التكنولوجيا بوجه آخر: صعود وكلاء الذكاء الاصطناعي
دخل الذكاء الاصطناعي المولّد مرحلة جديدة. روبوتات الدردشة ثم المساعدين، وظهر الآن جيل «الوكلاء»: أنظمة أكثر استقلالية قادرة على العمل في فرق واستخدام أدوات لإنجاز مهام معقدة.
أطلقت شركة أوبن إيه آي أحدث ابتكاراتها تحت اسم «وكيل شات جي بي تي»، الذي دمجَ بين منتجي «أوبريتر» و«ديب ريسيرش» في نظام واحد يوصف بأنه «يفكر ويفعل».
اختلفت هذه الأنظمة عن المساعدين التقليديين. لم تكتفِ بتنفيذ الأوامر، بل سعت لتحقيق أهداف مع مستويات متفاوتة من الاستقلالية، معتمدة على قدرات متقدمة مثل الذاكرة والاستدلال. وتمكّن عدة وكلاء من التعاون معًا للتخطيط واتخاذ القرارات.
تمثل هذه الأنظمة الجديدة نقلة نوعية مقارنةً بأدوات الذكاء الاصطناعي السابقة. إن معرفة كيفية عملها وما يمكن أن تقدمه، إضافةً إلى عيوبها ومخاطرها، أصبحت ضرورية بتزايد.
أطلقت شات جي بي تي عصر روبوتات الدردشة في نوفمبر 2022، لكن رغم شعبيتها الكبيرة، حدّت واجهة المحادثة من إمكانيات هذه التقنية.
ثم جاء دور مساعد الذكاء الاصطناعي: أنظمة مبنية على نفس نماذج اللغة الكبيرة التي تُشغّل روبوتات الدردشة المُولّدة بالذكاء الاصطناعي، المُصممة لتنفيذ المهام بتوجيه وإشراف بشريين.
يمثل الوكلاء خطوةً أخرى للأمام. إذ صُمّموا لتحقيق الأهداف –لا مجرد إكمال المهام- بدرجات متفاوتة من الاستقلالية، مدعومين بقدرات أكثر تطورًا مثل التفكير والذاكرة.
قد تتمكن أنظمة وكلاء الذكاء الاصطناعي المتعددة من العمل معًا، والتواصل للتخطيط والجدولة واتخاذ القرارات والتنسيق لحل المشكلات المعقدة.
الوكلاء أيضًا «مستخدمو أدوات»، إذ يمكنهم الاستعانة بأدوات برمجية لمهام متخصصة، مثل متصفحات الويب، وجداول البيانات، وأنظمة الدفع.
بدا الذكاء الاصطناعي الوكيل وشيكًا منذ أواخر العام الماضي. برزت لحظة فارقة في أكتوبر الماضي، عندما منحت شركة أنثروبيك روبوت الدردشة «كلود» القدرة على التفاعل مع جهاز كمبيوتر بنفس طريقة تفاعل الإنسان. يستطيع هذا النظام البحث في مصادر بيانات متعددة، والعثور على المعلومات ذات الصلة، وإرسال نماذج عبر الإنترنت.
في وقت سابق من هذا العام، استعرضت شركة «مونيكا» الصينية الناشئة وكيلها «مانوس إيه آي» لشراء العقارات وتحويل تسجيلات المحاضرات إلى ملاحظات موجزة، وأطلقت شركة «جينسبارك» الصينية الناشئة وكيل محرك بحث يعرض نظرة عامة من صفحة واحدة -على غرار ما تقدمه جوجل الآن- مع روابط مدمجة لمهام عبر الإنترنت مثل العثور على أفضل عروض التسوق.
تقدم شركة «كلولي» الناشئة أيضًا وكيلًا غير تقليدي إلى حد ما، وقد حظي بالاهتمام وإن لم يحقق نتائج ملموسة بعد.
رافقت هذه الطموحات مخاطر واضحة. أظهر مشروع تجريبي لشركة «أنثروبيك» أن تكليف وكيل بإدارة آلة بيع انتهى بملئها بمكعبات تنجستين بدل الطعام. وكشفَت تجربة أخرى أن وكيلًا برمجيًا مسح قاعدة بيانات كاملة بعد «ارتباك» في التنفيذ.
وسّعت هذه التطورات نطاق تطبيقات الوكلاء في الشركات، من تلخيص الاجتماعات تلقائيًا إلى إدارة العيوب في مواقع البناء. وهددَ الخطر الأكبر بفقدان وظائف بشرية، خاصة في المستويات الأولى من الأعمال المكتبية.
دعا الخبراء لفهم قدرات هذه الأنظمة وحدودها، وربما تجربة بنائها بأنفسهم عبر منصات مثل «مايكروسوفت كوبايلوت ستوديو» أو أطر عمل مفتوحة مثل لانغتشاين.
المصادر:
الكاتب
وليد محمد عبد المنعم

ترجمة
وليد محمد عبد المنعم
