د. مات ستراوس، أستاذ مساعد بكلية الطب الباطني العام في جامعة ماكماستر بكندا.

يهل علينا الشتاء ويأتي معه موسم أعراض الاكتئاب، للأسف في الولايات المتحدة الاكتئاب يقضي على أرواح أكثر مما تفعل الأسلحة النارية؛ لقد تزايد معدل الانتحار في كل الولايات تقريبًا.

أصدرت مراكز مكافحة الأمراض في الولايات المتحدة تقريرًا يفيد بأن معدل الوفيات بالانتحار تزايد بنسبة ٣٠٪ منذ ١٩٩٩ وهناك نسبة مقاربة في كندا.

شعرت بالأسى عندما علمت أن تزايد معدل الانتحار كان خلال فترة ازداد فيها استخدام مضادات الاكتئاب بنسبة ٦٥٪. عام ٢٠١٤ كان هناك واحد من كل ثمانية أمريكيين في عمر الـ 12 يتناولون مضادات اكتئاب.

كطبيب طوارئ في جيلف -مدينة بكندا- للأسف ١٠ إلى ١٥% من حالات الرعاية والإنعاش كانت نتيجة انتحار وجرعات زائدة.

الجرعات الزائدة أمر شائع في هؤلاء المرضى لكثرة مضادات الاكتئاب التي يتناولونها حتى لا يقدموا على الانتحار. من خلال خبرتي السريرية عاينت فشل مضادات الاكتئاب بشكل واضح وحاضر.

التشبث بالعلاجات التي بالكاد تكون فعالة/ الوهمية (placebo):

منذ عشر سنوات عندما أنهيت دراستي الطبية، حرصت على زيارة الطبيب النفسي واكتشفتُ خطأ اعتقادي أن الأطباء النفسيين بالخطأ كانوا يلجؤون إلى العقاقير التي بالكاد تكون فعالة. عام ٢٠٠٤ بمقارنة هذه العقاقير ومضادات الاكتئاب كشفت مؤسسة conchran أنه لا يوجد فرق يُذكر بينهم.

الدراسات التي كانت تقارن مضادات الاكتئاب بهذه العقاقير كشفت نتائج كبيرة ولكنها ما زالت مخيبة. وطبقًا لتقييم الاكتئاب (HDRS) عند النقطة ٥٢ في المرضى الذين يتناولون مضادات الاكتئاب (effexor) أو (prozac) انخفضت نقاطهم بمعدل ١١.٨ نقطة، وهؤلاء الذين تناولوا العقاقير الوهمية انخفضت نقاطهم بمعدل ٩.٦ فقط.

أنا لا أقول أن مضادات الاكتئاب لا تعمل ولكنها على الأرجح تأخذ أسبقية لا تستحقها في اعتقادنا حول الصحة العقلية.

تركت هذا للقراء لينظروا في تقييم الاكتئاب (HDRS) ويقرروا بأنفسهم إذا كان معدل ٢.٥ نقطة يستحق تناول عقاقير بعدد لا يحصى من الأعراض الجانبية منها زيادة الوزن وضعف الانتصاب والنزيف الداخلي.

كفاءة العلاجات الطبيعية:

الأمر الأكثر إثارة بالنسبة لي أن هناك كثيرًا من العلاجات غير العقاقير أظهرت كفاءة. المدهش بالنسبة لي إن العلاجات الطبيعية القادمة لديها دراسات علمية صارمة تدعم استخدامها.

 ممارسة الرياضة:

في ٢٠٠٧ قام باحثون بجامعة Duke university  بشمال كاليفورنيا، بمتابعة ٣٠ مريضًا عشوائيًا وطُلب منهم ٣٠ دقيقة من المشي أو الجري ثلاث مرات أسبوعيًا، أو استخدام مضادات اكتئاب (zoloft) أو عقاقير وهمية. أوضحت نتائجهم أن ممارسة الرياضة كانت أكثر فاعلية من العقاقير.

في ٢٠١٦ أثبتت كل دراسات علاقة الاكتئاب بالرياضة أن ممارسة الرياضة تعتبر علاجًا فعالًا ومجانيًا للاكتئاب.

 ضوء المصباح:

هل تعلم مدى شعورك بالتحسن عند الخروج لمدة ساعة في الصباح؟

العلاج بضوء المصباح هو مماثل لتأثير الشمس المبهج. طُلب من المرضى أن يجلسوا أمام صندوق مضيء (10000LuX) لمدة ٣٠ إلى ٦٠ دقيقة كأول شيء يفعلونه صباحًا.

التقرير عن هذه الدراسة أثبت تأثير ملحوظ، حيث أوضح انخفاض بمعدل ٢.٥ نقطة على تقييم الاكتئاب (HDRS). وهو ما يساوي نتيجة بعض مضادات الاكتئاب.

الشمس تعطي (1000000 LUS) في الأيام الصافية. لا أستطيع أن أجد سببًا لعدم عمل ضوء الشمس بالدور ذاته.

نظام غذاء البحر المتوسط:

أدهشني هذا عندما صدر العام الماضي. اختار باحثون في أستراليا عشوائيًا مرضى ليتناولوا نظامًا غذائيًا معينًا أو دعمًا اجتماعيًا.

رجح أخصائيو التغذية  نظام غذاء البحر المتوسط، وما يحويه من أغذية غير مصنعة. 32% من مرضى الاكتئاب الذين اتَّبعوا النظام الغذائي تحسنوا بنسبة ٨% عن الذين تلقوا الدعم الاجتماعي. وهو تأثير أكثر من مضادات الاكتئاب.

علاج سلوكي معرفي (CBT):

هذا أفضل علاج طبيعي للاكتئاب، فإنه علاج فعال كمضاد اكتئاب ولكنه أغلى على المدى القصير ولكن تأثيره يدوم، ولكن مضادات الاكتئاب تتوقف عن العمل عند التوقف عن تناولها.

أنا أعترف أن التجارب التي أجريتها أقل من تجارب مضادات الاكتئاب، لكن بينما تجلب مضادات الاكتئاب ١٧ بليون دولار سنويًا لمصانع الأدوية حول العالم بحلول عام ٢٠٢٠. فإن الجري وضوء الشمس يمكنها تمويل تجارب كثيرة. وبأخذ هذا في الاعتبار فإنني مقتنع أنها على الأقل بكفاءة العقاقير.

الأطباء لديهم مسؤوليات أبسطها التحدث مع المريض حول هذه الخيارات قبل الوصول للعقاقير.

يوصي د. ستروس بعدم تغيير الدواء لشخص مريض بالاكتئاب دون استشارة الطبيب.


  • ترجمة: مريم سيد
  • تدقيق: براءة ذويب
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر