خمس حقائق عن فقدان الوزن لن يخبرك بها أحد!
لا يزال فقدان الوزن يهيمن على الخطاب العام، وغالبًا ما يُصوَّر على أن المسألة مسؤولية شخصية.
يُلام الناس عادةً بسبب حجم أجسامهم، مع أن الأدلة القوية تُظهر أن الوزن يتأثر بمزيج معقد من العوامل الوراثية والبيولوجية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية.
فالوصول المحدود إلى الطعام الصحي الميسور، وغياب أماكن آمنة لممارسة الرياضة، وساعات العمل الطويلة، والتوتر المزمن -وهي أمور أكثر شيوعًا في المناطق الفقيرة- تجعل الحفاظ على وزن صحي أكثر صعوبة.
وفيما يلي خمس حقائق حول فقدان الوزن:
أولًا: أنه يتعارض مع طبيعة الجسم:
أُدرجت السمنة ضمن أولويات الصحة الوطنية في إنجلترا منذ تسعينيات القرن الماضي، وجرى طرح سياسات عديدة لمعالجتها، لكن معدلاتها لم تنخفض.
وهذا يشير إلى أن الأساليب الحالية، التي تركز في الغالب على المسؤولية الفردية، لا تحقق نتائج فعالة.
حتى عندما تنجح محاولات إنقاص الوزن، فإن النتائج غالبًا لا تدوم طويلًا. تُظهر الدراسات أن معظم من يفقدون الوزن يستعيدونه في النهاية، وأن فرص من يعانون السمنة في الوصول إلى "الوزن الطبيعي" والحفاظ عليه منخفضة جدًا.
ويعود ذلك إلى أن أجسامنا تقاوم فقدان الوزن، وهي آلية بقاء متجذرة في تاريخنا التطوري.
تُعرف هذه العملية باسم التكيف الاستقلابي: فعندما نقلل من استهلاك الطاقة ونفقد الوزن، يتباطأ معدل الأيض لدينا، وترتفع هرمونات الجوع مثل الجريلين، ما يدفعنا إلى تناول المزيد واستعادة الوزن المفقود.
كانت هذه الاستجابة منطقية في الماضي حين كان الصيد والجمع يعنيان فترات من الوفرة والمجاعة، لكنها اليوم في عالم يعجّ بالأطعمة عالية السعرات والرخيصة، تجعل زيادة الوزن سهلًا وفقدانه صعبًا.
لذا، فإن صعوبة إنقاص الوزن أو الحفاظ عليه، ليس فشلًا شخصيًا، بل استجابة فسيولوجية متوقعة.
ثانيًا: الأمر لا يتعلق بقوة الإرادة
يبدو أن بعض الناس يحافظون على وزن ثابت بسهولة، بينما يكافح آخرون. لكن الاختلاف لا يتعلق فقط بقوة الإرادة.
يتأثر وزن الجسم بعوامل عديدة، تلعب الوراثة فيها دورًا أساسيًا، فهي تحدد مثلًا سرعة حرق السعرات، ومدى الإحساس بالجوع أو الشبع بعد تناول الطعام.
بعض الأشخاص لديهم استعداد وراثي للشعور بجوع متكرر أو رغبة في تناول الأطعمة عالية الطاقة، ما يجعل فقدان الوزن أكثر صعوبة. تلعب العوامل البيئية والاجتماعية دورًا مهمًا أيضًا.
امتلاك الوقت أو المال أو الدعم لإعداد وجبات صحية، وممارسة النشاط البدني، والنوم الكافي، يحدث فرقًا حقيقيًا وليس لدى الجميع هذه الموارد.
وعندما نُرجع الوزن إلى مسألة الإرادة فقط، فإننا نُسهم في تعزيز وصمة العار الاجتماعية. هذه الوصمة تجعل الناس يشعرون بالخجل أو بالعجز، ما يزيد من التوتر ويقلل الثقة بالنفس، ويجعل الالتزام بالعادات الصحية أكثر صعوبة.
ثالثًا: السعرات الحرارية ليست كل شيء
يُعتمد حساب السعرات الحرارية غالبًا على أنه استراتيجية أساسية لفقدان الوزن.
ومع أن خلق عجز في السعرات ضروري نظريًا، فإن التطبيق العملي أكثر تعقيدًا بكثير.
فملصقات السعرات على الأطعمة مجرد تقديرات تقريبية، واحتياجات الطاقة تختلف من يوم لآخر. ومقدار الطاقة التي يمتصها الجسم يتأثر بطريقة الطهي والهضم وتنوع بكتيريا الأمعاء.
هناك أيضًا اعتقاد شائع بأن السعرة الحرارية هي سعرة حرارية، لكن أجسامنا لا تتعامل مع جميع السعرات بالطريقة نفسها.
فالبسكويت والبيض المسلوق قد يحتويان على نفس العدد من السعرات، لكن تأثيرهما على الجوع والطاقة مختلف تمامًا:
البسكويت يسبب ارتفاعًا سريعًا في سكر الدم ثم انخفاضًا مفاجئًا، بينما يمنح البيض شبعًا أطول وقيمة غذائية أعلى.
ساهمت هذه المفاهيم الخاطئة في انتشار الأنظمة الغذائية العصرية، مثل حميات المشروبات فقط أو استبعاد مجموعات غذائية كاملة.
مع أن بعضها يؤدي إلى خسارة وزن مؤقتة، فإنه غالبًا غير مستدام ويفتقر إلى العناصر الغذائية الأساسية.
النهج الأكثر واقعية واتزانًا هو التركيز على تغييرات طويلة المدى:
تناول المزيد من الأطعمة الكاملة، وتقليل الوجبات الجاهزة، وخفض استهلاك الكحول، وبناء عادات تدعم الصحة العامة.
رابعًا: التمارين مفيدة للصحة، ولكنها ليست شرطًا أساسيًا لفقدان الوزن:
يظن كثيرون أن زيادة التمارين تعني بالضرورة خسارة وزن أكبر، لكن العلم يوضح صورة أكثر تعقيدًا.
فأجسامنا بارعة في الحفاظ على الطاقة. بعد تمرين شاق، قد نقلل حركتنا لبقية اليوم دون وعي، أو نشعر بجوع أكبر ونتناول طعامًا أكثر، ما يُعوض جزءًا من السعرات التي أحرقناها.
وتُظهر الأبحاث أن إجمالي الطاقة التي نحرقها يوميًا لا يستمر بالارتفاع مع زيادة التمرين، إذ يتكيف الجسم بتقليل استهلاك الطاقة في وظائف أخرى. لذلك، فإن فقدان الوزن عبر التمارين وحدها أصعب مما يُتوقع.
ومع ذلك، تبقى التمارين ذات فوائد هائلة: فهي تعزز صحة القلب، وتُحسن المزاج، وتحافظ على الكتلة العضلية، وتقوي العظام، وتقلل خطر الأمراض المزمنة.
حتى لو لم يتغير الرقم على الميزان، تظل التمارين من أقوى الوسائل لتحسين الصحة وجودة الحياة.
خامسًا: تحسين الصحة لا يتطلب دائمًا فقدان الوزن:
صحيح أن فقدان الوزن قد يقلل خطر الإصابة بأمراض مثل أمراض القلب وبعض أنواع السرطان، لكن الدراسات تُظهر أيضًا أن تحسين النظام الغذائي وزيادة النشاط البدني يمكن أن يحسّنا مؤشرات الصحة، مثل الكوليسترول وضغط الدم وسكر الدم وحساسية الأنسولين، حتى لو لم يتغير الوزن.
لذا، إذا لم تلاحظ تغييرات كبيرة على الميزان، فربما من الأفضل أن تُحوّل تركيزك نحو السلوك لا الرقم.
ركز على تغذية الجسم جيدًا، والحركة المنتظمة بأسلوب تفضله، والنوم الكافي، وإدارة التوتر.
فالوزن ليس سوى جزء من الصورة، بينما الصحة أكبر وأشمل من مجرد رقم.
المصادر:
الكاتب
علاء الشحت

ترجمة
علاء الشحت
