حلول رقمية جديدة تقلص انبعاثات قطاع الشحن البحري
أدى اعتماد أنظمة رقمية جديدة لمساعدة سفن الحاويات العابرة للمحيطات على تنظيم وقوفها في طوابير لتفريغ حمولتها في المواني المزدحمة، إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تتراوح بين 16 و24%.
أكد باحثون في جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا أن هذا التدخل البسيط لا يقتصر على خفض الانبعاثات فحسب، بل يعتمد على تكنولوجيا موجودة بالفعل ورخيصة التكلفة.
«يُعد خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مباشرةً أفضل ما يمكن فعله لإبطاء تغير المناخ، ما يدفع العلماء إلى البحث في جميع القطاعات عن فرص للتقليص».
ساهم الشحن البحري بنحو 3% من إجمالي غازات الاحتباس الحراري عالميًا، ما يعادل انبعاثات الطيران، وهي نسبة مرشحة للارتفاع مع اتساع العولمة. وتتسابق السفن عادة عبر المحيط لتصطف في المواني بانتظار تفريغها.
«ما زالت مواني كثيرة حول العالم تستخدم نظام (من يأتي أولًا يخدم أولًا) العائد إلى أكثر من قرن، وهو أشبه بسحب تذكرة انتظار في إدارة المركبات».
أدى هذا النظام في مواني لوس أنجلوس ولونغ بيتش إلى تراكم حتى أربع سفن حاويات بانتظار الرسو في الأوقات العادية، وأدى في أثناء الجائحة إلى انتظار ما يصل إلى مئة سفينة.
اجتمع المسؤولون في القطاع البحري خلال الجائحة لتصميم نظام إلكتروني جديد للطوابير، وتطبيقه سريعًا لتفادي الازدحام.
«بدلًا من النظام القديم، تحصل سفن الحاويات على دورها بناءً على وقت مغادرتها الميناء السابق، كما لو أنك تحجز طاولة في مطعم مزدحم قبل مغادرة بيتك».
مكن هذا التغيير السفن من الإبحار بسرعة أبطأ وأكفأ، ما سمح بتقليل استهلاك الوقود والانبعاثات.
حلل الباحثون أكثر من 47 مليون ميل من حركة السفن عبر المحيط الهادي بين 2017 و2023، توزعت على عشرة آلاف رحلة نفذتها 1157 سفينة. وأظهرت النتائج انخفاضًا في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 16–24% بعد تطبيق النظام الجديد.
«وفرت السفن الوقود بالسفر بسرعة أقل، تمامًا مثلما تستهلك سيارتك وقودًا أقل عند قيادتها بسرعة 65 ميلًا في الساعة بدل 85».
اعتبر الباحثون أن نظام الطوابير قد يشكل نموذجًا لمواني أخرى حول العالم لمواجهة الازدحام وخفض الانبعاثات معًا.
أثبتت التجربة أن تطبيق النظام ممكن خلال شهر واحد فقط، على عكس الحلول التكنولوجية المكلفة التي تستغرق وقتًا طويلًا. واعتمد النجاح على البنية الرقمية لشركة PacMMS وعلى التزام السفن وشركات النقل بالبروتوكولات الجديدة.
دعا الباحثون المواني عالميًا إلى تبني نظام الطوابير الرقمية بوصفه حلًا سهلًا، قادر على تحسين جودة الهواء على السواحل.
«يمكن لدمج الطوابير الرقمية أن يمثل انتصارًا واضحًا ضمن جهود التحول الرقمي، إذ يُسهل تحديث المواني وتقليل الانبعاثات في الوقت نفسه».
أظهرت أبحاث سابقة أن خفض سرعة السفن يفيد أيضًا الحيتان المهددة بالانقراض، بتقليل حوادث الاصطدام القاتلة معها.
واصل الباحثون دراسة عوامل أخرى تؤثر في سرعة السفن وانبعاثاتها، وأشاروا إلى أن ضبط النظام بدقة أكبر قد يحقق مكاسب إضافية، مثل خفض سرعة الإبحار من 18 إلى 17 عقدة، وهو ما يوفر أكثر من 300 ألف طن إضافي من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، أي نحو 9% أخرى.
تطلع الفريق إلى توظيف هذه الرؤى لبلورة مستقبل أكفأ وأخضر لقطاع الشحن والمواني.
المصادر:
الكاتب
ماسه فؤاد كريم

ترجمة
ماسه فؤاد كريم
