يُعد خلل التنسج الليفي المعظم المترقي (FOP) حالة وراثية نادرة جدًا، إذ تصيب ما يقدر بنحو 1 من كل 2 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وفيها يحل العظم تدريجيًا محل العضلات والأنسجة الضامة، وأي رض أو مرض يتسبب في نمو عظمي جديد، ما قد يكون مؤلمًا ويؤدي إلى خفض متوسط العمر المتوقع.
ما هو خلل التنسج الليفي المعظم المترقي؟
خلل التنسج الليفي المعظم المترقي (FOP) هو حالة وراثية يولد فيها الأشخاص بأورام في إبهام القدم، وتتحول أنسجة العضلات والأنسجة الضامة في الجسم، مثل الأوتار والأربطة، إلى عظام خارج الهيكل العظمي. تقيد هذه الحالة الحركة وقد تسبب فقدان القدرة على الحركة بمرور الوقت. تظهر أعراض خلل التنسج الليفي المعظم المترقي خلال مرحلة الطفولة وتبدأ عادة في الرقبة والكتفين قبل الانتقال إلى مناطق أخرى من الجسم.
من يصاب بخلل التنسج الليفي المعظم المترقي؟
يصيب خلل التنسج الليفي المعظم المترقي أي شخص لأنه غالبًا ما يكون نتيجة لطفرة جينية جديدة لم تُنقَل من أحد الوالدين. الطفرات الجينية غير متوقعة، وتحدث في أثناء الإخصاب بسبب خطأ عند انقسام الخلايا وتكاثرها. قد تزيد العوامل الخارجية مثل التدخين والتعرض للمواد الكيميائية خطر إنجاب طفل مصاب بطفرة جينية، فإذا كان الشخص يخطط للحمل، فعليه التحدث إلى مقدم الرعاية الصحية حول الاختبارات الجينية لتقييم مخاطر إنجاب طفل مصاب بحالة وراثية.
كيف يؤثر خلل التنسج الليفي المعظم المترقي في الجسم؟
يعاني الأشخاص الذين شُخِّصوا بخلل التنسج الليفي المعظم المترقي نطاقًا حركيًا مقيدًا بسبب تحول عضلاتهم وأنسجتهم الضامة تدريجيًا إلى عظام. تبدأ علامات الحالة في الرقبة والكتفين في مرحلة الطفولة قبل الانتقال إلى أجزاء أخرى من الجسم. يمكن لأي نوع من الصدمات التي يتعرض لها الجسم أن يتسبب في تفاقم الحالة. قد يحدث هذا بعد الجراحة أو السقوط أو المرض (مثل الإنفلونزا). تؤدي هذه المحفزات إلى تورم والتهاب في العضلات (التهاب العضلات) يستمر أيامًا أو شهورًا حول المنطقة المصابة.
قد يعاني الأطفال من سوء التغذية ومشكلات الكلام لأن النمو العظمي غير المنتظم يتسبب في عدم فتح الفم بالكامل. قد يقيد النمو العظمي الزائد حول القفص الصدري كيفية توسع الرئتين مسببًا صعوبات في التنفس.
من اكتشف خلل التنسج الليفي المعظم المترقي؟
ظهرت حالات مبكرة من خلل التنسج الليفي المعظم المترقي في القرنين السابع عشر والثامن عشر، إذ وثق الأطباء نتائجهم لأول مرة. وفي أوائل القرن العشرين، سُمِّيت الحالة (التهاب العضلات المعظم المترقي) الذي يعني تحول العضلات تدريجيًا إلى عظام.
بعد بحث جيني مكثف أجراه الدكتور فيكتور ماكوسيك من كلية الطب في جامعة جونز هوبكنز، تغير اسم الحالة إلى خلل التنسج الليفي المعظم المترقي لأنه يعكس كيفية تحول كل من الأنسجة الرخوة والعضلات إلى عظام بطريقة أفضل. في عام 2006، حدد فريق بحثي في كلية الطب في جامعة بنسلفانيا الطفرة الجينية المحددة التي تسبب الحالة.
ما هي أسباب خلل التنسج الليفي المعظم المترقي؟
تسبب طفرة في جين ACVR1 خلل التنسج الليفي المعظم المترقي. يعطي جين ACVR1 الجسم تعليمات لصنع مستقبلات من النوع 1 لبروتين يسمى بروتين العظام المورفوجيني (BMP) الموجود في العضلات والغضاريف. يتحكم BMP في كيفية نمو العظام والعضلات وتطورهما. تسبب طفرة ACVR1 أعراض خلل التنسج الليفي المعظم المترقي، لأن مُستقبِل البروتين مثل مفتاح الإضاءة، يكون دائمًا قيد التشغيل عندما يجب إيقاف تشغيله.
خلل التنسج الليفي المعظم المترقي هو حالة وراثية جسمية سائدة، ما يعني أن أحد الوالدين البيولوجيين فقط يحتاج إلى تمرير الجين المتغير إلى الطفل ليرثه. إذا كان أحد الوالدين يحمل الجين الذي يسبب خلل التنسج الليفي المعظم المترقي، فاحتمال أن يرث الطفل الحالة هو 50%.
تحدث معظم حالات خلل التنسج الليفي المعظم المترقي بسبب طفرة جديدة في جين ACVR1 (طفرة جديدة). يحدث هذا بشكل عشوائي، ولا يوجد ارتباط مع وجود الجين في التاريخ العائلي للشخص.
ما هي أعراض خلل التنسج الليفي المعظم المترقي؟
العرض الرئيسي لخلل التنسج الليفي المعظم المترقي (FOP) هو الاستبدال التدريجي للعضلات والأوتار والأربطة بالعظام . تبدأ هذه العملية في الرقبة والكتفين في مرحلة الطفولة المبكرة وتتقدم في جميع أنحاء الجسم بمرور الوقت. قد يكون نمو العظام سريعًا في بعض الحالات، أو بطيئًا جدًا في حالات أخرى. كل حالة هي حالة فريدة من نوعها.
تظهر الأعراض في أثناء النوبات، وهي رد فعل الجسم للصدمات التي قد تكون ناتجة عن إصابة أو جراحة أو مرض فيروسي مثل الإنفلونزا. قد يكون التورم، أو الزيادة في حجم جزء من الجسم أو شكله مؤلمًا. عندما تحدث النوبات، تفشل مستقبلات بروتين العظام المورفوجيني من النوع 1 في التوقف عن إنتاج البروتينات، ما يتسبب في تكوين عظام جديدة على العضلات والأوتار والأربطة. بعد تكوين عظام جديدة، يقل التورم، ما قد يستغرق من بضعة أيام إلى شهر.
أحد أعراض الحالة التي تؤدي إلى تشخيص خلل التنسج الليفي المعظم المترقي هو تشوه إصبع القدم الكبير وقصر، إذ ينمو أحيانًا إلى الداخل وفوق إصبع القدم الثاني. اختلافات نمو الأصابع الكبيرة للقدم مرئية عند الولادة، حتى قبل ظهور الأعراض الأخرى.
إن ما يقارب 50% من حالات خلل التنسج الليفي المعظم المترقي لديها أيضًا تشوهات في الإبهام مشابهة لإصبع القدم الكبير.
تشمل أعراض خلل التنسج الليفي المعظم المترقي ما يلي:
- تكوّن العظام محل العضلات والأربطة والأنسجة الضامة.
- انخفاض القدرة على الحركة، كالزحف بدلًا من المشي، وتصلب المفاصل، والمفاصل المقفلة.
- صعوبة الأكل أو التحدث.
- ضعف السمع.
- تشوه إصبع القدم الكبير.
- شلل دائم.
- وجود مناطق في الجسم حمراء إلى أرجوانية اللون، مؤلمة وساخنة الملمس، وتشبه الأورام.
- الجنف أو الحداب.
- تورم الأنسجة الرخوة في الرقبة والكتفين والظهر.
مع تقدم الحالة، قد يفقد المصاب القدرة على الحركة بشكل دائم. وقد يعاني الألم والتصلب الناتج عن نمو العظام الذي يضغط على الأعصاب. في هذه المرحلة من تشخيص المرضى، قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي أو قصور القلب.
في الحالات الشديدة من خلل التنسج الليفي المعظم المترقي، قد يواجه الأشخاص تحديات في وظائفهم الإدراكية وقدرتهم على التعلم.
كيف يشخص خلل التنسج الليفي المعظم المترقي؟
يبدأ تشخيص خلل التنسج الليفي المعظم المترقي بفحص جسدي يحدد أعراض الحالة، بالإضافة إلى مراجعة التاريخ الطبي وإجراء اختبار جيني، وهو فحص دم لتحديد الطفرة الجينية التي تسبب الأعراض. تساعد اختبارات التصوير مثل الأشعة السينية على فحص نمو العظام الجديد فوق العضلات والأنسجة الضامة.
قد يكون تشخيص خلل التنسج الليفي المعظم المترقي صعبًا على مقدمي الرعاية الصحية، فقد تُشخَّص الحالة خطاً على أنها سرطان، أو ورم ليفي يفاعي -الذي يتضمن تكون أورام أو آفات جلدية على الأنسجة الرخوة- ، أو خلل التنسج الليفي. يحدث هذا لأن التهاب العضل المتَحجِّر المُتَرقِّي نادر جدًا. غالبًا ما تبدو خزعة ورم خلل التنسج الليفي المعظم المترقي مشابهة للورم السرطاني.
إذا اشتبه مقدم الرعاية الصحية في تشخيص خلل التنسج الليفي المعظم المترقي، فلن تُؤخذ خزعة تشخيصية لأن هذا الإجراء قد يتسبب في تفاقم شديد لنمو العظام. أهم الأعراض التي تؤدي إلى تشخيص خلل التنسج الليفي المعظم المترقي هي تشوه أصابع القدم الكبيرة وتورم الأنسجة الرخوة الذي يحدث في جميع أنحاء الجسم.
كيف يعالج خلل التنسج الليفي المعظم المترقي؟
يهدف علاج خلل التنسج الليفي المعظم المترقي إلى تقليل الأعراض، وخاصة النوبات التي تبدأ فيها عملية نمو العظام. لا يوجد علاج لخلل التنسج الليفي المعظم المترقي ولكن الأبحاث والتجارب السريرية تتقدم لمساعدة الأشخاص الذين شخصوا بالحالة، فالعلاج فريد لكل شخص لمعالجة أعراضه المحددة.
وقد يشمل علاج خلل التنسج الليفي المعظم المترقي ما يلي:
- الحصول على استشارة وراثية للدعم الاجتماعي والعاطفي والصحي.
- العلاج الفيزيائي.
- العلاج بالمضادات الحيوية الوقائية لتجنب التهابات الجهاز التنفسي.
- تناول الأدوية لتقليل التورم والألم المرتبط بالنوبات مثل مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، والكورتيكوستيروئيدات، والمرخيات العضلية.
- استخدام معدات الحركة مثل الكرسي المتحرك.
- استخدام دعامة.
اقرأ أيضًا:
مرض تتحول فيه العضلات إلى عظام: خلل التنسج الليفي المعظم المترقي
التهاب العضل المعظم: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: حسن السعيد
تدقيق: نور حمود
مراجعة: محمد حسان عجك