رجل يصاب بالتسمم والذهان بعد اتباعه نظامًا غذائيًا خاليًا من الملح عملًا بنصيحة تشات جي بي تي
إنَّ تقليل استهلاك الملح في أغلب الأحيان يكون وسيلةً جيدة لتحسين الصحة العامة، غير أن استبدال كلوريد الصوديوم ببروميد الصوديوم هو وسيلة مؤكدة للإصابة بحب الشباب وتشنجات عضلية لا إرادية وحالة من الذهان البارانويدي.
مع ذلك من الأفضل تجنب هذا المركب الكيميائي تماماً حتى وإن أخبرك ChatGPT بغير ذلك.
وُضع أحد المرضى، الذي زعم أنه اتبع اقتراحًا غذائيًا من الذكاء الاصطناعي، تحت احتجاز نفسي إجباري في المستشفى مدة ثلاثة أسابيع.
كانت أملاح البروميد متوفرة في مجموعة من الأدوية التي تُباع دون وصفة طبية، والمخصصة لمعالجة مشكلات مثل القلق والأرق والهستيريا، خلال أوائل القرن العشرين، ونتيجة لذلك تشير السجلات التاريخية إلى أن ما بين %5 و10 % من حالات الدخول إلى مؤسسات العلاج النفسي آنذاك كانت بسبب التسمم بالبروميد أو ما يُعرف ( بالبروميزم ).
مع أن الأمر لم يعد يشكل مشكلة طبية كبيرة في يومنا هذا، إلا أن ابتلاع كميات مفرطة من هذا المركب يؤدي في أغلب الأحيان إلى مشكلات خطيرة، منها الطفح الجلدي المليئ بالبثور والغثيان والتقيؤ، فضلاً عن حالات عصبية مثل الارتباك والسلوك الهلوسي.
اختفت حالات التسمم بالبروميد إلى حد كبير بعد أن بدأت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (the US Food and Drug Administration ) بحظر استخدامه عام 1975، إلا أن هذا الرقم أخذ في الارتفاع من جديد في السنوات الأخيرة بسبب إعادة إدخاله في بعض المكملات الغذائية والمهدئات غير المنظمة، ومع اقتران ذلك بالتقارير المتزايدة عن تقديم برامج الذكاء الاصطناعي اقتراحات غير دقيقة إن لم تكن خطيرة تمامًا، فقد كان من المحتمل أن تقع حالة مثل تلك المذكورة آنفًا في تقرير نُشر في مجلة Annals of Internal Medicine، ووفق رواية الأطباء فإن رجلًا يبلغ من العمر 60 عامًا من دون أي تاريخ نفسي أو طبي سابق، وصل إلى قسم الطوارئ في مستشفى وهو يزعم أن أحد جيرانه سممه، وفي البداية لم يُفصح عن أي أدوية أو مكملات غذائية، وجاءت فحوصاته الحيوية والفحص البدني في النطاق الطبيعي.
بدأت الأمور تتدهور سريعًا بعد أن أدخل الموظفون المريض إلى غرفته، واعترف باتباعه قيودًا غذائية صارمة، وذكر أنه يقطر ماءه الخاص في المنزل، ومع أنه أبلغ الطاقم بأنه شديد العطش، إلا أنه أصبح مهووسًا بالشك في الماء الذي قدموه له، وبذلك بدأت حالته بالتفاقم.
قال الأطباء: <<الساعات الأربع والعشرين الأولى من الدخول، أظهر تزايدًا في مشاعر الارتياب (البارانويا)، وهلوسات سمعية وبصرية، الأمر الذي أدى بعد محاولته الهروب إلى وضعه تحت المراقبة النفسية قسرًا بسبب العجز الشديد>>.
قادت الاستشارات اللاحقة -مع خبراء مركز مكافحة السموم إلى جانب اختبارات إضافية - الفريق الطبي إلى الاعتقاد بأنّ البروميزم هو التفسير الأرجح للسلوك غير المنتظم لدى المريض.
بعد نظام علاجي استمر عدة أيام باستخدام السوائل الوريدية وتعويض الشوارد، إضافةً إلى مضاد الذهان ريسبيريدون، تمكن الأطباء أخيراً من الحصول على القصة الكاملة.
وفق المريض، بدأ بالبحث عن طرائق لتقليل الملح في نظامه الغذائي بعد أن قرأ مؤخرًا عن آثاره السلبية المحتملة على الصحة. غير أنه لم يكن يسعى فقط إلى تقليل تناول الصوديوم، بل كان يحاول القضاء عليه تمامًا.
كتب الأطباء: « لقد تفاجأ بأنه لم يجد سوى مقالات تتعلق بتقليل الصوديوم في النظام الغذائي، لا القضاء عليه، واستلهاماً من تاريخه في دراسة التغذية في الجامعة، قرر إجراء تجربة شخصية للتخلص من الكلوريد في نظامه الغذائي».
اقترح تشات جي بي تي استبدال الكلوريد بالبروميد، وعندها شرع الرجل في فعل ذلك مدة ثلاثة أشهر كاملة.
يشير مؤلفو تقرير الحالة إلى أنه قد يكون المريض أساء تفسير اقتراح تشات جي بي تي بسبب الطريقة التي صاغ بها سؤاله، فقد يكون البرنامج لم يسجل الأمر كسؤال طبي، بل قدم البروميد على الأرجح لأغراض أخرى، مثل التنظيف.
لم يحصل الفريق للأسف على حق الاطلاع على سجلات المحادثة الخاصة بالمريض، ولذلك حذروا من أن هذه النظرية تبقى مجرد تكهن. مع ذلك، أوضحت تجربتهم الخاصة مع تشات جي بي أن هذه الفرضية ممكنة بالتأكيد.
كتبوا: «عندما سألنا تشات جي بي تي «عمّا يمكن استبداله بالكلوريد، حصلنا أيضًا على إجابة تتضمن البروميد، وعلى الرغم من أن الرد ذكر أن السياق مهم، إلا أنه لم يقدم تحذيرًا صحيًا محدد، ولم يستفسر عن سبب رغبتنا في معرفة ذلك، كما نظن أن الطبيب البشري كان سيفعل».
في نهاية المطاف، عادت الحالة الجسدية للمريض إلى طبيعتها، وزالت أعراضه الذهانية خلال إقامته في المستشفى التي استمرت ثلاثة أسابيع، وحصل على تصريح بالسلامة التامة في متابعة ما بعد الخروج بعد أسبوعين.
إنها تذكرة جيدة بأنه رغم قدرة الذكاء الاصطناعي على بعض المهام، فإن من مصلحتك أن تترك الاستشارات الطبية للبشر المحترفين.
المصادر:
الكاتب
أحمد صبري عبد الحكيم
