تُعد الطاقة الشمسية من أهم مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة في عصرنا الحالي. فهي تعتمد على استغلال ضوء الشمس لتوليد الكهرباء وتسخين الماء، وذلك بواسطة استخدام ألواح شمسية تحول الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية.

إن أنظمة الطاقة الشمسية صديقة للبيئة، ولها العديد من المزايا التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة. وتُسبب هذه الأنظمة انبعاثات غازات دفيئة قليلة للغاية، وتساهم في خفض معدلات التلوث البيئي خلال دورة حياتها التشغيلية.

وفقًا لدراسة أجراها أتسي لوين من جامعة أوتريخت، أدى نمو الطاقة الشمسية إلى بعض الفوائد الواضحة في مجال الاستدامة. تكشف الدراسة إنه منذ عام 1975 ظهرت مساعٍ واضحة لخفض التكاليف، وتقليل الطلب التراكمي على الطاقة، وتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة. وكل ذلك بالتزامن مع النمو السريع للقدرة الكهروضوئية المثبتة.

تشير النتائج التي توصلوا إليها في الدراسة إلى إنه في كل مرة تتضاعف فيها كمية القدرة المستجرة بواسطة الأنظمة الكهروضوئية، تنخفض التكلفة بنحو 20%. وإلى جانب هذا التخفيض في التكاليف، هناك تغييرات إيجابية في مجالات أخرى أيضًا. إذ انخفض الطلب التراكمي على الطاقة بنسبة تتراوح بين 11.9% و12.6%، وانخفضت انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 16.5% إلى 23.6% تقريبًا مع كل مضاعفة للقدرة.

كان نمو صناعة الطاقة الكهروضوئية في البداية يستهلك كميات هائلة من الطاقة، وأدى إلى انبعاث كميات كبيرة من غازات الدفيئة. وكانت نتائج الدراسة تشير إلى أن الدين البيئي الذي نشأ خلال مرحلة النمو هذه، كان من المحتمل أن يُعوّض بحلول عام 2011 تقريبًا لكل من انبعاثات CED وغازات الدفيئة.

وحتى في أسوأ السيناريوهات عندما تكون التأثيرات البيئية غير ملائمة أبدًا، تظهر الدراسة الوصول إلى نقطة التعادل عام 2017 تقريبًا بالنسبة للطلب الأعظمي على الطاقة (CED)، وعام 2018 بالنسبة لانبعاثات الغازات الدفيئة (GHG). من هذه النقطة فصاعدًا، أدى أي نمو في استخدام الطاقة الشمسية إلى انخفاض في CED وGHG.

التأثير على البصمة الكربونية:

يوفر التحول إلى الطاقة الشمسية فرصةً قيّمةً للحد من البصمة الكربونية.

وفقًا لدراسة أجراها أرشيان شريف من جامعة أوتارا الماليزية، فإن الطاقة الشمسية وسيلة فعالة لتقليل البصمة الكربونية. وتتوافق النتائج التي توصل إليها مع الدراسات السابقة، التي تشير إلى إن البصمة الكربونية لدورة حياة أنظمة الطاقة الشمسية قليلة بشكل ملحوظ مقارنةً بالفحم أو الغاز.

أحد الأمثلة على هذا التأثير هو الأنظمة المنزلية لتسخين المياه بالطاقة الشمسية، إذ تنبعث من هذه الأنظمة غازات دفيئة أقل بنسبة 80% مقارنةً بنظيراتها التقليدية.

لاحظ الباحثون أيضًا إن الأنظمة الفضائية للتسخين بالطاقة الشمسية تخفض من الانبعاثات بنسبة 40% مقارنةً باستخدام محطات الطاقة الكهربائية التقليدية.

الحفاظ على المياه:

بينما تعمل الألواح الشمسية دون الحاجة إلى استهلاك المياه، توجد تقنيات محددة للطاقة الشمسية مثل أنظمة الأبراج المركزية، تستخدم الماء للتبريد. ما يصبح مصدر قلق في المناطق القاحلة، التي غالبًا ما تكون مناسبةً لتوليد الطاقة الشمسية، لكن موارد المياه تكون شحيحةً فيها.

يمكن أن يؤدي الطلب المتزايد على المياه بسبب هذه الأنظمة إلى تفاقم ندرة الموارد، بل ويشكل خطر تلويث المياه الجوفية.

على الرغم من توفر بيانات دقيقة عن استخدام المياه، لكن القلق المحتمل يسلط الضوء على أهمية التقييم الدقيق للجدوى، والأثر البيئي لمنشآت الطاقة الشمسية في المناطق التي تعاني من قلة المياه.

تحليل دورة حياة الألواح الشمسية:

مع أن إنتاج الألواح الشمسية يستلزم استخدام بعض المواد السامة والقابلة للاشتعال، لكن فوائدها البيئية تفوق هذه التأثيرات الأولية بكثير طوال عمرها التشغيلي.

مثلًا، تشير التقديرات إلى أن البصمة الكربونية الناتجة عن تصنيع الألواح الشمسية النموذجية يمكن تعويضها بإنتاج الطاقة خلال ثلاث سنوات فقط. وهذا يدل على إن التأثير الإيجابي طويل المدى للألواح الشمسية على انبعاثات الغازات الدفيئة، يتجاوز تكاليفها البيئية الأولية بشكل كبير.

في المتوسط، يبلغ عمر مكونات أنظمة الطاقة الشمسية حوالي 25 إلى 30 عامًا. ولكن عندما ننظر إلى تأثيراتها البيئية، نرى أن المكونات المختلفة لها تأثيرات مختلفة.

تطلق بعض المكونات ملوثات مثل ملوثات الهواء والتربة والمياه أكثر من غيرها. وهذا يسلط الضوء على الحاجة إلى إجراء تقييم شامل لكل مكون، لفهم كيفية مساهمته في التأثير البيئي الشامل للأنظمة.

تحقيق الاستدامة عند تصنيع الألواح الشمسية:

تعد إعادة تدوير الألواح الشمسية أمرًا ضروريًا لتحسين الاستدامة واستعادة المواد القيمة. استُخدمت استراتيجيات مختلفة، مثل تفكيك الألواح، واستخدام طرق الفصل الكيميائية والميكانيكية، واستعادة المعادن الثمينة مثل الفضة والتيلوريوم والإنديوم.

في حين أن التنفيذ الكامل لهذه الممارسات ربما ما يزال يواجه تحديات بسبب عوامل مثل التجميع والجدوى الاقتصادية، لكن الأبحاث والجهود جارية لتحقيق أقصى قدر من استعادة الموارد القيمة من الألواح الشمسية المستخدمة.

اقرأ أيضًا:

كل ما تريد معرفته عن أنظمة الطاقة الشمسية

نوع جديد وذكي من خلايا الطاقة الشمسية قد يستخدم في النوافذ

ترجمة: يوسف الشيخ

تدقيق: جنى الغضبان

المصدر