موجة جاذبية قد تكون دليلًا على وجود ثقب دودي!

15 ديسمبر 2025
31 مشاهدة
0 اعجاب

موجة جاذبية قد تكون دليلًا على وجود ثقب دودي!

 

عام 2019، سجل مرصدا ليغو وفيرغو حدثًا بالغ الغرابة: موجة جاذبية لم تتجاوز مدتها عُشر الثانية.


بالمقارنة مع الإشارات الموجية المتصاعدة الطويلة الصادرة عن ثنائيات الثقوب السوداء في مساراتها المدارية المتحللة، بدا هذا الحدث أشبه بنبضة حادة مفاجئة. كان أفضل تفسير لهذا الحدث، وقد أُطلق عليه اسم GW190521، أنه لقاء عابر بين ثقبين أسودين التقيا مصادفة، فالتقط كل منهما الآخر بجاذبيته في أثناء المرور.


طرحت دراسة جديدة الآن احتمالًا بديلًا، وأغرب بكثير: أن يكون ما رُصد هو صدى تصادم ثقبين أسودين في كون آخر، ارتد عبر ثقب دودي منهار تكوّن نتيجة ذلك الاندماج.


يظل التفسير التقليدي، أي حدوث اندماج فعلي لثقبين أسودين في كوننا، هو الأرجح. غير أن هذه الأفضلية ليست قوية بما يكفي لاستبعاد نموذج الثقب الدودي بالكامل، وفقًا لما أفاد به فريق يقوده الفيزيائي تشي لاي من جامعة الأكاديمية الصينية للعلوم.


لو صح أن الحدث يشير إلى وجود ثقب دودي، فإن GW190521 والموجات الجاذبية المماثلة له لن تؤكد فقط وجود هذه البنى النظرية الغريبة، بل ستوفر أيضًا أداة جديدة لدراسة خصائصها الفيزيائية. مع أن هذا احتمال ضعيف للغاية.


الموجات الجاذبية التي نستطيع رصدها اليوم هي تموجات في نسيج الزمكان تنشأ عن تصادمات بين أجرام فائقة الكثافة، مثل الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية. ليس التصادم ذاته هو ما يولد تلك التموجات، فحين يدور ثقبان أسودان في مدار ثنائي على مسار حلزوني متقارب، تنتج من تفاعل حقولهما الجاذبية موجات تبدأ ضعيفة ثم تقوى تدريجيًا مع ازدياد اقترابهما. لهذا تمتلك الإشارة الناتجة ما يُطلق عليه اصطلاحًا chirp أو الصرخة، وهو شكل موجي متصاعد.


افتقد حدث GW190521 الجزء المتعلق بمرحلة الالتفاف الحلزوني المبكر من الإشارة، ومع الكتلة المستنتجة للاندماج والتي تبلغ 142 ضعف كتلة الشمس، كان يفترض أن تكون تلك المرحلة قابلة للرصد. ما دفع الباحثين لاستنتاج أن الثقبين الأسودين لم يكونا في مدار ثنائي مستقر، بل مرا متقاربين مرورًا عابرًا قبل أن ينجذبا إلى بئر جاذبية مشتركة، ويندمجا.


يرى الباحثون أن تفسيرًا آخر يظل ممكنًا: أن يكون الجسم المتشكل بعد اندماج ثنائي للثقوب السوداء قد كان ثقبًا دوديًا انهار لاحقًا مُخلفًا الثقب الأسود النهائي. لو صح ذلك، فقد نتلقى نبضة واحدة قصيرة من بيانات الموجات الجاذبية عند لحظة انهيار الثقب الدودي.


للتحقق من هذا الاحتمال، طور الباحثون نموذجًا للشكل الموجي المتوقع في سيناريو الثقب الدودي وقارنوه ببيانات ليغو وفيرغو، كما قارنوا البيانات بنموذج الشكل الموجي التقليدي لاندماج ثنائي للثقوب السوداء. وقد تبين أن النموذج التقليدي يطابق الإشارة المرصودة بدرجة أفضل بقليل لكن بفارق ضئيل للغاية، ما يترك مساحة لقدر معتبر من الشك. ما يعني أن سيناريو الثقب الدودي ما زال مطروحًا نظريًا، وأن GW190521 قد يكون أول إشارة إلى كون آخر ينعكس صداه عبر كوننا.


لا يعني ذلك أنه ينبغي الجزم بوجود الثقوب الدودية، إذ يتطلب هذا السيناريو فيزياء غير تقليدية. لكنه يشير إلى أن متابعة البحث في هذا المسار قد تكون جديرة بالاهتمام.


أما أضخم اندماج للثقوب السوداء رُصد حتى الآن، وهو GW231123، فقد أسفر عن جرم تبلغ كتلته 225 ضعف كتلة الشمس، وكان الحدث أيضًا قصيرًا نسبيًا، شبيهًا بـ GW190521. يقترح الباحثون أن مقارنة هذه الأحداث بأحداث أخرى لم تُرصد بعد قد توفر وسيلة لاختبار أي السيناريوهين أكثر احتمالًا.



المصادر:


الكاتب

أمير المريمي

أمير المريمي
ترجمة

أمير المريمي

أمير المريمي
مراجعة

أكرم محي الدين

أكرم محي الدين
تدقيق

سيف أبو أسعد

سيف أبو أسعد



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة