علماء يجدون طريقة لجعل الجليد يتحرك عبر سطح معدني من تلقاء نفسه
استطاع المهندسون تصميم جسم معدني مسطح، بإمكان الثلج أن ينزلق عليه دون الحاجة الى دفعه للتحرك، ولم يستلهم الفريق فكرة التيارات النهرية أو تيارات المحيط، واستطاعوا مع ذلك تسهيل الحركة التي توصف بأنها طبيعية بوضوح بعد دراستهم لأحد أشهر الظواهر في واحدة من أكثر الأماكن جفافًا على سطح الأرض .
ووفقا لدراسة نُشرت مؤخرًا، أظهرت الدراسة بوضوح أن لهذا الاكتشاف تداعيات كبيرة محتملة بدايةً من تقنيات إذابة الجليد إلى حصاد الطاقة النظيفة.
تُعَدُّ ساحة ريستراك بلايا في وادي الموت موطن صخور غريبة للغاية تسمى بالأحجار المنزلقة، وقد وثّق العلماء هذه الظاهرة منذ أوائل القرن العشرين، إذ تظهر الصخور وكأنها تتحرك من تلقاء نفسها فوق السطح الطيني الجاف، تاركة خلفها مسارات واضحة في التربة.
وبعيدًا عن طيف واسع من التفسيرات غير المعقولة أو الخارجة عن هذا العالم، فقد أمضى الباحثون عقودًا طويلة في محاولة فهم الآلية الدقيقة وراء هذا السلوك الغريب.
في عام 2014 استطاع فريق بحثي يقوده عالم المحيطات القديمة في جامعة هارفارد ريتشارد نوريس أن يجد الإجابة عن هذا التساؤل. فقد وجد أن الأحجار المنزلقة في ريستراك بلايا تتحرك فقط تحت ظروف معينة، بالتحديد يجب أن تكون التربة جافة بما يكفي لكي لا يتأثر بقدر قليل من الأمطار، بل ولا تخترق هذا السطح المتصلد.
بعد ذلك يجب أن تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون درجة التجمد حتى يتكوّن الجليد فوق أرض الصحراء الجافة.
ثم ما إن يبدأ هذا الجليد بالذوبان لا محالة حتى تدفع النسمات الخفيفة ما تبقى من ألواح الجليد لتعطيها الزخم اللازم للحركة، وأحيانًا تركب الحجارة فوق هذه القوارب المؤقتة الصغيرة.
بعد التعرف على آلية حركة الحجارة المنزلقة عام 2019، تساءل فريق بقيادة جوناثان بوريكو في مختبر السوائل والواجهات المستوحاة من الطبيعة بجامعة فرجينيا للتكنولوجيا، عمّا إذا كان بإمكانهم صناعة سطحٍ قادرٍ على تحريك الجليد أيضًا على مسار أفقي مستوٍ. ولكن، على عكس صخور وادي الموت، أرادوا فعل ذلك من دون الحاجة لقوة رياح.
بعد ثلاث سنوات من التجارب وسنتين إضافيتين من التعديل، استطاع بوريكو وزملاؤه التوصل إلى الإجابة.
تستغرق العملية بضع لحظات، ولكن النتيجة واضحة: يسمح السطح الجديد لقرص صغير من الجليد بالتحرك من تلقاء نفسه من دون الحاجة إلى دافع خارجي. ولتحقيق ذلك، صمّم الباحثون ألواح ألمنيوم محفورة بأخاديد غير متماثلة على شكل رؤوس سهام، تشبه نمط عظم السمك، وبذوبان الجليد، يُوجَّه الماء عبر تلك الأخاديد ليحدد مسارًا أماميًا للحركة.
وضح جاك تابوتشيك، أحد المشاركين في الدراسة، الفكرة قائلًا: «هذا التدفق الموجّه لمياه الذوبان هو الذي حمل قرص الجليد معه، أفضل تشبيه لذلك هو التزحلق عبر أنبوب في النهر، إلا أن القنوات الموجّهة هنا، هي التي تُولّد التدفق بدلًا من الجاذبية»
ومن باب الفضول، غطى الفريق ألواح الألومنيوم برذاذ طارد للماء. إذ افترضوا أن القرص الجليدي سينزلق أسرع منذ البداية، لكن النتيجة كانت أكثر تعقيدًا: في البداية التصق القرص بالسطح لأن مياه الذوبان كانت تُضغط عبر القنوات، ثم فجأة انطلق بسرعة كبيرة وكأنه يعوض الوقت الضائع.
يقول بوريكو: «الحيلة الممتعة هنا هي أنه عندما تتجاوز مياه الذوبان الحافة الأمامية لقرص الجليد، فإنها تُشكّل بركة مسطحة. وجود بركة على جانب واحد فقط يخلق عدم توازن في التوتر السطحي، ما يُحرر القرص ويدفعه لينطلق عبر السطح».
هذه الديناميكيات يمكن أن تُستخدم في تحسين تقنيات إزالة الجليد، من مواد مختلفة. لكن بحسب بوريكو، قد تقود الاكتشافات إلى شيء أكثر إثارة: تخيّل سطح الألومنيوم ذي النقش العظمي، ولكن على شكل دائرة بدلًا من مربع أو مستطيل. والآن، بدل الحجارة المنزلقة في وادي الموت، تخيّل وضع مغناطيسات فوق الجليد.
هذه المغناطيسات لن تنزلق فقط، بل ستدور أيضًا، وهو ما قد يُستخدم في توليد الطاقة.
ما زالت هناك حاجة لمزيد من الأبحاث لتحديد مدى فاعلية الفكرة وقابليتها للتطبيق على نطاق واسع، لكن الاحتمالات تبقى واعدة لتطوير مستقبل الطاقة المستدامة. وكل ذلك بدأ من مجرد صخور تتحرك وحدها في الصحراء.
المصادر:
الكاتب
أحمد صبري عبد الحكيم

ترجمة
أحمد صبري عبد الحكيم
