أظهر بحث جديد في جامعة كولورادو بولدر أن الممارسة اليومية مدة 5 دقائق لهذا التمرين الذي وُصف بـ «تدريب القوة لعضلات التنفس» يخفض ضغط الدم ويحسن بعض مقاييس صحة الأوعية الدموية بنفس الفعالية عند ممارسة التمارين الهوائية أو أخذ الأدوية.

تقدم الدراسة، التي نُشرت في 29 يونيو في مجلة منظمة القلب الأمريكية، أقوى دليل حتى الآن على أن المناورة عالية الكفاءة المعروفة بـ «تدريب قوة العضلات الملهمة عالية المقاومة» أو IMST قد تؤدي دورًا أساسيًا في مساعدة كبار السن على حماية أنفسهم من أمراض القلب والأوعية الدموية.

في الولايات المتحدة وحدها، يعاني 65% من البالغين بأعمار فوق الـ 50 سنةً ضغط دم أعلى من المعدل الطبيعي، ما يجعلهم معرضين بصورة أكبر للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية. ومع ذلك، فإن أقل من 40% منهم يمارسون التمارين الهوائية الموصى بها.

يقول الباحث الرئيسي دانيال كريغيد، أستاذ وباحث مساعد في قسم علم وظائف الأعضاء التكاملي: «توجد الكثير من استراتيجيات الحياة التي نعلم أنها قد تساعد الناس على الحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية مع تقدمهم في العمر. ولكن الحقيقة هي أنها تستغرق الكثير من الوقت والجهد وقد تكون باهظة الثمن وقد يصعب على بعض الناس الوصول إليها، في حين من الممكن القيام بتمارين الـ IMST في غضون خمس دقائق في المنزل في أثناء مشاهدة التلفاز».

طوّرت هذه التمارين في الثمانينيات لمساعدة مرضى الجهاز التنفسي المصابين بأمراض خطيرة على تقوية عضلة الحجاب الحاجز وعضلات التنفس الأخرى. تتضمن الـ IMST القيام بالاستنشاق بقوة من خلال جهاز محمول باليد يوفر المقاومة المطلوبة.

تخيل أنك تمتص بقوة من خلال أنبوب يمتص بالجهة المعاكسة.

في البداية، عند وصفها من أجل اضطرابات التنفس، أوصى الأطباء باتباع نظام 30 دقيقةً في اليوم مع مقاومة خفيفة. أما في السنوات الأخيرة، كان كريغيد وزملاؤه يختبرون وجود بروتوكول آخر أكثر كفاءةً – الاستنشاق 30 مرة يوميًا بوجود مقاومة عالية مدة ستة أيام في الأسبوع – قد يعطي تحسنًا في أداء القلب والأوعية الدموية وكل الوظائف المعرفية والرياضية.

أما بالنسبة إلى الدراسة الجديدة، وظف الباحثون 36 شخصًا من البالغين الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم 50 – 79 عامًا ممن يعانون ضغط دم انقباضي فوق المعدل الطبيعي (120 ملم زئبقي أو أكثر). نفّذ نصفهم تعليمات الـ IMST عالي المقاومة مدة ستة أسابيع، بينما نفّذ النصف الآخر تعليمات بروتوكول بديل إذ كانت المقاومة أقل بكثير.

بعد مرور ستة أسابيع، أظهرت مجموعة الـ IMST انخفاضًا في ضغط الدم الانقباضي بمقدار تسع نقاط في المتوسط، وهو يتجاوز الانخفاض الذي حُقق من المشي مدة 30 دقيقةً يوميًا لخمسة أيام في الأسبوع. يعادل هذا الانخفاض أيضًا تأثيرات بعض الوصفات الدوائية المخصصة لخفض ضغط الدم. وحتى بعد مرور 6 أسابيع من ترك المجموعة لتعليمات الـ IMST، فقد حافظت هذه المجموعة على معظم التحسن الذي وصلت إليه.

يضيف كريغيد: «وجدنا أنها ليست فقط أكثر كفاءةً بالوقت مقارنةً ببرامج التمارين التقليدية، بل إنها قد تكون ذات فوائد تدوم وقتًا أطول».

شهدت مجموعة العلاج أيضًا تحسنًا بنسبة 45% في وظيفة بطانة الأوعية الدموية، أو قدرة الشرايين للتوسع عند التحفيز، إضافةً إلى تحسن ملحوظ في مستويات أكسيد النيتريك، الذي يمثل جزيئًا أساسيًا لتوسيع الشرايين ومنع تراكم الترسبات، إذ تنخفض مستويات أكسيد النيتريك بصورة طبيعية مع تقدم العمر.

كذلك في مجموعة الـ IMST، كانت علامات الالتهاب والإجهاد التأكسدي أقل بصورة ملحوظة، التي قد تزيد من خطر الإصابة بنوبات القلب. ومن اللافت للنظر أن أعضاء مجموعة الـ IMST أكملوا 95% من الجلسات.

يقول كبير الباحثين دوج سيلز Doug Seals، الأستاذ المتميز في علم وظائف الأعضاء: «حددنا شكلًا جديدًا من العلاج يمكنه تخفيض ضغط الدم دون إعطاء الناس مركبات دوائية ومع التزام أعلى بكثير من التمارين الهوائية. إنه لأمر جدير بالملاحظة».

قد تكون هذه المعالجة الجديدة مفيدة خاصةً للنساء بعد سن اليأس. ففي بحث سابق، أظهر مختبر سيلز أن النساء بعد سن اليأس اللواتي لا يتناولن حبوب الإستروجين لا يجنين الكثير من الفوائد من برامج التمارين الهوائية مثل ما يستفيد الرجال منها عندما يتعلق الأمر بوظيفة بطانة الأوعية الدموية. أما الدراسة الجديدة فقد أظهرت أن الـ IMST قد حسنت وظيفة بطانة الأوعية الدموية عند النساء كما هو الأمر عند الرجال.

يقول كريغيد: «إذا لم تحسن التمارين الهوائية من هذا المقياس الرئيسي لصحة القلب والأوعية الدموية عند النساء بعد سن اليأس، فإنهن بحاجة إلى نمط حياة آخر يساعد على ذلك. وهو ما يمكن أن تفعله الـ IMST».

تشير النتائج الأولية إلى أن الـ IMST قد حسنت أيضًا بعض مقاييس وظائف الدماغ واللياقة البدنية. وقد أظهرت دراسات سابقة لباحثين آخرين أنها يمكن أن تكون مفيدة لتحسين الأداء الرياضي.

يقول كريغيد، الذي يستخدم الـ IMST في تمارين الماراثون: «عند الجري في الماراثون، فإن عضلات الجهاز التنفسي تتعب وتسرق حصة العضلات الهيكلية من الدم. الفكرة تكمن بأنه عند اكتساب القدرة الكافية على التحمل بالنسبة لعضلات الجهاز التنفسي، فلن يحدث ذلك ولن تتعب الساقان بهذا الشكل».

يقول سيلز إنهم غير متأكدين تمامًا كيف تؤدي مناورة تقوية عضلات التنفس إلى تخفيض ضغط الدم ، إلا أنهم يشتبهون في أنها تحفز الخلايا المبطنة للأوعية الدموية على إنتاج المزيد من أكسيد النيتريك، ما يسمح لها بالاسترخاء.

منحت المعاهد الوطنية للصحة مؤخرًا أربعة ملايين دولار لسيلز من أجل إطلاق دراسة أكبر لنحو 100 شخص، بمقارنة مباشرة بين بروتوكول 12 أسبوعًا IMST وبرنامج التمارين الهوائية.

وفي الوقت نفسه، تعمل مجموعة البحث على تطوير تطبيق للهواتف الذكية لتمكين الناس من تنفيذ البروتوكول من المنزل باستخدام الأجهزة المتاحة تجاريًا.

يجب على أولئك الذين يفكرون في ممارسة الـ IMST استشارة طبيبهم أولًا. إلا أنها حتى الآن قد أثبتت أنها آمنة، بحسب ما قالوا. ويضيف كريغيرد: «من السهل القيام بها، إنها لا تستهلك الكثير من الوقت، ونعتقد أن لها إمكانية كبيرة لمساعدة الكثير من الأشخاص».

اقرأ أيضًا:

ما أسباب ألم الصدر في أثناء التنفس؟

ما هو معدل التنفس الطبيعي عند البالغين والأطفال ؟

خمس عشرة طريقة طبيعية تساهم في تخفيض ضغط الدم

ترجمة: وائل المشنتف

تدقيق: لبنى حمزة

المصدر