في عام 2017، نقلنا كل الأخبار العلمية انطلاقًا من (مفتاح قاتل) السرطان، وتحرّي السرطان بمساعدة الذكاء الصنعي، إلى الاختبارات الأولى للقاحٍ سرطانيٍ وصنع مُتحرٍّ جلديٍ محمولٍ للسرطان، وفي الحقيقة كانت هذه الأخبار بمثابة قمة جبلٍ جليديٍ فيما يتعلق بالتطورات المثيرة في مجال الأبحاث السرطانية لهذا العام.

وبينما قد يجد معظمنا مواكبة أحدث الأبحاث أمرًا متعبًا بعض الشيء، يُعد كل بحثٍ بحد ذاته قيّمًا، وأثناء تصدُّر بعض الأبحاث الأخبار على وسائل الإعلام وجذبها للكثير من الانتباه، يتحتّم تفويتُ أبحاثٍ ومجموعة معطياتٍ أخرى، أو تصنيفها على أنها غير مهمةٍ أو غير متعلقةٍ بالمجتمع العام بمرورها الأول.

انطلق فريقٌ من الباحثين من مركز لاينبرغر الشامل للسرطان، التابع لجامعة شمال كارولينا، لحل هذه المعضلة، مُظهرين نتائجهم في نوفمبر/تشرين الثاني العام الفائت.

وقد تضمن الحل الذي اقترحوه استخدام إحصاءٍ محوسبٍ معرفيٍّ للتمحيص في كمية البيانات الهائلة التي تنتجها الدراسات العلمية، كمحاولة لتحديد التجارب السريرية التي قد تكون متعلقةً بالمرض أو الخيارات العلاجية لمرضى السرطان بناءً على وراثيات أورامهم.

أي باختصار، يود أولئك العلماء استخدام تقنيات الإحصاء المحوسب المتطورة لتحديدٍ أكثر فعاليةً لعلاجات السرطان التي يُحتمل أن تكون مفيدة.

حاسوب واتسون للوراثيات المُصمم من قبل شركة IBM

تقترح نتائج الباحثين، المنشورة في دورية (The Oncologist)، إمكانية مساعدة هذه الآلية للأطباء على مواكبة الأدبيات العلمية الحالية والقادمة، ولاختبار هذه الآلية.

سخّر الباحثون مساعدة حاسوب واتسون للوراثيات، المصمم من قبل شركة آليات التجارة العالمية (IBM Watson for Genomics)، للتأكد من كونها ستثبت فعاليتها أكثر من مجلس من خبراء السرطان.

قارن الفريق قدرة واتسون على انتقاء المعالجات المتعلقة بالطفرات الجينية المهمة سريريًا مع نتائج مجموعةٍ من خبراء السرطان، ومن بين 1.018 حالةٍ سرطانيةٍ محللة، استطاع مجلس الورم الجزيئي تحديد التغيرات الجينية الفعالة في 703 حالات، كما حدد حاسوب واتسون عدد الحالات ذاته.

ولكنه لاحظ أيضًا احتمالاتٍ علاجيةٍ ممكنةٍ لدى 323 مريضًا إضافيًا، ومن بين تلك الإضافات، وُجد 96 مريضًا لم تتم ملاحظة امتلاكهم لطفرةٍ فعالةٍ* سابقًا.

*الطفرة الفعالة- actionable mutation: مصطلحٌ يشير إلى تغير في الـDNA إذا تم كشفه في ورم المريض، فمن المتوقع أن يكون حساسًا فيؤثر على استجابة المريض للعلاج.

يقول ويليام كيم (William Kim)، وهو دكتورٌ في الطب، وأستاذٌ مساعدٌ في الطب والوراثيات في كلية الطب في جامعة شمال كارولينا، والمؤلف المنسق للدراسة: «للتوضيح، تتألف الحالات الـ 323 الإضافية من التغيرات الفعالة التي حددها واتسون من ثمان جيناتٍ فقط لم يتم اعتبارها فعالةً من قِبل مجلس الورم الجزيئي».

واستمر د.كيم بشرح الهدف الرئيسي للدراسة: «لم يكن مصممًا لتحليل ما إن كان ذلك يساعد المرضى فيما يخص النتيجة المعرّفة بالبقاء المطوّل أو الاستجابة للعلاج، أم لا».

ورغم أن بعض نتائج واتسون لم تكن على صلةٍ بالموضوع، إما لأن المرضى لم يمتلكوا سرطاناً نشطاً أو قد توفّوا سابقًا، تم إخطار أطباء 47 مصابًا بسرطانٍ فعالٍ بنتائج واتسون.

ويذكّر بحث الفريق في قدرة الإحصاء المحوسب المعرفي باستخدام قدرات آليات الذكاء الصنعي التعلمية سابقًا لفهم السلوك الانتحاري وتحديد آفات الثدي التي قد تتطور إلى سرطان، رغم أنه وفيما يتعلق بالعملية.

يعد البحث مشابهًا لاستخدام الفلكيين للذكاء الصنعي لإيجاد عدساتٍ جاذبية، فكلاهما يتطلب التمحيص في كمياتٍ هائلةٍ من المعلومات التي قد تُربك العقل البشري.

ولا تُعدّ الطريقة السابقة هي الوحيدة التي يُستخدم فيها الذكاء الصنعي في المجال الطبي، وستستمر تطبيقاته بالتوسع بينما تتطور التكنولوجيا، إذ تمتلك شركة مايكروسوفت خططًا لاستخدامه في إيجاد علاجٍ للسرطان.

وقد أثبت الذكاء الصنعي قدرته مسبقًا على توقع النوبات القلبية بشكلٍ أكثر دقةً من الأطباء، وتُلمّح هذه التطورات لمستقبلٍ تضعك فيه رحلتك إلى المستشفى وجهاً لوجهٍ مع روبوتٍ أو حاسوبٍ فائقٍ عوضاً عن إنسانٍ حي.


  • ترجمة: سارة وقاف.
  • تدقيق: م. قيس شعبية.
  • تحرير: رؤى درخباني.

المصدر

مواضيع ذات صلة: