ما مدى قابلية سرطان الثدي للعلاج إذا اكتُشف مبكرًا؟
يُعد سرطان الثدي في مراحله المبكرة من الأمراض القابلة للعلاج والشفاء غالبًا، إذ يعتمد مصير المرضى عمومًا على مرحلة السرطان ونوعه، إضافةً إلى عوامل شخصية مثل الحالة الصحية ونمط الحياة.
ينشأ سرطان الثدي من نمو خلايا غير طبيعية في أنسجة الثدي نموًا خارجًا عن السيطرة، ما يؤدي إلى تشكل كتل أو أورام، وقد تنتشر هذه الخلايا السرطانية إلى العقد اللمفاوية المجاورة أو مناطق بعيدة في الجسم، ما يؤثر بدوره في وظائف الأنسجة والأعضاء.
يظل سرطان الثدي في المراحل المبكرة محصورًا داخل أنسجة الثدي، ويمكن علاجه بفعالية عبر الجراحة والعلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي والهرموني، إضافةً إلى العلاجات الموجّهة الأخرى.
عند تشخيص الإصابة بسرطان الثدي في مرحلة مبكرة، من الطبيعي أن تُثار تساؤلات عديدة حول معنى هذا التشخيص وما يترتب عليه، لذا يستعرض هذا المقال بعض الأسئلة الشائعة حول سرطان الثدي وأجوبتها.
متى يُعد اكتشاف سرطان الثدي «اكتشافًا مبكرًا»؟
يُحدَّد نمو سرطان الثدي ومدى انتشاره من خلال تقسيمه إلى مراحل مختلفة، ويشير مصطلح سرطان الثدي المبكر عادةً إلى المرحلتين الأولى والثانية، حينما يكون السرطان غازيًا لكنه لا يزال محصورًا في أنسجة الثدي، وقد يمتد في المرحلة الثانية إلى العقد اللمفاوية القريبة. إلا أنه قد يختلف تعريف كلمة «المبكر» وفقًا للمصدر أو السياق الطبي المستخدم.
تُحدَّد مراحل سرطان الثدي بناءً على عدة جوانب عند التشخيص، ويمكن تصنيفها عمومًا على النحو الآتي:
● المرحلة صفر (سرطان الأقنية الموضعي): تتضمن خلايا غير طبيعية قبل عملية الغزو، لكنها محصورة داخل القنوات اللبنية.
● المرحلة الأولى (المرحلة المبكرة): ينتشر السرطان من القنوات أو الفصوص إلى الأنسجة المحيطة، وحجم الورم أقل من سنتيمترين.
● المرحلة الثانية (المرحلة المبكرة الموضعية): يتراوح حجم الورم بين 2 و5 سنتيمترات، أو أصغر من ذلك لكن الخلايا السرطانية قد وصلت إلى عقدة لمفاوية واحدة على الأقل.
● المرحلة الثالثة (المرحلة المتقدمة موضعيًا): يصبح الورم أكبر من 5 سنتيمترات وقد ينتشر إلى عدة عقد لمفاوية، وقد يصل إلى الجلد أو العضلات المجاورة للثدي.
● المرحلة الرابعة (المرحلة النقيلية): ينتشر السرطان إلى أجزاء أخرى من الجسم مثل الكبد أو الرئتين أو العظام.
متى يمكن بدء العلاج بعد تشخيص سرطان الثدي؟
تبدأ معالجة سرطان الثدي في أقرب وقت ممكن بهدف القضاء على الورم قبل تقدمه، بيد أن بدء العلاج قد يستغرق بضعة أسابيع، تُخصَّص عادةً لـ:
● تحديد مواعيد مع أطباء الأورام.
● استلام نتائج التحاليل المخبرية.
● وضع خطة للجراحة.
● دراسة تأثير العلاج على الخصوبة، عند الحاجة.
● الحصول على رأي طبي ثانٍ، عند الحاجة.
وفقًا لبيانات سابقة، تُحدَّد الفترات المثلى لبدء العلاج بعد التشخيص على النحو التالي:
● أقل من 90 يومًا للجراحة.
● خلال 8 أسابيع بعد الجراحة للعلاج الإشعاعي، إلا في حال الحاجة إلى العلاج الكيميائي بعد الجراحة.
● أقل من 120 يومًا للعلاج الكيميائي.
● عند إعطاء العلاج الكيميائي أولًا، ينبغي أن يبدأ العلاج الإشعاعي خلال مدة أقل من عام.
أجرى الأطباء دراسة تحليلية عام 2023، أظهرت أن نتائج علاج سرطان الثدي في مراحله المبكرة تكون أفضل في حال البدء بالعلاج الكيميائي، أو العلاج الكيميائي مع الإشعاعي خلال 12 أسبوعًا بعد الجراحة.
ما معدلات الهدأة -تراجع المرض- في حالات سرطان الثدي المبكر؟
يشير مصطلح الهدأة إلى الفترة التي تتراجع في أثنائها علامات سرطان الثدي وأعراضه، وهي تعني أن نشاط السرطان قد انخفض أو توقف، لكنها لا تعني بالضرورة أن الشفاء الكامل قد تحقق. يستخدم المصطلح في الوقت الراهن غالبًا بمعنى «عدم وجود دليل على المرض».
تُعد معدلات النجاة في حالات سرطان الثدي المبكر مرتفعة للغاية. إذ أظهرت دراسة أُجريت عام 2022 أن معدل النجاة بين النساء المصابات بسرطان الثدي المبكر يبلغ نحو 95%، وذلك على مدى عشر سنوات.
ما العوامل الأخرى التي قد تؤثر في النتيجة العلاجية؟
مع أن سرطان الثدي المبكر قابل للعلاج بدرجة كبيرة وغالبًا ما تكون النتائج إيجابية، قد تؤثر عوامل أخرى في تلك النتائج، منها:
● حجم الورم: إذ قد يصعب علاج الأورام الأكبر حجمًا.
● عدد العقد اللمفاوية المصابة: فكلما ازداد عددها، ارتفعت احتمالية عودة المرض.
● درجة الورم: فقد يشير مدى شذوذ الخلايا السرطانية عن الخلايا الطبيعية إلى سرعة انتشار المرض.
● وجود مستقبلات هرمونية: تنمو الأورام التي تحتوي على مستقبلات هرمونية ببطء نسبيًا وتميل إلى الاستجابة جيدًا للعلاج الهرموني.
● حالة بروتين HER2: عادةً ما تكون الأورام التي لا تحتوي على هذا البروتين أقل عدوانية وأكثر استجابةً للعلاج.
● الطفرات الجينية: تؤدي طفرات BRCA1 وBRCA2 إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي في سن مبكرة وبأنماط أكثر عدوانية.
● العمر: إذ غالبًا ما تنتشر أنواع السرطان الأكثر عدوانية بين النساء الأصغر سنًا.
● مرحلة انقطاع الطمث: قد تؤثر المستويات العالية من هرمون الإستروجين خلال فترة انقطاع الطمث في نمو سرطان الثدي.
● الحالة الصحية العامة: وجود أمراض أخرى قد يؤثر في مدى استجابة الجسم لعلاجات سرطان الثدي.
● نمط الحياة: تؤثر العادات غير الصحية في نمو السرطان وانتشاره واستجابة الجسم للعلاج، أي أن العادات اليومية مثل النظام الغذائي والنشاط البدني واستهلاك الكحول تؤدي دورًا مهمًا.
ينصح الخبراء بالتعاون مع الفريق الطبي المتخصص في الأورام لمناقشة الحالة الخاصة بكل مريضة وتحديد الخيارات العلاجية الأنسب لها.
خلاصة القول
يُعد الكشف المبكر عن سرطان الثدي خطوةً حاسمة تساهم في تحقيق نتائج علاجية ممتازة، وفي حال تشخيص الإصابة بسرطان الثدي في مرحلة مبكرة، يبدأ العلاج في أقرب وقت ممكن، وإن كانت الترتيبات قد تستغرق عدة أسابيع. ويساعد التعاون مع الفريق الطبي المتخصص في تحديد الخطوات التالية الأنسب لكل حالة.
المصادر:
الكاتب
رحاب القاضي

ترجمة
رحاب القاضي
