مرآة مظلمة لكوننا قد تكشف أسرار المادة المظلمة

30 أكتوبر 2025
20 مشاهدة
0 اعجاب

مرآة مظلمة لكوننا قد تكشف أسرار المادة المظلمة


 


 

تُعدّ المادة المظلمة واحدة من أعقد ألغاز الكون؛ فهي لا تُصدر إشعاعًا ولا تحجبه، ما يعني أنه لا توجد لدينا أي وسيلة لرصدها مباشرةً. ولأن التفسيرات التقليدية لم تستطع إلى الآن توضيح ماهية المادة المظلمة، اتجه عالم فيزياء إلى طرحٍ غير تقليدي في سلسلة من ورقتين علميتين.

 

اقترح عالم الفيزياء ستيفانو بروفومو من جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز تفسيرين غريبين -لكنهما ليسا مستحيلين- لأصل المادة المظلمة المسؤولة عن شذوذات الجاذبية التي تُرصد في أنحاء الكون.

 

في الورقة الأولى التي نُشرت في مايو 2025، يقترح بروفومو أن المادة المظلمة قد تكون وُلدت في مرآة مظلمة لكوننا، إذ تتكون المادة من نُسَخ مظلمة من الجسيمات المشابهة للبروتونات والنيوترونات لدينا.

أما في الورقة الأخرى التي نُشرت في يوليو 2025، يقترح بروفومو أن جسيمات المادة المظلمة ربما تشكّلت عند حدود الأفق الكوني (حافة الكون المرئي) في أثناء مرحلة التوسع السريع التي أعقبت الانفجار العظيم.

 

يقول بروفومو: «ما زالت كلتا الآليتين في إطار افتراضي محض، لكنهما تقدمان سيناريوهات متكاملة وقابلة للحساب، ولا تعتمد على النماذج التقليدية لجسيمات المادة المظلمة التي تتعرض لضغط متزايد بسبب النتائج التجريبية السلبية».

 

ما زلنا نجهل طبيعة المادة المظلمة نظرًا لندرة الأدلة المتوفرة عنها، وكل ما يؤكد وجودها هو أن قوى الجاذبية في الكون أشد بكثير مما يُفترض أن تكون عليه حتى بعد احتساب جميع المجرات والنجوم وسُحب الغبار السابحة بصمت وظلام بين النجوم.

 

المادة المظلمة هو الاسم المؤقت الذي نطلقه على الكيان المسؤول عن هذه الزيادة في الجاذبية، وقد اقترح العلماء مجموعة من الاحتمالات النظرية لتفسيرها، تتراوح بين كتل بحجم الكواكب وجسيمات قصيرة العمر. ولكن حتى مع كل الجهود البحثية المكثفة والمستمرة، لم نتحقق من صحة أي من هذه الاحتمالات حتى الآن.

 

لجأ بروفومو إلى مجالات فيزيائية مختلفة في بحثه عن بدائل جديدة للمادة المظلمة. ففي الورقة الأولى، لجأ إلى الديناميكا اللونية الكمومية، التي تصف القوة الشديدة التي تربط الكواركات والغلوونات بجسيمات مثل البروتونات والنيوترونات.

 

وفقًا لهذه النظرية، يوجد كون مرآوي -نوعًا ما- داخل كوننا، وفيه تكون القوة النووية القوية بنسخة مختلفة تربط جسيمات أساسية مخفية عن نموذجنا القياسي.

تشير ورقة بروفومو إلى أنه في ظل ظروف محددة في المراحل المبكرة من عمر الكون، تجمعت هذه الجسيمات الخفية لتصل كثافتها إلى مستوى يسمح بتكوين ثقوب سوداء من المادة المظلمة، تتفاعل مع كوننا المرئي عبر الجاذبية فقط.

 

في الورقة الثانية، استند بروفومو إلى نظرية المجال الكمي عند الأفق الكوني، الذي يشبه أفق حدث الثقب الأسود ولكن بنسخة على نطاق الكون، أي حافة الكون المرئي التي لن نتمكن أبدًا من استكشاف ما وراءها.

 

وفقًا للنظرية الكونية الحالية، مرّ الكون بفترة من التوسع المتسارع بعد الانفجار العظيم، وفي هذه الفترة، كان من الممكن أن تولّد التقلبات الكمومية جسيمات المادة المظلمة تلقائيًا عند الأفق الكوني بكتل مختلفة.

 

كلا التفسيرين جديدان وغير تقليديين، لكنهما يستندان إلى أسس نظرية قوية، ومن المتوقع أن يكونا قابلين للاختبار في تجارب مستقبلية. ومع أن هذه النماذج المقترحة حديثًا تحتاج إلى مزيد من الجهد لتطويرها، فإن بروفومو يشير إلى أنها تفتح آفاقًا جديدة لاستكشاف المادة المظلمة التي تملأ الكون وفهمها.



المصادر:


الكاتب

يوسف الشيخ

يوسف الشيخ
تدقيق

محمد حسان عجك

محمد حسان عجك
ترجمة

يوسف الشيخ

يوسف الشيخ
مراجعة

باسل حميدي

باسل حميدي



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة