أوصت منظمة الصحة العالمية بالتطعيم واسع النطاق للأطفال ضد الملاريا في إفريقيا والمناطق الأخرى التي تشهد إصابات مرتفعة بها، ما يُعد إنجازًا كبيرًا في الصراع الطويل ضد هذا المرض المميت.

تُعد الملاريا مرضًا قديمًا موجودًا منذ آلاف السنين، يسببه نوع من الطفيليات ينتقل بواسطة لدغات البعوض. يموت بسببه أكثر من 400 ألف شخص سنويًا حول العالم خاصةً في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ويموت أكثر من 260 ألف طفل دون سن الخامسة سنويًا بسبب الملاريا.

ذكر موقع لايف ساينس حديثًا أن التوصل إلى لقاح فعال للملاريا استغرق وقتًا طويلًا، إذ أظهرت العديد من اللقاحات تأثيرًا طفيفًا فقط.

اللقاح الذي وافقت عليه منظمة الصحة العالمية، المعروف باسم (RTS)، كان نتاج 30 عامًا من العمل على تدعيم الجهاز المناعي ضد المتصورات المنجلية، الطفيليات الأكثر تسببًا للوفيات بالملاريا والأكثر شيوعًا في إفريقيا.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يُعد هذا اللقاح الأول من نوعه، إذ اجتاز التجارب السريرية واسعة النطاق بنجاح وأظهر قدرة ملحوظة على التقليل من الإصابة بالملاريا، متضمنةً الملاريا المهددة للحياة عند الأطفال والشباب في إفريقيا، ويُعد اللقاح الأول الذي يُطور ضد الطفيليات.

صرح مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جابرياسيس في مؤتمر عُقد يوم 6 أكتوبر 2021 :« إنها لحظة تاريخية، فبعد انتظار طويل حقق لقاح الملاريا طفرةً علمية كبيرة، فبه ستتحسن صحة الأطفال وسنسيطر على هذا المرض، ما سينقذ حياة عشرات الآلاف من الشباب سنويًا».

طورت شركة غالاكسو سميث كلاين البريطانية اللقاح بعد سلسلة من التجارب السريرية واسعة النطاق، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية استطاع اللقاح وقاية 4 من كل 10 أطفال تلقوا 4 جرعات على مدار أربع سنوات، أي بفعالية 39%، واستطاع وقاية 3 من أصل 10 حالات من الملاريا الشديدة، أي بنسبة 29%.

أوصت منظمة الصحة العالمية بعد تتبع نتائج التجارب السريرية للقاح بإعطائه في مناطق محددة في غانا وكينيا ومالاوي. منذ 2019 تم تلقيح أكثر من 800 ألف طفل في تلك البلدان.

يُعطى اللقاح في أربع جرعات للأطفال بدءًا من عمر 5 أشهر، ووُجد أنه آمن وقلل الوفيات بسبب الملاريا الشديدة بنسبة 30%، وذلك عند استخدامه في المناطق التي تستخدم المعالجة بالمبيدات الحشرية، إذ تتوفر فرص جيدة للعلاج.

حاليًا، تمت السيطرة على الملاريا في المناطق الموبوءة بواسطة رش المنازل بالمبيدات الحشرية مرة أو مرتين سنويًا، وباستخدام شبكات البعوض المعالجة بالمبيدات الحشرية فوق الأسرّة عند النوم.

وجدت دراسة أخرى أن الأطفال الذين أُعطوا اللقاح بالتشارك مع الأدوية المضادة للملاريا انخفضت حاجتهم إلى الاستشفاء بسبب الملاريا الشديدة بنسبة 70.5%، وانخفض معدل الوفيات بنسبة 72.9%، مقارنةً بالأدوية فقط.

ووجدت دراسة أن اللقاح يقي 5.3 مليون شخص من الإصابة بالملاريا، ويمنع سنويًا 24 ألف حالة وفاة بين الأطفال بعمر 5 سنوات أو أقل.

وفقًا لمجلة نيويورك تايمز يُعد اللقاح استثمارًا جيدًا، إذ ستشتري المنظمة اللقاح للدول المختارة.

توجد لقاحات أخرى للملاريا قيد الاختبار حاليًا، أحدها طوره باحثو جامعة أوكسفورد، وأظهر فعالية بنسبة 77% في التجارب السريرية المبكرة، وهو لقاح الملاريا الوحيد الذي سيحقق أهداف منظمة الصحة العالمية في الوصول إلى فعالية قدرها 75% على الأقل بحلول عام 2030، وقد بدأت التجارب السريرية الواسعة على اللقاح.

أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن اللقاح الجديد مفيد جدًا للسيطرة على الملاريا والمساعدة على تلبية الطلب الكبير المتوقع.

اقرأ أيضًا:

الملاريا أو البرداء

خطوة على طريق التخلص من الملاريا

ترجمة: هادي سلمان قاجو

تدقيق: لبنى حمزة

المصدر