إشارة خافتة من فجر الزمان قد تكشف لنا عن أول النجوم في الكون

19 نوفمبر 2025
30 مشاهدة
0 اعجاب

إشارة خافتة من فجر الزمان قد تكشف لنا عن أول النجوم في الكون


 

رُصدت بعض الإشارات الدالة على النجوم السحيقة المضيئة في الكون، وهي إشارات ضعيفة قادمة منذ فجر الزمان. هذه الإشارة الكونية بطول 21 سنتيمترًا، الصادرة عن ذرات الهيدروجين المتعادل التي تملأ الفضاء بين النجوم، وتحديدًا من الفترة التي تلت الانفجار العظيم بمئة مليون سنة، قد تكون مشفرة وتحوي جميع بيانات هذه النجوم. 


تمثل البيانات المرصودة جيلًا جديدًا من معلومات تلسكوبات الراديو، التي تتيح لعلماء الفلك معرفة كتل هذه النجوم الأولى في بداية الزمن، ومن ثم الوصول إلى نقطة محورية انطلاقًا من لحظة بدء الكون، خاصةً مع صعوبة الحصول على أي معلومات عن تلك الحقبة. 


 «إنها فرصة فريدة لفهم كيف ظهر أول ضوء في الكون من قلب الظلام. إن الانتقال من كون بارد ومظلم إلى كون ممتلئ بالنجوم هو قصة لا نزال في بدايات فهمنا لها». 


 في البداية، كان كل شيء معتمًا. فالكون الصغير سريع التمدد كان مليئًا بسحابة ضبابية من البلازما الساخنة الكثيفة، التي تحتوي على ذرات ونوى صغيرة وبعض الإلكترونات الحرة. عندما انخفضت درجة الحرارة، تجمعت هذه الجسيمات معًا مكونة الهيدروجين المتعادل والقليل من الهيليوم. لكن لم تكن أي نجوم قد تكونت بعد لذا بقي الكون مظلمًا لفترة. يُعتقد أن النجوم الأولى تشكلت من هذا الغاز المتعادل، ولكن رغم تركيز الجهود، لم نتمكن بعد من تحديد أي نجم من تلك المجموعة الأولى من الأضواء التي بدأت تتلألأ في الظلام. 


 يعتقد بعض علماء الفلك أن السبب يعود إلى أن النجوم الأولى كانت ضخمة جدًا، تفوق كتلة الشمس بآلاف المرات، وكانت أعمارها قصيرة بشكل مذهل. إن نجومًا بهذه الكتلة الهائلة كانت تولد وتموت في لمح البصر على المقياس الزمني الكوني. 


 مثل هذه الخصائص تجعل العثور على هذه النجوم تحديًا في غاية الصعوبة، لكنها ربما خلّفت آثارًا أخرى في الكون. من هذه الآثار هي تلك الإشارة الكونية «إشارة الـ 21 سنتيمتر»، وهي ضوء راديوي خافت جدًا ينبعث من الهيدروجين المتعادل في الفضاء بين النجوم في بدايات الكون، عندما تعكس الإلكترونات اتجاه دورانها. 


التلسكوبات الراديوية، مثل «مصفوفة الكيلومتر المربع (SKA)» الجاري بناؤها في أستراليا وجنوب أفريقيا، وتجربة «تحليل الهيدروجين الكوني بالراديو (REACH)» في جنوب أفريقيا، ستكون قوية بما يكفي لرصد هذه الإشارة الخافتة. عندما تنجح في ذلك، فإن أبحاثًا جديدة قد أوضحت ما يجب البحث عنه لاكتشاف دليل على وجود النجوم الأولى. 


 في جهد بحثي قاده عالم الفلك توماس جيسي-جونز من جامعة كامبريدج ومعهد كافلي لعلم الكونيات، أنشأ العلماء محاكاة لإشارة 21 سنتيمتر، ووجدوا أن للنجوم الأولى تأثيرًا قابلًا للكشف والقياس على هذه الإشارة. أظهرت الدراسة أيضًا شكل هذا التأثير، فعندما تصل البيانات المرصودة، سيعرف العلماء بالضبط ما عثروا عليه. 


«نحن المجموعة الأولى التي تقوم بنمذجة دقيقة لاعتماد إشارة 21 سنتيمتر على كتل النجوم الأولى، متضمنةً تأثير ضوء الأشعة فوق البنفسجية وانبعاثات الأشعة السينية من الأنظمة الثنائية التي تتشكل عندما تموت النجوم الأولى». 


 «تستند هذه الرؤى إلى محاكاة تدمج الظروف الأولية للكون، مثل تركيب الهيدروجين والهيليوم الناتج من الانفجار العظيم». 


عندما تموت النجوم الضخمة، تنهار نواتها تحت تأثير الجاذبية وتتحول إلى أكثف الأجسام في الكون: النجوم النيوترونية والثقوب السوداء. وتنتج هذه الأجسام المتطرفة إشعاعًا قويًا من الأشعة السينية، له تأثير عميق في المادة المحيطة. 


 يقول الباحثون إن الدراسات السابقة التي نمذجت تأثير النجوم الأولى في إشارة 21 سنتيمتر لم تأخذ في الحسبان إشعاع الأشعة السينية. قد لا تتطابق النتائج المستخلصة من النمذجة تمامًا مع الإشارة المرصودة، لكن هذا العمل يقرّب علماء الفلك خطوة كبيرة نحو اكتشافها. 


«للتوقعات التي نقدمها آثار هائلة على فهمنا لطبيعة النجوم الأولى في الكون. أظهرنا دليلًا على أن تلسكوبات الراديو لدينا قد تخبرنا بتفاصيل عن كتل تلك النجوم الأولى، وكيف أن تلك الأضواء المبكرة قد تكون مختلفة تمامًا عن النجوم التي نراها اليوم». 

 


 



المصادر:


الكاتب

أحمد صبري عبد الحكيم

أحمد صبري عبد الحكيم
ترجمة

أحمد صبري عبد الحكيم

أحمد صبري عبد الحكيم
تدقيق

إشراق بن ثاير

إشراق بن ثاير



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة