يعيش في جرينلاند نوع من أسماك القرش يسمى سومنيوسوس ميكروسيفالاس، ويعد أطول الفقاريات عمرًا على الكوكب، ويُعتقد أنه قد يعيش أكثر من 500 عام، حتى في أقل التقديرات قد يبلغ من العمر 272 عامًا، وسيظل متفوقًا أيضًا في العمر على أي أنواع أخرى من الكائنات على الأرض.

توصل العلماء إلى طريقة اكتشاف انفرادها بهذا العمر الطويل جدًا مع بداية اختبارات القنابل الذرية.

تُطلَق كميات هائلة من نظائر الكربون المشعة C-12 و C-14 في البيئة أثناء الانفجارات الذرية، هذه العملية تسمى “نبضة القنبلة”، وتؤخذ مؤشرًا لأعمار الحيوانات البحرية بسبب تأثيرها على مستويات الكربون المشع.

يُعَد تقدير عمر أسماك القرش أمرًا صعبًا لأنها تفتقر إلى الأنسجة المتكلسة التي يعتد بها الباحثون في دراسة تقدير العمر مثل الأذن الحجرية الموجودة في الأسماك، وهي تماثل حلقات النمو في الأشجار في تقدير عمرها، وللتغلب على تلك العقبة لجأ الباحثون في دراسة أجريت عام 2016 إلى تقنيات التأريخ بالكربون المشع لدراسة عدسة عين أسماك القرش في جرينلاند.

يقول الباحثون: «يتكون مركز عدسة العين في الحيوانات الفقارية من بروتينات شفافة خاملة أيضيًا، تتشكل أثناء تطور الجنين. يحتفظ هذا النسيج بالبروتينات المصنعة حتى لحظة الولادة، وهي ميزة لعدسة العين استُغلت في تقدير عمر الحيوانات الفقارية التي لا تجدي معها الطرق الأخرى».

دُرست عدسات عيون 28 أنثى من أسماك قرش جرينلاند لاختبار مستويات الكربون المشع والنظائر المستقرة بسبب النظام الغذائي المتبع لأسماك القرش الأم بدلًا من الحيوان نفسه الخاضع للدراسة، وذلك لتفرد الطريقة التي تحتفظ بها عدسات العين ببعض التفاصيل البنيوية الموجودة منذ اليوم الأول من حياة أسماك القرش.

ذُكِر في الدراسة: «أُطلقت كميات كبيرة من الكربون المشع في الغلاف الجوي خلال اختبارات الأسلحة النووية الحرارية منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، ومنه انتقلت إلى البيئة البحرية، وأدت إلى توليد “نبضة قنبلة” مميزة في التسلسل الزمني المبني على التأريخ بالكربون. فترة الزيادة السريعة تلك في الكربون المشع تؤخذ بصمةً زمنيةً قوية للتحقق من عمر الحيوانات البحرية».

دُمجت تلك المستويات العالية من الكربون المشع الناتجة من تفجير القنابل الذرية في أنسجة جميع الكائنات الحية التي وُلدت بعد نبضة القنبلة، وصارت مؤشرًا حيويًا لتقدير العمر، لأن محتوى الكربون المشع لأنسجة الحيوانات المولودة قبل التفجيرات مختلفة تمامًا عما هي بعدها، بالاعتماد على التأريخ بالكربون المشع كمرجعية.

بالعودة إلى أسماك قرش جرينلاند، عُثر على أعلى كميات من النظائر المشعة في عدسات العين لأسماك القرش الأكثر شبابًا، أما أسماك القرش كبيرة العمر المتبقية، كشفت الدراسة أن متوسط فترة حياتها كان 272 عامًا على الأقل، مع العلم أن أكبرها عمرًا كان قريبًا من 392 عامًا، كذلك قدّر فريق العمل أن عمرهم عند النضج الجنسي هو 156 عامًا، ما يجعل فترة البلوغ لديها طويلةً جدًا.

تُعد البرودة الشديدة للبحار التي تعيش فيها أسماك القرش تلك سببًا من أسباب طول العمر المذهل لها، إذ تؤدي البيئة قارصة البرودة للقطب الشمالي إلى بطء عملية التمثيل الغذائي جدًا، وهي ظاهرة ترتبط بطول العمر في فئة من الحيوانات.

هل الحياة لعمر طويل أمر جيد؟

حذّر الباحثون أن الأعمار المديدة للغاية لأسماك قرش جرينلاند والوقت الطويل الذي تستغرقه للوصول إلى مرحلة النضج الجنسي تجعلها عرضةً للخطر، إذ تمثل فترة الإنجاب لأي كائن فرصته العظيمة لزيادة عدد أفراد جنسه طوال فترة حياته التي يقضيها على الأرض.

تشير التقديرات إلى وجوب اتخاذ نهج استباقي قوي للحفاظ على أسماك قرش جرينلاند، لأنها تتعرض للصيد العرضي خطأً في أثناء الصيد العادي للأسماك القاعية في الأماكن القطبية وشبه القطبية، وهناك العديد من الدعوات مؤخرًا لاستغلال صيدها على المستوى التجاري.

إذا كنت تعتقد أن سمكة قرش بعمر 400 عام تثير الدهشة، فالأعمار الطويلة لمحار كواهوغ القطبي ما تزال متفوقةً على أعمار أسماك القرش في جرينلاند.

اقرأ أيضًا:

قرش الميجالودون اكبر قرش عاش على الارض

ما السبب وراء انقراض قرش (الميغالودون)؟ أجوبة جديدة حصلنا عليها

ترجمة: عمرو أحمد

تدقيق: بشير حمّادة

المصدر