إيطاليا تبهر العالم: أطول جسر معلق يتحدى الزلازل!
منحت الحكومة الإيطالية الموافقة النهائية على بناء جسر مضيق ميسينا، في خطوةٍ تمهد لإنشاء أطول جسر معلق في العالم يزيد طوله قليلًا على ميلين، ليربط البر الرئيسي لإيطاليا بجزيرة صقلية.
يمتد المشروع، الذي تبلغ كلفته نحو 16 مليار دولار ويُموَّل من القطاع العام، عبر المضيق الوعر بسطح جسر معلق متصل بكابلات تمتد بين برجين ارتفاع كل منهما 400 متر تقريبا، في ما وصفه وزير النقل الإيطالي ماتيو سالفيني بأنه "أكبر مشروع للبنية التحتية في الغرب".
وتنقل الكابلات وزن سطح الطريق إلى البرجين، ومنهما إلى الأرض تحتهما. ما يُغني عن الحاجة إلى دعامات إضافية في المياه. ويبلغ الطول الكامل للجسر 3.54 كيلومترًا، سيُعلق منها 3.22 كيلو مترًا.
وإذا اكتمل المشروع، فسيُزيح بسهولة جسر "جاناكالي 1915" في تركيا — البالغ طوله 2.03 كيلو مترًا والمُشيَّد عام 2023 — من صدارة أطول الجسور المعلقة في العالم.
طُرح مشروع الجسر بصيغ مختلفة على مدى عقود بصفته مشروع بناء ملموس بتقنيات حديثة، غير أن الفكرة أقدم من ذلك بكثير. فقد روى بليني الأكبر أسطورة عن جسر مؤقت نُقل عليه فيلة حربية عبر المضيق عام 251 قبل الميلاد.
وكتبت الحكومة الإيطالية في بيان: «يشكّل الجسر جزءًا استراتيجيًا من البنية التحتية لتنمية كلٍّ من ميزوجيورنو والأمة بأكملها، فضلًا عن أهميته الوطنية البارزة في استكمال شبكات النقل عبر أوروبا».
لكن المشروع لا يخلو من معارضين سياسيين يركّزون على كلفته العالية، وتأثيره البيئي، وإزالة 550 منزلًا لإفساح المجال أمامه، فضلًا عن المخاوف من نفوذ المافيا، وقد تعهّدت الحكومة بإبقاء الجريمة المنظمة بعيدة عن المشروع. وتبرز إلى جانب ذلك عقبات عملية عديدة.
أظهرت الأبحاث أن صعوبة الملاحة في الممرّ تعود إلى التقاء خطَّي صدع جعلا المنطقة عُرضة للزلازل ومؤثرة في جيولوجيتها، ومن ثم في هندسة أي جسر محتمل.
ووثّق فريق البحث كيف تحوّل المضيق بمرور الزمن مع انحدار قاع البحر بين الصدوع، مما زاد اضطراب القناة الديناميكية. وكتب الباحثون، بقيادة المؤلفة المشاركة ريبيكا دورسي، أن هذا النمط أدى إلى تضييق تكتوني للممرّ بمرور الوقت نتيجة الهجرة الداخلية للصدوع العادية المواجهة، والارتفاع السريع الناتج عن حركة الوشاح.
وقالت دورسي في بيان سابق: «يجب إدراج تفاعلات الصدوع النشطة وانتقال الإجهاد في تحليل المخاطر الزلزالية. هذا مشهد متغيّر وديناميكي، والمخاطر فيه كبيرة».
إذا نجح المهندسون في تجاوز هذه التحديات اللوجستية، فستشمل الخطة ستة مسارات للسيارات، ومسار طوارئ، ومسارين للخدمة، وأرصفة، ومسارين للسكك الحديدية. وسيرتبط الجسر في النهاية بـ 40 كيلومترًا من الطرق وخطوط السكك الحديدية الجديدة، وثلاث محطات قطارات تحت الأرض (اثنتان في البر الرئيسي وواحدة في صقلية)، إضافةً إلى عشرات الأنفاق، إذ تقع 80% من الطرق الجديدة تحت الأرض، وعشرة جسور علوية. ومن المقرر أن يبدأ البناء الكامل عام 2026، على أن يُفتتح الجسر في 2033.
وصف بييترو ساليني، الرئيس التنفيذي لشركة الهندسة الإيطالية (ويبيلد) التي تتولى المشروع، الجسر بأنه نقلة نوعية للبلاد بأكملها، مضيفًا أن مشروع البنية التحتية الضخم سيمتد عبر مواقع متعددة لتحفيز النمو والتوظيف والنظام في أنحاء جنوب إيطاليا، وسُيجهّز بأحدث تقنيات السلامة والصيانة.
المصادر:
الكاتب
محمد الشرقاوي

ترجمة
محمد الشرقاوي
