اكتشف علماء من معهد سولك الأمريكي نهجًا جديدًا قد يؤدي إلى تطوير وسيلة منع حمل عكسية وغير هرمونية للرجال. ورغم أنها لم تُختبَر إلا على الفئران حتى الآن، فإن الباحثين واثقون من أن وسيلتهم الواعدة قد تخضع للتجارب السريرية البشرية قريبًا.

يتمثل الاكتشاف الجديد في مركب بروتيني ينظم التعبير الجيني في أثناء عملية إنتاج الحيوانات المنوية. عالج العلماء فئرانًا ذكرية بفئة معروفة من الأدوية تسمى مثبطات الهستون ديأسيتالاز، التي تعرقل عمل هذا المركب البروتيني.

أظهرت تجاربهم أن هذا النوع من الأدوية يوقف خصوبة الفئران مؤقتًا، لكن المهم أنه لم يؤثر في رغبتها الجنسية أو مستويات هرمون التستوستيرون لديها، إضافةً إلى أن خصوبتها تعافت بعد إيقاف الدواء بستين يومًا.

يقول الباحث الرئيسي في الدراسة البروفيسور رونالد إيفانز: «تستخدم معظم أدوية منع الحمل الذكرية وسائل قوية لإيقاف إنتاج الحيوانات المنوية، لكن الوسيلة التي اتبعناها طفيفة، ما يؤهلها لتكون نهجًا علاجيًا واعدًا نأمل أن يخضع للتجارب السريرية البشرية قريبًا».

على غرار وسائل منع الحمل الذكرية السابقة، تعمل هذه الوسيلة أيضًا على حمض الريتينويك، وهو مادة مغذية تحفز تحول الخلايا الجذعية المنوية في الخصيتين إلى حيوانات منوية.

يرتبط حمض الريتينويك مع مستقبلات في تلك الخلايا ثم يحفز بدء العملية الجينية المعقدة التي تحول الخلايا الجذعية إلى حيوانات منوية مكتملة النمو، ويحدث ذلك على عدة مراحل، إذ يبدأ بارتباط حمض الريتينويك مع البروتين SMRT، ويدفع المركب الناتج إنزيم الهستون ديأسيتالاز إلى بدء التعبير عن الجينات المسؤولة عن إنتاج الحيوانات المنوية بالتزامن.

تستهدف وسائل منع الحمل الذكرية المكتشفة سابقًا ببساطة إما حمض الريتينويك أو مستقبلاته؛ بغية إيقاف إنتاج الحيوانات المنوية تمامًا، إلا أن هذا النهج قد يؤدي إلى تأثيرات جانبية خطيرة بما أن حمض الريتينويك ضروري لعدة وظائف أخرى في الجسم.

في المقابل تستخدم وسيلة منع الحمل الجديدة دواءً مثبطًا للهستون ديأسيتالاز، وهو يعرقل دورة إنتاج الحيوانات المنوية بتأثيرات تكاد لا تُذكر في وظائف الجسم الأخرى.

يقول مايكل داونز، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة: «الأمر كله يتعلق بالتوقيت، إذ عند إعطاء الدواء، تصبح الخلايا الجذعية غير متزامنة مع ذبذبات حمض الريتينويك، ما يؤدي بدوره إلى إيقاف عملية إنتاج الحيوانات المنوية، وبمجرد إيقاف الدواء، يتسنى للخلايا الجذعية استعادة انتظامها مع حمض الريتينويك ثم تبدأ عملية إنتاج الحيوانات المنوية مجددًا».

لطالما بدا تطوير دواء منع حمل ذكري قاب قوسين أو أدنى، إلا أنه لا يتجسد أبدًا، فحتى إن تمكنت وسيلة منع الحمل الجديدة من اجتياز كافة الاختبارات الروتينية المعتادة، على الأغلب ستستغرق بعض الوقت حتى تصل إلى رفوف الصيدليات، بيد أن كثيرًا من العلماء يعملون على ذلك.

في حين أنه كثيرًا ما تثار تساؤلات حول احتمالية إقبال الرجال على تناول حبوب منع حمل ذكرية، فإن هناك أدلةً على وجود طلب عليها؛ إذ أشار استبيان من شركة يوغوف في سنة 2019 إلى أن رجلًا من كل ثلاثة رجال نشطين جنسيًا في بريطانيا أو 33% منهم قد يفكر في تناول حبوب منع الحمل الرجالية. يرجع هذا التردد الملحوظ بين الرجال غالبًا إلى مخاوفهم من التأثيرات الجانبية، لكن تبين هذه الدراسة أن العلماء أحرزوا تقدمًا قويًا في معالجة هذه المشكلة.

نُشرت الدراسة في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences.

اقرأ أيضًا:

وسيلة منع الحمل الذكرية تغير قواعد اللعبة! يمكنها إيقاف الحيوانات المنوية ليوم واحد

أيهما أفضل لمنع الحمل الحبوب أم الحقن؟

لماذا يحدث حمل على الرغم من استخدام وسائل منع الحمل ؟

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر