شيئآن أساسيان عليك معرفتهما عن الوبر الذي يتشكل داخل السرة، الأول هو أنه يشار إليه علميًا بـ”وبر السرة” على الرغم من أنه أحيانًا يطلق عليه في المقالات العلمية “زغب السرة”، ثانيًا هو أن وبر السرة يتشكل في منتصف العمر عند الرجال كثيفي الشعر ومن مارسوا مؤخرًا رفع الأثقال.

هذه النتائح توصل إليها باحث في جامعة سيدني يدعى كارل كروزلنسكي، دكتور كارل يعرفه المعجبون عبر برنامج علمي أسترالي يبث عبر الراديو، في إحدى الحلقات راسله أحد مستمعيه ليسأل من أين يأتي الوبر و كيف يتشكل، الأمر الذي أوحى لـ(كروزلنسكي) بفكرة أن يوزع استبيان عبر الإنترنت، والذي أدى به إلى استنتاج أن هذه المحنة يعاني منها الرجال كثيفي الشعر في منتصف العمر.

ولقد تلقى (كروزلنسكي) على بحثه جائزة نوبل في 2002، حيث تم منح وسام شرف للبحث الذي يسمى “في البداية تجعلك تضحك ومن ثم تجعلك تفكر”.

إضافة للاستبيان الذي وزع على الإنترنت فإن (كروزلنسكي) وزملائه قاموا بجمع عينات من متطوعين بإرادتهم، كما طلبوا من البعض حلق شعر البطن حول السرة.

وقد تبين بالفعل أن حلق الشعر حول السرة يمنع من تراكم الزغب، في حين أن أكبر خبراء العالم ليسوا على دراية بالموضوع، الدكتور (كروزلنسكي) وزملائه توصلوا إلى تفسير يشرح أسباب تشكل زغب السرة، على الأقل بشكل منطقي! الشعر الموجود حول سرتك يعمل كآلة للشفط باتجاه واحد ويسرق الخيوط الدقيقة من ملابسك ليودعها في سرتك.

ثياب قديمة يعني وبر أقل

الدكتور (كروزلنسكي) ليس أول من حاول الخوض في موضوع كيف يتشكل وبر السرة في العالم، ففي 2009 نشر باحث في جامعة فينّا للتكنولوجيا ويدعى (جورج ستنهوسر) في (eyebrow-raising journal Medical Hypotheses).

ولسبب لا يعرفه أحد غيره قام (جورج) بجمع زغب سرته كل مساء ولمدة ثلاثة سنوات عند كل مساء، على الرغم من أنه حافظ على نظافته الشخصية بمستوى جيد وذلك بالاستحمام كل صباح إلا أن صرته امتلأت بالزغب عند كل مساء.

جمع (جورج) 503 عينة من سرته، ولم يبلغ وزنها مجتمعةً غرامًا واحدًا.

بالمتوسط، تبلغ كتلة القطعة الواحدة 1.82 ميلي غرام، على الرغم من أن سبع قطع تزن أكثر من 7,2 ميلي غرام، وأضخمها بلغ وزنه 9,17 ميلي غرام.

وكتب (كروزلنسكي) “إن من الواضح أن هذا الزغب ناتج من ألياف قطنية لأن الزغب من نفس لون الكنزة الملبوسة”، وقد جمع وبراً أقل عند ارتداء ملابس قديمة، على الأرجح لأنه تم تنظيفها مسبقاً من الألياف القطنية الطائشة، كما عندما ارتدى ملابس مزررة من الاسفل.

توصل (ستونهوسير) لذات النتيجة التي توصل لها (كروزلنسكي): الشعر المتواجد حول السرة هو المتهم بجمع الزغب، و برهن ذلك أن الشعر نفسه كشط الألياف بالغة الصغر من على الكنزة، ومن ثم وجهها نحو السرة حيث تتراكم، “فيتصرف الشعر كالكلّاب اللاقط “، وحسب قوله “بعد حلاقة الشعر حول سرتي انقطع تجمع الزغب بالسرة بالكامل”.

لكن (جورج) ذهب ببحثه خطوة أبعد للأمام، فلقد قام بتحليل التركيب الكيميائي لعينة وبر السرة التي جمعها بعد أن ارتدى كنزة قطنية 100%، فإذا ما كانت العينة من قطن الكنزة فقط فسيكشف التحاليل أن الوبر مصنوع بالكامل من السللوز، إلا أن ما وجده كان مواد أخرى تم طيها في السرة أيضاً.

استنادًا لنتائج التحاليل الكيميائية، فإن (جورج ) يشتبه بأن هذه البقايا تحتوي على غبار منزلي ورقائق جلدية ودهون وبروتينات وعرق، فعلى ما يبدو بأن شعر البطن لا يميز.

وعلى هذ الأساس فقد برهن بأن هذه الأشياء التي تجمعها السرة تجعلها نظيفة وأكثر صحة فعند إزالتها هي تأخذ بطريقها كل شيء.

في حين القلة القليلة من الباحثين كرسوا وقتهم طاقتهم للبحث في المنشأ الأصلي لوبر السرة، وربما كل من (جورج) و (كروزلنسكي) هما الوحيدان اللذان أجريا بحثاً جدياً حول الموضوع وهو قيد التنفيذ في جامعة نورث كارولينا لفهم ماذا يعيش أيضاً في سرتنا.

روب دان، باحث في قسم علم الأحياء في NCSU ، أنشأ مشروعا علميا مدنيا يسمى ” اختلاف سرة البطن”.

في 2011 جمع (دان ) وزملاؤه عينات من أكثر من 500 متطوع في مؤتمر رالي للعلوم أون لاين 2011، شمال كارولينا وفي يود داروين في متحف رالي للعلوم الطبيعية.

ولكن الباحثين لم يكونوا مهتمين أبداً بالوبر وإنما كل ما أرادوه هو فهم ميكروبية سرة البطن.

“تعد سرة البط واحدة من المواطن الأكثر قرباً إلينا ومع ذلك لا تزال نسبياً غير مكتشفة”.

هذا ما كتبوه، لذا عزم هؤلاء الباحثين على اكتشاف ماذا يعيش في سرتنا.

ابتداء من تلك الدراسة الأولية (كان هنالك جولة ثانية من أخذ العينات) فلقد اكتشف (دان) وفريقه كمية هائلة من الميكروبات التي تعيش في سرة البطن وشكل متنوع من أشكال الحياة المجهرية.

التعايش (التكيّف) في السرة

لقد وجد الباحثون في 60 عينة على الأقل 2,368 نوع ويشتبه أن العدد أكبر بكثير، ولوضع الأمر في سياق، فإن هذا يفوق التنوع الحيوي لكل من طيور ونمل أميركا الشمالية.

ولكن معظم هذه الأنواع كانت نادرة، 2,128 منها موجودة لدى أقل من ستة أشخاص وغالبها يمكن رؤيتها في الفرد الواحد.

كما وجد الباحثون أنواع شديدة القدم ولا تعيش إلا في البيئات القاسية.

ومن المثير للاهتمام أن 2 من 3 وجدت لدى شخص واحد لم يستحم منذ عدة سنوات.

ويسأل (دان) لماذا هنالك كل هذا التنوع البيولوجي في سرة البطن ؟ ويشتبه (دان) وزملاؤه أن ذلك يعود لطائفة معينة من الأحياء التي تكيفت للعيش على جلد الإنسان أو ربما تكيفت للعيش في السرة نفسها، وربما بعضها زائر عابر قد تم التقاطه من أحد الشواطئ.

وبما أنه من المستحيل للعلماء التنبؤ بالكم الهائل لأنواع البكتيريا التي تعيش في سرة الإنسان فكل ما يمكن للباحثين القيام به هو التنبؤ بالأنواع الأكثر شيوعاً أو الأنواع الأكثر ندرة.

حتى ولم تشكل سرتك بشكل روتيني كرة الزغب تلك فإنها لاتزال مكان رائع حماسي يعج بالحياة.


  • ترجمة : زينة معلوف.
  • تدقيق: مرام سالم.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر