وفقًا لدراسة حديثة، كون الشخص من ذوي الدخل الأعلى، لا يعني بالضرورة أنه أذكى من الشخص العادي، إذ سجل الأشخاص أصحاب الدخل المرتفع، درجات أقل في اختبارات القدرة المعرفية مقارنةً بذوي الأرباح الأدنى قليلًا من ذلك.

يرى الباحثون في الدراسة أن سبب استقرار العلاقة بين القدرة المعرفية وارتفاع الأجور بحالة الأجور العالية، يرجع إلى أن الموارد القادمة من الخلفية العائلية للفرد وضربات الحظ في المهن تؤدي دورًا أكبر من الذكاء العام.

يرى فريق من الباحثين من جامعة لينشوبينغ في السويد ومعهد الجامعة الأوروبية في إيطاليا وجامعة أمستردام في هولندا، أن القدرة المعرفية الأفضل تؤدي دورًا أكبر في الأجور الأدنى قليلًا.

قال الباحثون: «وجدنا أن العلاقة بين القدرة المعرفية والأجور قوية عمومًا، ولكن عندما يتجاوز الدخل 60 ألف يورو سنويًا، تستقر القدرة المعرفية عند مستوى متواضع مع انحراف معياري قدره +1، إذ سجل من هم أعلى دخلًا درجة أقل في القدرة المعرفية مقارنةً بأولئك الذين ينتمون إلى الشريحة الأقل منهم مباشرةً بالدخل».

وفقًا لمارك كوشنيج الأستاذ المساعد في معهد علم الاجتماع التحليلي في جامعة لينشوبينج وأستاذ علم الاجتماع في جامعة لايبزيغ، فإن هذه النتيجة تعد مهمة، لأن من هم أعلى دخلًا، يحصلون على أجور عالية تزيد بمرتين عن متوسط الأجر بين 2-3٪.

استندت هذه الدراسة إلى البيانات المسجلة من 59387 رجلًا سويديًا أجروا اختبار التجنيد العسكري وتتراوح أعمارهم بين 18 و19، بالإضافة إلى بيانات الأجور من سجلات السكان السويدية.

مع أن هذه العينة تقيد النتائج فيما يخص الجنسية والجنس، فإنها لا تزال تعد عينة ضخمة نسبيًا وتتضمن تنوعًا في الأجور والمهن.

يقول مارك كوشنيج: «سمحت لنا مجموعة البيانات هذه -لأول مرة- باختبار ما إذا كانت الأجور المرتفعة جدًا تدل على الذكاء الشديد والقدرة المعرفية. لذلك احتجنا إلى بيانات دخل موثوقة تغطي نطاق الأجور بأكمله. لا يزودنا المسح عادةً ببيانات عن مستويات الدخل الأعلى، أما السجلات فتقدم بيانات الدخل الكاملة لجميع المواطنين».

تتحدى النتائج النموذج القياسي الذي يظن كثيرون أننا نعيش وفقه، الذي يعد الأمر معتمدًا على الجدارة، ويُكتسب كل من النجاح ومستويات الدخل الأعلى بفضل الذكاء والموهبة.

عند الوصول إلى أعلى درجات النجاح، تُظهر البيانات أن الذكاء لا يزيد قدر النجاح مع ارتفاع الأرباح عمومًا.

لا يعني كون المرء ذكيًا ودراسته بجد لهما علاقة بالدخل، بل إنه يؤدي دورًا جزئيًا، ولكن عندما نتحدث عن المستويات الأعلى من الدخل، تؤثر عوامل أخرى في الأمر، وتزداد هذه العوامل أهمية مع الزمن.

تتضمن هذه العوامل الخلفية الاقتصادية والاجتماعية للشخص، والثقافة والصفات الشخصية والحظ.

كتب الباحثون: «لا تُلغى فروق النجاح الأولية الصغيرة بين الأفراد مع الوقت، بل تتطور إلى توزيع يخضع إلى قول (الفائز يأخذ كل شيء)، الذي يتميز بعدم مساواة شديدة».

وجدت الدراسة أيضًا، أنه لا تزداد القدرة المعرفية مع ازدياد مستويات الأجر ومكانة العمل. في المهن مثل الأطباء والمحامين والأساتذة، لا ترتبط مكانة المهنة مع الدخل مباشرة.

تُعد أهمية هذا البحث كونه يخبرنا أننا في عالم يصبح فيه الأثرياء أكثر ثراء، ويزداد تأثيرهم في المشهد السياسي العالمي والاجتماعي والاقتصادي.
مَن يجنون مالًا أكثر ليسوا دائمًا الأكثر ذكاء.

أشار الباحثون إلى أنه مع التركيز المتزايد على عدم المساواة الذي يحصل حول العالم، يجب معارضة الحجة القائلة إن الذين يجنون مالًا أكثر يستحقونه أكثر من غيرهم، وتحديدًا ذوي الدخل الأعلى.

كتب أحد الباحثين: «شهدت السنوات الأخيرة العديد من النقاشات الأكاديمية والعامة حول تزايد عدم المساواة. إلى جانب المعيار المهم المتمثل بالجدارة أو القدرة المعرفية، لا نجد دليلًا على أن الذين يشغلون وظائف مرموقة يكسبون عبرها أجورًا غير عادية، يستحقونها أكثر من الذين يكسبون نصف هذه الأجور فقط».

اقرأ أيضًا:

هل يعد الذكاء العالي معيارًا للنجاح؟

الصفات الإحدى عشر المشتركة لأصحاب الذكاء المرتفع

ترجمة: تيماء الخطيب

تدقيق: ميرفت الضاهر

مراجعة: عبد المنعم الحسين

المصادر: 1 2