غالبًا ما تُصَور أنوية الذرات في الكتب على شكل كرات، لكن اتضح أنها نادرًا ما تكون كروية.

منذ أن قُدمت نواة الذرة في 1911، افترض الفيزيائيون ببساطة أنها مستديرة. لكن هل أنوية الذرات كروية بالفعل؟

هذا الشكل معقول بديهيًا، واعتقد الفيزيائيون أن هذا يفسر على نحو ملائم القياسات المبكرة للخواص النووية، لم يبدأ ظهور الدليل الأول لتصور أعقد إلا بعد سنوات.

أولًا، لنستكشف تركيب الذرة، النواة مكونة من مجموعة من البروتونات والنيوترونات في مركز الذرة، وهي أصغر من حجم الذرة بـ 10,000 مرة، رغم احتوائها أغلب كتلة الذرة، النواة ذاتها ليس لها تأثير ملحوظ على خواص الذرة للوهلة الأولى، فما يحدد كيمياء الذرة هو ترتيب الإلكترونات، في حين تظهر الخواص الفيزيائية نتيجة تفاعلها مع الذرات الأخرى.

بالتوازي مع فكرة أغلفة الإلكترونات في الفيزياء الذرية، اقترح العلماء عام 1949 النموذج الغلافي للنواة: تقع البروتونات والنيوترونات في أغلفة نووية متمايزة، ويؤدي إدخال طاقة إضافية إلى إثارة الجسيمات لتقفز لأعلى أو لأسفل بين مستويات الطاقة الثابتة.

لكن فيما بعد، اتضح أن معظم سلوك النواة يوصف بما يسمى بالسلوك الجمعي، فهي تتصرف مثل جسم متماسك. النتيجة هي أنه يمكن للنواة أن تُظهر نوعين من الخواص: أن تدور أو أن تهتز.

ربما تحدد الطرق الطيفية الدوران في معظم الجسيمات، وقياس بصمة مستويات الطاقة الدورانية المختلفة، لكن الأجسام الكروية تبدو متماثلة مهما كان اتجاه دورانها، لذا فإن أنظمة غاية في التماثل كالذرات، لا تولد طيفًا.

«الطريقة الوحيدة التي قد ترى بها دليلًا على دوران النواة هي تشوه النواة. اتضح أن للنواة أنماط إثارة معروفة بالحزم الدورانية، ما يشير إلى تشوه النواة».

منذ هذا الاكتشاف المذهل في الخمسينيات، كشفت التجارب عن مجموعة كبيرة من الأشكال النووية، من ثمار الكمثرى إلى حبات الحلوى. كانت الكروية استثناءً على الأغلب وليست القاعدة، فتقريبًا 90% من الأنوية على شكل كرة القدم الأمريكية، يطلق عليها تقنيًا مشوهة متمددة. في أدنى حالات طاقتها، من المدهش أن قلة منها تأخذ العكس وهو كرة مسحوقة، شكل يشبه إم أند إمز وتسمى مشوهة مفلطحة.

«نحن لا نعلم لماذا يبدو هذا الشكل المتطاول أكثر تفضيلًا عن الشكل المفلطح، بعض الأنوية أيضًا لها عدة أشكال لذلك يمكنها أن تُظهر واحدة في الحالة الأرضية، ومن ثم تضع أنت بعض الطاقة فيها و تتشوه إلى شكل آخر».

شكل الكمثرى الأكثر غرابة للنواة محدود في مناطق معينة في الرسم النووي، خاصةً حول الراديوم، في حين تقتصر الأنوية الكروية عمومًا على الذرات ذات الأغلفة الكاملة للجسيمات النووية، لكن ما سبب التشوه؟

«من البديهي أن الشكل الأساسي لجسم غير محفز أو مشدود ينبغي أن يكون كرويًا. لكن فعليًا في حالة النواة، من المفاجئ كون أي منها كروي لأنها تخضع لقوانين ميكانيكا الكم».

معادلة شرودنجر، أحد أهم المبادئ في ميكانيكا الكم، تتوقع رياضيًا كيف ستتغير دالة موجة جسم في الزمن، فتوفر طرقًا لتقدير الحركة المحتملة وموقع الجسم، يوفر حلها للنواة الذرية غيمة من الاحتمالات لكل الأماكن الممكنة لها، وبأخذ هذه الاحتمالات معًا يتكون الشكل النووي.

«الحلول الأساسية لمعادلة شرودنجر لا تبدو كروية. تحصل على هذه الأشكال التي تتخذ شكل دائرة، لكنها تبدأ بالتموج. ولأن هذه الحلول الكمومية لدالة الموجة تتميز بعدم التماثل، فإن ذلك يزيد من احتمالية اتجاه الجسيمات في النواة نحو اتجاه واحد».

في حالة الأنوية الكروية النادرة، يتلاشى هذا التموج فجأة، لكن العلماء لم يفهموا السبب بعد: لماذا بعض هذه الأشكال المشوهة أكثر شيوعًا من الأخرى؟

«هذا يقلب الموازين رأسًا على عقب، انعكاس تام عن كيفية إدراك الناس للنواة في الأصل».

اقرأ أيضًا:

باحثون يبتكرون طريقة جديدة لرؤية نواة الذرة ومكوناتها

ما الفرق بين الانشطار النووي والاندماج النووي؟

ترجمة: وليد محمد عبد المنعم

تدقيق: باسل حميدي

المصدر