هي اضطرابٌ مصحوبٌ بنوباتٍ مفاجئةٍ متكررةٍ من الغثيان الشديد، والقيء، والإجهاد البدنيِّ دون سببٍ واضحٍ، وقد تستمر النوبة بدايةً من ساعاتٍ إلى أيامٍ، وقد تكون شديدةً تدفع المريض للمكوث في المنزل لأيام دون الذهاب للمدرسة أو العمل، وقد يحتاج المريض وقتها للعلاج في غرفة الطواريء بالمستشفى أثناء النوبة، وبعد الانتهاء منها يمر المريض بفترةٍ خاليةٍ من الأعراض، تستمر من عدة أسابيع إلى عدة شهور.

ويستمر هذا الاضطراب لشهورٍ، أو سنينَ، أو عقودَ، وكل نوبةٍ تشبه التي سبقتها، مما يعني أن النوبة تبدأ في وقت محددٍ من اليوم، وتستمر لوقت محددٍ أيضًا بالأعراض والحدة نفسها.

ما الذي يسبب تلك المتلازمة؟

على الرغم من عدم معرفتنا للسبب تحديدًا، إلا أن الخبراء يعتقدون أن بعض المشاكل بوظيفة جزءٍ من الجسم تُسْهِم في حدوث تلك الحالة، ومثل هذه المشاكل:

  1. حركة الأمعاء، وطريقة حركة الطعام خلال الجهاز الهضمي.
  2. مشاكلٌ عصبيةٌ بالجهاز العصبيِّ المركزيِّ، بما فيها الدماغ والحبل الشوكي، والأعصاب الطرفية التي تتحكم في استجابات الجسم.
  3. مشاكلٌ في الجهاز العصبي اللاإرادي، الذي يتحكم في الأعضاء الداخلية كالقلب.
  4. اختلالاتٌ هرمونيةٌ.
  5. اختلالٌ جينيٌّ، قد يتوارث الطفل جينًا يؤدي لظهور هذه الحالة.

بعض الحالات المحددة أو الأحداث التي قد تسبق حدوث النوبة:

  1. الإجهاد العاطفيُّ، أو القلق المرضي، أو نوبات الهلع، وتحدث المتلازمة في الأطفال نتيجةَ القلق المتوقع عند اقتراب الامتحان، أو بعض المحافل كأعياد الميلاد، أو الخلافات العائلية أو السفر.
  2. العدوى، مثل عدوى الجيوب الأنفية، وعدوى الجهاز التنفسي، والإنفلونزا.
  3. أكل أصنافٍ محددة من الطعام، مثل الشوكولاتة والجبن، الكافيين والنيترات، ومادة الجلوتاميت أحادي الصوديوم (monosodium glutamate).
  4. الطقس الحار.
  5. الدورة الشهرية لدى السيدات.
  6. دوار الحركة.
  7. الإفراط في الأكل، الصوم لفترة طويلة، أو الأكل مباشر قبل النوم.
  8. الإجهاد البدني الشديد.

ما مدى شيوع متلازمة التقيؤ الدوري؟

يزداد شيوع المتلازمة في الأطفال، بيد أن التقارير تشير إلى زيادة حدوثها في البالغين في السنوات الأخيرة، وتحدث الحالة في ثلاثة من أصل 100 ألفِ طفلٍ غالبًا، بعمرٍ أقلُّ من خمس سنوات.

من أكثر عرضةً للإصابة بالمتلازمة؟

المعرضون بشكل أكبر للإصابة بالمتلازمة، هم الأطفال المصابون بالصداع النصفي، أو الصداع المصاحب للخفقان بشرايين الدماغ، أو الغثيان، والقيء، والحساسية للضوء أو الصوت، فما يقارب الـ 80% من الأطفال يصابون بهذه المتلازمة، و25% من البالغين المصابين بها يصابون أيضًا بالصداع النصفي، والأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بهذه المتلازمة أكثر عرضةً لها، كما أن إدمان الماريجوانا قد يجعل الشخص أكثر عرضةً لها.

ما هي أعراض تلك المتلازمة؟

الأعراض الرئيسة لها، هي: الغثيان والقيء الشديدان، وقد يحدث للمريض أعراضٌ أخرى، مثل:

  1. محاولة القيء.
  2. محاولة إسكات نفسه ومنع القيء.
  3. فقدانٌ للشهية.
  4. ألمٌ بالبطن.
  5. الإسهال.
  6. الحمى.
  7. الدوار.
  8. الصداع.
  9. الحساسية للضوء.

وتختلف حدة تلك الأعراض باختلاف المرحلة التي يمر بها المريض من المرض كالتالي:

  1. المرحلة الابتدائية: يشعر المريض في تلك المرحلة بحالةٍ من الغثيان والقيء على وشك الحدوث، وتتميز بالعرق والغثيان الشديدين، وقد يصحبه ألمٌ في البطن، وتستمر تلك المرحلة من عدة دقائق إلى عدة ساعات، ويظهر فيها المريض شاحبًا.
  2. مرحلة القيء: وفيها غثيانٌ شديد، وقيءٌ، يستمر من 20 إلى 30 دقيقة، قد يتمكن فيها المريض من الحركة، ويستجيب للمؤثرات، أو ربما لا يستجيب، تصاحبه بعض التأوهات والألم الشديد بالبطن، قد تستمر النوبة من ساعات لأيام.
  3. مرحلة الشفاء: تبدأ تلك المرحلة بتوقف القيء والغثيان، ويختلف تحسن الأعراض خلال تلك المرحلة من مريضٍ لآخر، وفيها يستعيد المريض شهيته وعافيته بالتدريج.
  4. المرحلة الأخيرة (مرحلة اللاأعراض): هي مرحلة ما بين النوبات وتحدث دون أعراض.

ما هي مضاعفات التقيؤ الدوري؟

  1. الجفاف: يحدث في المرضى الذين لا يعوضون ما فقدوه من مياه خلال القيء أو الإسهال، والجفاف يعني فقدان كمياتٍ كبيرة من المياه والأملاح التي تحتوي على عناصرَ مهمةٍ لوظائف الجسم، كالصوديوم والبوتاسيوم والكلوريد، وقد يحتاج صاحب الجفاف الحاد إلى حقن سوائل بالوريد، والعناية الطبية بالمستشفى.
  2. التهابات المريء: ويحدث نتيجة أحماض المعدة التي تؤذي المريء أثناء صعودها من المعدة إليه خلال القيء.
  3. تمزق مالوري فايس Mallory-Weiss tear)): وهو تمزق يحدث في المنطقة السفلى من المريء بسبب القيء الشديد، فإذا أصيب المريض بالتبرز المصحوب بالدم عليه أن يسعى للعناية الطبية العاجلة.
  4. تسوس الأسنان نتيجة حمض المعدة.

عليك السعي لرؤية الطبيب عند الشعور بأعراض الجفاف الشديد، مثل:

  1. العطش الشديد.
  2. البول الداكن.
  3. عدم انتظام التبول.
  4. الدوار أو الشحوب.
  5. جفاف الجلد.

والأطفال وذوو المناعة الضعيفة هم الأكثر عرضةً لحدوث الجفاف؛ لذلك يجب العناية بهم جيدًا، خاصةً من لا يتمكنون من التعبير عن أعراضهم، مثل:

  • جفاف الفم واللسان.
  • غياب الدموع عند البكاء.
  • عدم تبليل حفاضات الأطفال الصغار.
  • النعاس المستمر.
  • الحمى.

إذا ترك الجفاف الشديد دون علاجٍ فإنه يؤدي لمشاكل صحيةٍ خطيرة، كتلف الأعضاء أو الإغماء، أو حالاتٍ تشبه النوم، يفقد فيها الشخص وعيه.

كيف يتم تشخيص متلازمة التقيؤ الدوري؟

لا يوجد اختبارات محددة لتشخيص تلك الحالة؛ وتشخص عن طريق استبعاد الحالات الأخرى التي تتشابه معها في الأعراض، وذلك بالاعتماد على:

  • تاريخ العائلة الطبي.
  • الفحوصات البدنية.

دورية الأعراض أو سماتها، فقد يشك الطبيب في وجود متلازمة التقيؤ الدوري في البالغين إذا استمر الآتي لمدة 3 أشهر على الأقل، وكان ظهور الأعراض منذ 6 أشهر:

  • أن تكون كل نوبة من هذه الحالة مشابهة لسابقتها، بمعنى بدئها في نفس الوقت واستغراقها لنفس المدة.
  • ثلاث نوبات أو أكثر بالعام الماضي.
  • غياب الغثيان والقيء في الفترات بين النوبات.

أما في الأطفال فيجب أن يحدث الآتي:

  1. حدوث خمس نوبات منفصلة على الأقل، ثلاثة منهم حدثوا على مدى 6 أشهر.
  2. أن يكون لدى الطفل حالة شديدة من الغثيان والقيء تستمر من ساعةٍ على الأقل إلى عشرة أيام، وتنفصل بأسبوع واحدٍ على الأقل.
  3. أن يكون لديه نوبات تتشابه مع بعضها من حيث بدئها في الوقت نفسه واستغراقها للمدة نفسها.
  4. أن يقيء الطفل أربع مرات في الساعة خلال النوبة لمدة ساعة واحدة على الأقل.
  5. ألا يكون القيء بسبب حالة أخرى.
  6. غياب الغثيان والقيء بين النوبات.
  7. اختبارات الدم؛ لقياس مدى الجفاف أو أي مشاكل أخرى.
  8. تحليل البول؛ لاختبار وظائف الكلية واستبعاد أمراضها.
  9. الأشعة.
  10. مناظير الأمعاء.

غالبًا ما تحدث هذه الحالة نتيجة الآتي:

  1. ضعف عضلات المعدة، مما يبطء من تحرك الطعام إلى الأمعاء.
  2. التهابات المعدة والأمعاء.
  3. يصعب تشخيص متلازمة التقيؤ الدوري دون رؤية الطبيب، ويشك الطبيب في الإصابة بهذه الحالة إذا تكررت النوبات كما ذكرنا.

الأشعة والفحوصات الأخرى:

فحص الأمعاء بأشعة إكس: لا يجب على المريض أن يأكل أو يشرب لمدة 8 ساعات قبل الفحص، وأثناء العملية يقف المريض أو يجلس أمام جهاز أشعة إكس، ويشرب الباريوم، أما الأطفال فينامون على طاولةٍ، ويعطيهم الطبيب الباريوم عبر أنبوب يمر خلال أنفهم إلى المعدة، فيغطي الباريوم بطانة الأمعاء، مما يظهر أي انسداد بالأمعاء أو أي مشكلةٍ أخرى محتملٌ أنها سببٌ للقيء في الأشعة، وقد يشعر المريض بالغثيان لفترةٍ وجيزةٍ بعد الفحص، ويُظهر فحص الأمعاء العليا مشاكلَ أخرى قد تسبب القيء مثل التقرحات أو الانسدادات.

فحص البطن بالموجات فوق الصوتية: يستخدمه الطبيب لفحص الأعضاء الداخلية، وفيه يستخدم الفني جهازًا، يسمى الموصل، يصدر موجاتٍ صوتيةً غير مؤلمةٍ، مما يساعد في صنع صورةٍ لتركيب الأعضاء الداخلية، وتقام هذه العملية في المستشفى أو عيادة الطبيب المختص دون الحاجة للتخدير، وتساعد في ظهور الاضطرابات التي قد تسبب الحالة، مثل حصوات المرارة.

مناظير الأمعاء العليا: تستخدم هذه التقنية منظار، وهو أنبوبٌ مرنٌ مزودٌ بمصدرٍ للضوء؛ لرؤية المنطقة العليا من الأمعاء، ويقوم أخصائي الجهاز الهضمي بهذا الفحص في المستشفى، ويُعطى المريض سائلًا مخدرًا للغرغرة أو للرش في الجزء الخلفي من حلقه، وتقوم الممرضة بوضع إبرةٍ داخل الوريد؛ لإعطاء المريض منومًا أو مخدرًا، مما يساعده على الراحة والاسترخاء، ومن ثم يُدخل الأخصائي هذا الأنبوب بحذرٍ في المريء، ثم في المعدة، وصولًا للإثنى عشر، والأنبوب مزودٌ بكاميرا تنقل الصورة في شاشةٍ أمام الأخصائي، مما يمكنه من رؤية بطانة الأمعاء بشكلٍ واضحٍ، ويمكننا هذا الفحص من رؤية الاضطرابات التي قد تسبب المتلازمة كالتقرحات في بطانة الأمعاء وغيرها، كما تمكننا من أخذ عيِّنةٍ من بطانة الأمعاء؛ لفحصها تحت الميكروسكوب.

فحص تفريغ المعدة: وفيه يأكل المريض وجبةً خفيفةً- البيض مثلًا-، أو وجبة تحتوي على مادة مشعة، ويقوم الفني بإجراء هذا الفحص في المستشفى أو مركز الأشعة، ثم يقوم بتفسير النتائج دون الحاجة للتخدير، وتُستخدم كاميرا خارجية لمسح السطح الخارجي للبطن؛ لتحديد مكان المادة المشعة، ثم يحسب أخصائي الأشعة معدل تفريغ المعدة في الساعات 1،2،3 والرابعة بعد الوجبة.

كيف تُعالج متلازمة التقيؤ الدوري؟

يُنصح المريض بنيل قسطٍ من الراحة، وبعض الأدوية لمنع نوبات القيء، ويعتمد نوع العلاج على المرحلة التي يمر بها المريض:

1- المرحلة الابتدائية: يكون الهدف من العلاج في تلك المرحلة هو منع النوبة قبل أن تزيد حدتها، أو منع تحولها لمرحلة القيء، بالرغم من أن البعض لا يدركون أنهم مقبلون على نوبة القيء، وتكون الأدوية المقترحة هي:

  • أونداسيترون ondansetron (زوفران Zofran)، أو لورازيبام lorazepam (أتيفان Ativan) لعلاج الغثيان.
  • إيبوبروفين مسكنًا لآلام البطن.
  • رانيتدين ranitidine (زانتاك Zantac)، أو أوميبرازول omeprazole للتحكم في أحماض المعدة.
  • سوماتريبتان (إيميتريكس Imitrex) للرش بالأنف أو كحبوب تحت اللسان لعلاج الصداع النصفي.

2- علاج فترة القيء: عند الوصول لمرحلة القيء يجب استدعاء الطبيب مباشرة، ويحتاج العلاج للبقاء في السرير في غرفة مظلمة هادئة، وقد يأخذ الطبيب الإجراءات التالية:

  • أدويةٌ للتحكم في الألم والتوتر وتقليل أحماض المعدة.
  • مضادات الصداع النصفي مثل سوماتريبتان.
  • الحجز بالمستشفى لحالات الغثيان والقيء الشديدين.
  • سوائلٌ للحقن بالوريد، وأدويةٌ لمنع الجفاف وعلاج الأعراض.
  • مغذياتٌ للحقن بالوريد قد تستمر لعدة أيام.

3- علاج فترة الشفاء: التغذية والشرب جيدًا لتعويض ما فقده المريض من عناصر، وقد يحتاج المريض سوائل للحقن بالوريد لمدة من الوقت، وتعود الشهية للبعض خلال هذه المرحلة، بينما يحتاج البعض الآخر لفترة أطول من الزمن، وقد توصف الأدوية لمنع حدوث نوباتٍ أخرى خلال هذه المرحلة.

4- مرحلة اللاأعراض: توصف الأدوية لمنع حدوث نوبات أخرى خلال هذه المرحلة، وقد يتناول المريض الدواء يوميًا لمدة شهر أو شهرين قبل أن تقيَم حالته، إذا كان سيجدي في منع حدوث نوبات مستقبلية، وقد يصف الطبيب هذه الأدوية للأطفال والبالغين لمنع المتلازمة وتقليل حدتها:

  • أميتربتايلين amitriptyline (إلافيل Elavil).
  • بروبرانولول propranolol (إندرال Inderal).
  • سيبروهيبتادين cyproheptadine (بيرياكتين Periactin).

كيف يمكن تجنب متلازمة التقيؤ الدوري؟

يجب على المريض أن يبتعد عن محفزات تلك الحالة بالإضافة إلى:

  • الحصول على قسط من النوم.
  • علاج الحساسية والتهابات الجيوب الأنفية.
  • تقليل القلق والتوتر والإجهاد.
  • البعد عن الطعام المسبب للقيء.
  • وقد يصف الطبيب علاجًا للتغلب على الإجهاد والضغوط العصبية، كما قد يصف علاجًا لحالة الصداع النصفي.

التغذية، الحمية، والأكل:

خلال المرحلة الابتدائية أو مرحلة القيء من متلازمة التقيؤ الدوري، يأخذ المريض القليل من الغذاء بوساطة الفم، وخلال مرحلة الشفاء، يشعر المريض بالجوع بمجرد توقف القيء، فيعود للأكل بمراقبةٍ من أسرته؛ كي لا يعود له شعور الغثيان مرة أخرى.

في مرحلة اللاأعراض، الحمية المتوازنة والوجبات المنتظمة من الأمور المهمة، ويجب الابتعاد عن كل محفزات القيء، وأكل الكربوهيدرات البسيطة في الأطعمة السريعة بين الوجبات، وقبل التمرين، وعند النوم، مما يساعدهم في منع أي نوباتٍ مستقبلية، ويساعد الطبيب في عودة الحمية المنتظمة ثانية.


  • المترجم: محمد إيهاب
  • المدقق: رجاء العطاونة
  • تحرير: جورج موسى
  • المصدر