كيف يمكن لعلماء الفلك معرفة الطقس على الكواكب الخارجية؟

22 أكتوبر 2025
27 مشاهدة
0 اعجاب

  كيف يمكن لعلماء الفلك معرفة الطقس على الكواكب الخارجية؟


نشاهد جميعًا النشرات الجوية في التلفاز وفي أغلب الأحيان تفاجئنا التقلبات التي يرصدها الخبراء، وما يزيد عظمة هذا الإنجاز هو قدرة علماء الفضاء على توقع أحوال الطقس في كواكب تبعد عنا مئات السنين الضوئية، فكيف تسمح التلسكوبات المتطورة بذلك؟


نشرت مجلة نيتشر في يوليو 2025 تقريرًا أصدره علماء الفضاء مفاده أن الكوكب الغازي الضخم الواقع داخل نظام النجم (YSES-1) يمتلك سحبًا ضخمة، ولا تُمطر ماءً بل سيليكا خشنة غنية بالرمال، ويبعد هذا النظام نحو 300 سنة ضوئية عن كوكب الأرض.


لتبسيط علوم طقس الكواكب خارج المجموعة الشمسية، حاورت مجلة كوزموس ديڤيكا كاماث بوصفها عالمة خبيرة ومحاضِرة في مجال الفيزياء الفلكية وعلم الفلك.

ارتباط الأجواء القاسية بالكواكب الساخنة الحديثة


تقول كاماث في ملاحظاتها: «تختلف السُحب الغنية بالمعادن على الكواكب خارج مجموعتنا الشمسية عما نراه، فهي ليست مكونة من الماء وإنما من معادن مكثفة، وجسيمات صلبة جدًا تحتوي مركبات كالسيليكا والحديد في بعض الحالات وأكاسيد الألومنيوم وأكسيد التيتانيوم».


أوضحت أن هذه السحب الغنية بالمعادن لا توجد على أسطح كواكب قديمة أخذت وقتها لتبرد، وإنما توجد عادةً على كواكب حارة تدور حول النجوم الشابة في المراحل المبكرة من تكوين النظام الكوكبي حول النجم، وتسمى الكواكب الساخنة الشبيهة بالمشتري.


أضافت كاماث: «تتكثف هذه المعادن بسبب أجواء شديدة السخونة، وعادةً ما توجد هذه الأجواء الحارة في الكواكب الخارجية العملاقة الشابة، التي تكون ساخنة ولم تتح لها الفرصة لتتطور بعد. كما هو الحال مع تكثف بخار الماء ليصبح أمطارًا على كوكب الأرض، تتكثف المعادن والصخور المتبخرة في الكواكب الخارجية هذه لما يشبه الأمطار من مواد مثل الحديد والسيليكا».


التنوع هو ما يجعل من حياة الكواكب الخارجية مثيرة


وفق كاماث، تتمثل الأجواء القاسية هناك في أمطار من الحديد وعواصف من غبار المعادن، واضطرابات شديدة في الطبقات العليا من الغلاف الجوي. اكتشف علماء الفلك أن بعض الكواكب الخارجية تشهد هطول أمطار مكونة من معادن غريبة، ومن ضمنها الزجاج والكوراندوم (شكل بلوري من أكسيد الألومنيوم يوجد في الياقوت الأحمر والأزرق). ويُعتقد أن الكوكب الخارجي (HAT-P-7 b) الذي يبعد عن الأرض 1040 سنة ضوئية يشهد أمطارًا من الأحجار الكريمة هذه.


تضيف كاماث: «أظن أنه من المثير للاهتمام أن نرى كيف تختلف تركيبة المعادن في سُحب الكواكب الخارجية من كوكب لآخر. ومع أن جميع هذه الكواكب الساخنة شبيهة بالمشتري، فإننا نرى تنوعًا في الكيمياء في سحبها، ما يعني أن الأمر متعلق بكيفية تكوّن هذه الكواكب، وكيفية تكوّن نجمها الأم، ومع هذه السحب الغنية بالمعادن تأتي رياح شديدة السرعة تفوق سرعة الصوت وقد تبلغ 70 ألف كيلومتر في الساعة، وقد رُصِدت مثل هذه الرياح في عدد كبير من الكواكب الخارجية الشابة والحارة».


تشير كاماث أيضًا إلى وجود تنوع حتى داخل نظام (YSES-1)، ومع أنها لم تشارك في الدراسة المذكورة آنفًا، فهي تقول: «في هذا النظام أحد الكواكب الخارجية لديه سحابة معدنية، ولكن الآخر -المشابه له في الحجم والعمر- لا يمتلك سحابة وإنما قرصًا صغيرًا محيطًا به، لذا نحن أمام نظام متنوع وتوجد ديناميكيات كثيرة تحدث في هذا النظام وأظن أن هذا مثير للاهتمام جدًا».


البصمات الكيميائية تروي قصتها


كيف يمكن لعلماء الفلك أن يحددوا نوع المطر المعدني في كوكب خارجي يبعد مئات السنين الضوئية من نقطة ضوء في السماء فقط؟ توضح كاماث أن ذلك يتضمن مزجًا من التكنولوجيا والكيمياء.


يصل الضوء القادم من النجوم البعيدة إلى التلسكوبات على الأرض أو في الفضاء ولون هذا الضوء يحتوي على معلومات حول العناصر الكيميائية الموجودة في النظام، وتُعرف هذه الخرائط الملونة باسم (أطياف الامتصاص).


تشرح كاماث موضحةً: «أطياف الامتصاص هي سِمَة مشتركة بين جميع العناصر الكيميائية لأنها تمتص الضوء بطرائق مختلفة؛ فكل عنصر كيميائي سواء كان عنصرًا نقيًا مثل الكالسيوم أو الكبريت أو الزنك أو جزيئًا مثل أكسيد التيتانيوم أو أكسيد الألومنيوم يمتلك طولًا موجيًا معينًا يظهر فيه، وإذا كان الجزيء معقدًا فلن يُرى خطًا طيفيًا واحدًا بل نطاقًا كاملاً في طيف الامتصاص، وسمة امتصاص السيليكات مثلًا هي نطاق واسع من الامتصاص يبدأ عند 9 ميكرونات وينتهي عند نحو 11 ميكرون».


تركز أبحاث كاماث على أصل العناصر الكيميائية التي تتكون في نوى النجوم قبل أن تموت، وقد تنتهي في أنظمة نجمية جديدة داخل الأسطح التي تُكوِّن الكواكب.

دور التلسكوبات الفضائية


استُخدمت بيانات جيمس ويب الفضائي لدراسة نظام نجم (YSES-1)، وقد وصفت كاماث إنجازات تلسكوب جيمس ويب: «يعمل كل تلسكوب في جزء مختلف من طيف الضوء الكهرومغناطيسي، وكأنه جهاز بصري يكتشف أي شيء يصدر طاقة في الأطوال الموجية الضوئية، لكن إذا أردنا النظر إلى الغبار فلا يمكن رؤيته بالضوء المرئي، وإنما نحتاج إلى الأشعة تحت الحمراء. عند الدراسة بالأشعة تحت الحمراء، نتابع الضوء القادم من نجم أو كوكب فتيّ، ثم يمتص الغبار الضوء جزئيًا ويشتت جزءًا منه، والضوء الذي يمر عبر الغبار يحمل تأثيرات كيميائية لهذا الغبار، ويستطيع تلسكوب جيمس ويب الفضائي بدقته الرؤية في نطاقات الأشعة تحت الحمراء القريبة والبعيدة واكتشاف هذه التأثيرات».


تقول كاماث إن استخدام تلسكوب چيمس ويب الفضائي ليس بالأمر السهل، فالأمر تنافسي جدًا ومكلف، وقد استغرق الحصول على وقت المراقبة أربع سنوات.

 



المصادر:


الكاتب

أحمد صبري عبد الحكيم

أحمد صبري عبد الحكيم
تدقيق

محمد حسان عجك

محمد حسان عجك



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة