قد يكون استخدام مستشعر جاذبية كمومي أفضل طريقة للعثور على الكنوز المدفونة، إذ تكشف هذه الأجهزة الاختلافات البسيطة في الجاذبية نتيجة الذرات المتساقطة في أماكن مختلفة، ما يعني اختلافات في كثافة المواد الموجودة تحت المستشعر.

كشفت هذه الأجهزة عن تأثير فرق جاذبية بسيط لنفق تحت الأرض حسب قول أحد الباحثين في 24 شباط لمجلة نيتشر. وقد علق نيكولا بولي، وهو فيزيائي تجريبي في جامعة فلورنسا على الدراسة في عدد المجلة نفسه بأن «هناك الكثير من التطبيقات لهذه الأجهزة».

يقول بولي أنه بالإمكان استخدام مستشعرات جاذبية كمومية للكشف عن المياه الجوفية أو الماغما تحت البراكين، أو لمساعدة علماء الآثار على اكتشاف المقابر والقطع الأثرية دون اللجوء إلى الحفر، ويمكن أن تساعد المزارعين أيضًا على معرفة نوع التربة ومساعدة المهندسين على الكشف عن الأراضي غير الصالحة لبناء مواقع عليها.

يقول زيجيان وو، عالم الفيزياء الذرية في جامعة روتجرز بولاية نيوجيرسي: «هناك العديد من الأدوات لقياس الجاذبية، تقيس بعض الأجهزة تأثير جاذبية الأرض على كتلة معلقة في نابض، وتستخدم أدوات أخرى الليزر لقياس سرعة سقوط جسم في غرفة فارغة، ولكن الذرات المتساقطة الموجودة في مستشعرات الجاذبية الكمومية هي الأنقى والأكثر موثوقية». لذلك تعد أجهزة الاستشعار الكمومية هي الأكثر دقة واستقرارًا على المدى الطويل من الأجهزة الأخرى.

تسقط غمامة من الذرات شديدة البرودة داخل قناة في مستشعر الجاذبية الكمومية، ثم تقسم نبضة من الضوء كل ذرة من الذرات الساقطة إلى حالة تراكب، وهي الحالة التي توجد فيها كل ذرة في مكانين في وقت واحد، ونتيجة مواقعهم المختلفة قليلًا في مجال جاذبية الأرض، فإن النسختين من كل ذرة ينخفض قطرهما عند السقوط لتعود نبضة أخرى من الضوء بإعادة تجميع الذرات المقسومة.

بفضل ازدواجية الذرات موجة-جسيم، وهي إحدى قواعد فيزياء الكم الغريبة، التي تنص على أن الذرات قد تسلك سلوك الموجات، إذ تتداخل الذرات التي اندمجت مع بعضها ومع تداخل موجات الذرة يمكن أن تزداد قممها وقيعانها أو تنفي بعضها بعضًا ما يؤدي إلى إنشاء نمط متداخل. ساعدت القياسات الدقيقة لهذه الأجهزة في اختبار نظرية أينشتاين في الجاذبية وقياس الثوابت الأساسية مثل ثابت جاذبية نيوتن، ولكن مستشعرات الجاذبية التي تعتمد على الذرة حساسة جدًا للاهتزازات الناتجة عن النشاط الزلزالي وحركة المرور والمصادر الأخرى.

يقول مايكل هولينسكي، عالم فيزياء في جامعة برمنغهام في إنكلترا: «تسبب الاهتزازات الصغيرة ضوضاء كافية يجب قياسها لفترة طويلة»، مما جعل أجهزة استشعار الجاذبية الكمومية غير عملية للاستخدامات خارج المختبر. حل فريق هولينسكي هذه المشكلة من طريق إنشاء مستشعر جاذبية يحوي سحابتان من ذرات الروبيديوم مع فرق ارتفاع متر بينهما، ويمكن للأداة قياس الجاذبية على ارتفاعين مختلفين في مكان واحد، ما سمح للباحثين بمقارنة هذه القياسات وإلغاء تأثير الضوضاء.

اختبر هولينسكي وزملاؤه جهاز استشعار، وهو عربة بطول مترين مزودة بالمعدات؛ هل كان بإمكانه الكشف عن ممر تحت الأرض في حرم جامعة برمنغهام؟.

يقع النفق الخرساني البالغة مساحته 2*2 m تحت الطريق الواصل بين مبنيين متعددي الطوابق. قاس المستشعر الكمومي مجال الجاذبية المحلي لكل 0.5 متر على طول خط 8.5 متر عبر النفق. تطابقت القياسات مع تنبؤات محاكاة الكمبيوتر، التي قدرت إشارة جاذبية النفق وفق هيكله وعوامل أخرى يمكنها التأثير في مجال الجاذبية المحلي، مثل المباني المجاورة. قدر الباحثون أن حساسية الآلة في هذه التجربة يمكن أن توفر قياسًا موثوقًا للجاذبية في كل موقع في أقل من دقيقتين، وهو نحو عُشر الوقت اللازم لأنواع أخرى من حساسات الجاذبية.

أنشئ الفريق منذ ذلك الحين نسخة مصغرة من مستشعر الجاذبية المستخدم في تجربة اكتشاف الأنفاق، تزن الآلة الجديدة نحو 15 كيلوغرامًا مقارنة بآلة تزن 300 كيلوغرامًا (المستخدمة في الاختبار ذاته)، ويمكن أن تؤدي التحسينات الأخرى أيضًا إلى زيادة سرعة جهاز استشعار الجاذبية.

تضيف المهندسة نيكول ميتجي وهي مؤلفة مشاركة في الدراسة من جامعة برمنغهام: «إن إنشاء مستشعر جاذبية كمومي في المستقبل يمكنه التنقل من مكان إلى آخر بسهولة، ولكن إمكانية النقل ليست التحدي الوحيد لجعل هذه الأدوات أكثر سهولة في الاستخدام، وفي الوقت الحالي نحن بحاجة إلى شخص حاصل على درجة في الفيزياء لتشغيل المستشعر».

اقرأ أيضًا:

اكتشاف جرم تمكن من الهرب من جاذبية ثقب أسود عملاق

ترجمة: عمرو أحمد حمدان

تدقيق: دوري شديد

مراجعة: حسين جرود

المصدر