيما يتعلق باضطرابات الطعام والنمط الأول من الداء السكري. يساعد فهم ما يمر به الشخص المصاب بـ ED-DMT1 على استيعاب تصرفاته.

تقول جينا: «ينبغي على أفراد الأسرة والأصدقاء محاولة تجنب تركيز الحديث على الوزن وشكل الجسم والطعام أو الحميات الغذائية، يشمل ذلك أيضًا تجنب المجاملات التي تركز على الجسد، وعليهم الحرص على الإنصات وإبداء التقدير بدلًا من أداء دور الناصح».

اقرأ أيضًا:

الحمية الغذائية الملائمة لمرضى النوع الأول من الداء السكري

فقدان الشهية العصبي، خوف مبالغ فيه أم مرض مدمر؟

ترجمة: سامية الشرقاوي

تدقيق: لبنى حمزة

المصادر: 1 2