ما المياه القلوية؟ وهل لها فوائد؟

15 أكتوبر 2025
10 مشاهدة
0 اعجاب

ما المياه القلوية؟ وهل لها فوائد؟


أصبح شرب المياه القلوية ممارسةً رائجة مؤخرًا، إذ تقدمها العديد من الشركات على أنها تمنح فوائد متنوعة تتراوح بين تحسين الترطيب والوقاية من الأمراض المزمنة، غير أن التساؤل يظل قائمًا: ما المياه القلوية؟ وهل تحمل أي فوائد حقيقية فعلًا؟


تقول أستاذة التغذية سالومي كروغر من مركز إكسيلنس للتغذية في جامعة بوتشيفستروم: «تعد الادعاءات الشائعة عن المياه القلوية غير مثبتة بأدلة علمية».


تتمتع المواد القلوية أو القاعدية بقيمٍ مرتفعة من الأس الهيدروجيني (pH)، في حين تتميز الأحماض بقيم منخفضة. تدل القيم المنخفضة من الأس الهيدروجيني على وجود كمية أكبر من الجسيمات الموجبة الشحنة، وعادةً ما يتراوح الأس الهيدروجيني للمياه القلوية بين 8 و9، أي أنه أعلى من مياه الشرب العادية التي تُصنَّف غالبًا بأنها محايدة بقيمة تقارب 7.


قد تصبح المياه قلوية عندما تمر فوق الصخور وتلتقط المعادن القلوية، ويمكن إنتاجها أيضًا صناعيًا عبر التحليل الكهربائي، وهي عملية يُمرَّر فيها الماء المُرشَّح عبر جهاز يفصله إلى تيار قلوي وآخر حمضي، إذ يحتوي التيار القلوي على معادن مثل الكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم.


يُستبعَد أن يُحدث شرب المياه القلوية آثارًا طويلة الأمد في الجسم، وذلك لأن توازنها القلوي يُعاد إلى الحياد فور ملامستها المعدة، حيث يجري تعديل الأس الهيدروجيني بفعل العصارة المعدية ذات الحموضة العالية التي تتراوح بين 1.5 و3.5.


تتفاعل البيكربونات الموجودة في المياه مع حمض المعدة فينتج الماء مع غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يخرج لاحقًا عبر التجشؤ. أما المعادن الموجودة في المياه فيجري امتصاصها داخل الأمعاء الدقيقة وتدخل مجرى الدم، حيث يُحافَظ على الأس الهيدروجيني بدقة بين 7.35 و7.45 بفضل عمل الرئتين والكليتين، ثم تُرشَّح المعادن الزائدة في الدم بواسطة الكليتين وتُطرَح خارج الجسم.


على هذا، فمن غير المرجح أن يؤدي شرب المياه القلوية إلى «قلونة» الجسم بدرجة ملحوظة، فضلًا عن أن الدراسات العلمية حول تأثيراتها الصحية المحتملة محدودة وغالبًا غير حاسمة.


تشير دراسات أنبوبية إلى أن المياه القلوية قادرة على تعطيل عمل إنزيم البيبسين البشري الذي يهضم البروتين، وفي حالات الارتجاع الحمضي، يصل البيبسين إلى الحلق مسببًا تلفًا في الأنسجة، ما يجعل تعطيله يبدو مفيدًا في هذا السياق. بيد أن كروغر أوضحت أن هذا التعطيل داخل المعدة قد يعرقل عملية الهضم، وهو أمر غير مرغوب فيه.


أظهرت أبحاث أُجريت على الحيوانات فوائد محتملة للمياه القلوية، مثل إطالة العمر وخسارة الوزن لدى الحيوانات التي استهلكت المياه القلوية على مدى فترات طويلة. مع ذلك، فلم يتمكن الباحثون من تفسير الآليات التي تقف وراء هذه التأثيرات، ما يجعل إمكانية انطباقها على البشر غير مؤكدة.


أشارت دراسة رصدية شملت أكثر من 300 امرأة إلى أن اللواتي اعتدن شرب المياه القلوية بانتظام سجلن معدلات أقل في مؤشر كتلة الجسم ومستويات سكر الدم وضغط الدم مقارنة باللواتي شربن المياه العادية. بيد أن المجموعة الأولى تميزت أيضًا بمدخول أعلى، وتغذية أفضل، ومستويات نشاط بدني أكبر. تقول كروغر: «من المعروف أن هذه العوامل الحياتية تترك أثرًا أقوى بكثير على مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة من مجرد شرب المياه القلوية وحدها».


إضافةً إلى ذلك، لا توجد أدلة قاطعة على أن المياه القلوية توفر ترطيبًا أفضل من المياه العادية. ففي دراسة أجريت عام 2016، لاحظ الباحثون انخفاضًا في لزوجة الدم، لدى أشخاص استهلكوا المياه القلوية، ما عُد مؤشرًا محتملًا على أن الترطيب أفضل. مع ذلك، فإن دراسات أخرى تتبعت مؤشرات مباشرة للترطيب، لكنها لم تجد فروقًا جوهرية بين المياه القلوية والعادية.


تقول الأستاذة ليزي هافيمان نيل من مركز إكسيلنس للتغذية في جامعة بوتشيفستروم: «من الصعب الوصول إلى استنتاجات مؤكدة في هذه المسألة، نظرًا إلى وجود مشكلات منهجية في بعض الدراسات التي أجريت على البشر، مثل صغر حجم العينات وغياب القياسات الأساسية».


تشير بعض الأبحاث الناشئة إلى أن المياه القلوية قد تعمل ضد الأكسدة، ما يخفف من الإجهاد التأكسدي وتلف العضلات الناجم عن التمارين الشديدة أو الطويلة المدى، لكن يجدر التنويه بأن هذا المجال البحثي لا يزال في مراحله الأولى، وأشارت هافيمان نيل إلى أنه حال وُجدت فوائد للمياه القلوية فعلًا، فهي قد تكون مرتبطة أكثر بمحتواها من الأملاح وليس بقيمة الأس الهيدروجيني.


تبين الأدلة المتاحة حاليًا أن المياه القلوية لا تقدم سوى فوائد محدودة مقارنةً بالمياه العادية، بل قد ينطوي شربها على بعض المخاطر، وفقًا لكروغر.


مثلًا ، قد يشكل شرب مياه ذات أس هيدروجيني يتجاوز 9 خطرًا على الأشخاص الذين يتناولون أدوية تقلل إنتاج الحمض المعدي، مثل مثبطات مضخات البروتون، لأنها قد ترفع مستويات الأس الهيدروجيني في المعدة بشكل أكبر. فضلًا عن ذلك، قد تؤدي المعادن الزائدة في المياه القلوية إلى اضطراب مستويات المعادن في دم مرضى الكلى، الذين لا يستطيعون تصفية المعادن الزائدة بكفاءة.


في هذا الصدد، قد يساهم احتواء بعض منتجات المياه القلوية على بيكربونات الصوديوم في زيادة استهلاك الصوديوم. تقول كروغر: «يستهلك الكثير من الناس بالفعل مستويات مرتفعة من الصوديوم عبر ملح الطعام والأغذية المصنعة، من ثم فإن إضافة مزيد من الصوديوم من المياه القلوية قد يؤدي إلى تفاقم هذه المشكلة».

 



المصادر:


الكاتب

رحاب القاضي

رحاب القاضي
تدقيق

أكرم محي الدين

أكرم محي الدين



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة