ما هي الأشكال المختلفة ل البنى الجليدية الموجودة على الأرض؟

يوجد الجليد في جميع أنحاء العالم بتنوع واسع من البنى أكثر من مجرد مياه متجمدة، إذ تخبر الأشكال المختلفة للجليد ك الأنهار و الصفائح الجليدية قصة بيئتها وكيف تتغير مع المواسم مظهرة اتجاهات تغير المناخ على الأرض . قالت (ميليسا هيغ – Melissa Hage)، عالمة بيئة ومساعدة بروفيسور في كلية أوكسفورد – جامعة إيموري في جورجيا: «درس العلماء نماذج صلبة من الجليد استُخرجت من أعماق بنى جليدية كبيرة، مثل الأغطية الجليدية والأنهار الجليدية، ليكتشفوا كيف تغير المناخ خلال مئة سنة، وليتمكنوا من معرفة تغيره في المستقبل».

الأنهار الجليدية الصفائح الجليد

الانهار الجليدية

سنعرّف المصطلحات الشائعة التي تصف الأشكال الواسعة ل البنى الجليدية في جميع أنحاء العالم.

الأنهار الجليدية

وفقًا للمركز الوطني لبيانات الثلج والجليد National Snow and Ice Data Center) NSIDC)، أنهار الجليد عبارة عن كتل ضخمة من المياه العذبة على الأرض، تتشكّل بتساقط الثلوج التي تصبح ثقيلة ومضغوطة في نهاية المطاف نتيجة لتوضّعها فوق بعضها البعض. يتراوح طول أنهار الجليد من حوالي طول ملعب كرة قدم (110 أمتار) إلى بضع مئات من الأميال، ويمكن وجودها في كلّ قارة.

بشكل تقنّي، تُعتبر الأنهار الجليدية بنى أصغر من الأغطية والصفائح الجليدية، وجميعها عبارة عن كتل ضخمة من الجليد تزحف بشكل بطيء عبر المناطق الواسعة بغض النظر عمّا يوجد أسفلها. وبحسب (بينجامين إدواردز – Benjamin Edwards)، عالم براكين في كلية ديكنسون في بنسلفانيا، والذي درس التفاعلات بين الأنهار الجليدية والبراكين؛ تستطيع هذه الكتل من الجليد الضخمة بطيئة الحركة قطع سلاسل جبلية بأكملها، وحتى البراكين النشطة.

وفقًا لـ (جاستن بيرتون – Justin Burton)، عالم فيزياء في كلية إيموري في جورجيا، والذي يدرس طبيعة فقدان الأنهار الجليدية؛ تتوقف الأنهار المتجمدة عن النمو عندما تلتقي بالمحيط، إذ تُذيب المياه المالحة (الأكثر دفئًا) حافة كتلة المياه العذبة المتجمدة. يؤدي أيضًا الارتفاع في درجة حرارة المحيطات إلى زيادة معدل ذوبان الأنهار الجليدية والبنى الجليدية الأخرى؛ مثل الجبال والجروف الجليدية الموجودة في المحيط أو بقربه.

تُعدّ الأنهار المتجلدة أحد أفضل الدلائل البيئية على تغيّر المناخ، يعود ذلك للتغيّرات المرئيّة التي تخضع لها خلال أيام قليلة.

الجبال الجليدية

وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجويNational Oceanic and Atmospheric Administration) NOAA)، الجبال الجليدية كتل كبيرة وعائمة من جليد المياه العذبة انشقّت عن الأنهار والصفائح وجروف الجليد وسقطت في المحيط. فالجبل الجليدي كل كتلة جليد ارتفعت أكثر من 4.9 مترًا فوق سطح البحر، بسماكة بين 30 – 50 مترًا، وغطّت مساحة لا تقلّ عن 500 متر مربع.

وبحسب (NSIDC)، تُعطى قطع الجليد الصغيرة جدًا أسماء أكثر حيويّة لتصنيفها بمثابة جبال جليدية، على سبيل المثال bergy bits؛ وهي قطعٌ انفصلت عن جبل جليدي، ارتفاعها أقلّ من 5 أمتار. وGrowlers؛ وهي قطع من الجليد أصغر قليلًا (بحجم شاحنة صغيرة)، أمّا brash ice فهي الأجزاء التي يقلّ ارتفاعها عن مترين.

قد تمتلك الجبال الجليدية شكلًا مسطحًا يدلّ على أنّ الجبل الجليدي قد انكسر من حافة جرف جليدي وتُعرَف بالجزر المتجلدة في القطب الشمالي، تمتلك هذه الأشكال الكبيرة من الجليد مستطيلة الشكل قممًا مسطحة ومتعامدة نوعًا ما.

الصفائح الجليدية

تُعد صفائح الجليد أكبر البنى الجليدية في العالم وفقًا لـ (NSIDC)، إذ تغطي هذه المساحات المنبسطة الهائلة من الجليد أكثر من 50,000 كيلومتر مكعب. لا توجد سوى ثلاث صفائح جليدية على سطح الأرض، تغطي كلًّا من غرينلاند، شرق وغرب أنتاركتيكا، وقد غطّت صفائح الجليد أيضًا مساحات واسعة من أمريكا الشمالية والجنوبية وشمال أوروبا خلال العصر الجليدي الأخير.

وبحسب (NSIDC)، تُحجز أكثر من 99% من المياه العذبة على الأرض في الصفائح الجليدية الموجودة في غرينلاند وأنتاركتيكا مجتمعة. يقدّر العلماء أن مستوى سطح البحر سيرتفع في حال ذوبان الصفائح الجليدية في غرينلاند حوالي 6 أمتار، وسيرتفع مستوى سطح البحر حوالي 60 مترًا في حال ذوبان جميع الصفائح الجليدية في القطب الجنوبي. مع ذلك، يتطلب ذوبان تلك الصفائح الجليدية مئات السنين.

صرّح إدواردز لـ (لايف ساينس – Live Science): «ذابت خلال العقود القليلة الماضية أجزاء من هذه الصفائح الجليدية في أنتاركتيكا بانتظام وثبات. وفي الوقت الذي بدا فيه أن كمية قليلة من صفائح الجليد قد ذابت؛ كان ذلك كافيًا لرفع قارة بأكملها، مثل أيسلندا في نهاية العصر الجليدي الأخير». أثناء ذلك الوقت، مرت أيسلندا بفترة من النشاطات البركانية المتزايدة، بسبب عودة القشرة لحالتها الطبيعية، إذ لم يعد هناك جليد يدفعها للأسفل. وأضاف إدواردز: «يمكن لنفس النتيجة أن تصبح مصدر قلق لغرب أنتاركتيكا، رغم أنّنا لا نعرف تلك المنطقة بشكل جيد لنتأكد من ذلك».

الحقول والأغطية الجليدية

الأغطية الجليدية صفائح جليدية تقلّ مساحتها عن 50,000 كيلومتر مكعب. وبحسب (NSIDC)، تتشكّل هذه البنى الجليدية في المناطق القطبية ويكون أغلبها مسطحًا وعلى ارتفاعات عالية، على سبيل المثال معظم أيسلندا مغطاة بالأغطية الجليدية. يُعد الغطاء الجليدي (فانتاخوكول) الموجود على الجانب الشرقي من أيسلندا أكبر غطاء جليدي في أوروبا، مغطيًا حوالي 8,100 كيلومتر مربع، ويبلغ متوسط سماكته 400 متر.

وفقًا لـ (NPS)، تتشابه الحقول والأغطية الجليدية في الحجم والموقع كثيرًا، وتختلف فقط في كيفية تأثر تدفق الجليد الموجود حولها أو على محيطها. تحتوي حقول الجليد على سلاسل جبال وتلال تخرج من السطح الجليدي وتغير من طريقة تدفق الجليد، تمامًا مثل صخرة كبيرة تخرج من منتصف جدول مائي جاعلة التدفق مارًا من حولها. ولكن من ناحية أخرى، تدفع الأغطية الجليدية نفسها للأعلى، فوق أي تضاريس، ثمّ تنتشر خارجة من مركزها.

خليط الجليد

وفقًا لـ (بيرتون – Burton)، فإنّ خليط الجليد -بشكلٍ جوهريّ- عبارة عن مياه ذائبة ضخمة، تتشكّل ضمن خلجان الأنهار المتجمدة المتكونة من جليد البحار والجبال الجليدية والجبال الجليدية الصغيرة. يتشكّل الخليط عند فشل الرياح السطحية وتيارات المحيط في تحريك كتل الجليد خارج الخليج، مشكّلة حدودًا جزئية بين النهر الجليدي والمحيط.

وقال بيرتون: «يُعتبر خليط الجليد أكبر مادة حبيبيّة في العالم، لما يحتويه من كميات هائلة من الرواسب العالقة والسوائل الموجودة داخل الجليد». وبما أن الخلائط الجليدية ليست جليدًا صلبًا، فإنّ مياه المحيط الأكثر دفئًا نسبيًا يمكن أن تتسرّب عبر الجليد إلى سطح النهر الجليدي. تعني هذه الخاصيّة أنّ خليط الجليد يؤثر بشكل رئيسي على تشقق الأنهار الجليدية وكمية المياه العذبة ضمن الخليج.

الجرف الجليدي

توجد أغلبية الجروف الجليدية للأرض حول سواحل أنتاركتيكا، ويمكن أيضًا أن توجد في أيّ مكان يسقط الثلج فيه، مثل النهر الجليدي الذي يتدفق إلى داخل المحيط البارد، وفقًا لـ (NSIDC). تتكوّن هذه الجروف من الصفائح الجليدية العائمة المرتبطة مع اليابسة، وتتشكل عندما يتدفق الجليد ببطء من الأنهار والجداول المتجمدة إلى المحيط، إذ لا يذوب الجليد مباشرة، نظرًا لدرجة حرارة المحيط المنخفضة. تتراكم الجروف فوق بعضها البعض جراء تدفق الجليد الإضافي من الأنهار المتجمدة.

الجداول الجليدية

الجداول الجليدية أنهار من الصفائح الجليدية التي تتدفّق بشكل أسرع نسبيًا من الجليد المحيط بها، وتتحرك بشكل وسطيّ بما يقارب 800 متر كل سنة. في بعض الأحيان، يُعتبَر النهر الجليدي (جاكوبشافن – Jakobshavn) في غرينلاند -وهو النهر الجليدي الأكثر تدفقًا في العالم- جدولًا جليديًا. وفقًا لمقالة نُشرت في (صحيفة كرايوسفير – journal Cryosphere) عام 2014، فإنّ نهر جاكوبشافن يتحرك بما يعادل 17 كيلومترًا في السنة.

جليد بحري

جليد البحار عبارة عن مياه مالحة متجمدة توجد في المحيطات القطبية البعيدة، وبحسب (NSIDC) فإنّها تغطي وسطيًا حوالي 25 مليون كيلومترٍ مكعب من الأرض في كلّ سنة. وفقًا للمرصد التابع لناسا، يُعتبر جليد البحار أمرًا ضروريًا للأنظمة البيئية والمناخ في المناطق القطبية، ويمكنه التأثير على المناخ وحركة المحيطات. تقلل هذه الأجزاء من جليد الماء المالح من تعرية الجروف والأنهار الجليدية على طول الشريط الساحلي من خلال تقليل الأمواج والرياح، تُحدث أيضًا سطحًا عازلًا للتقليل من تبخر الماء وفقدان الحرارة للغلاف الجوي.

خلال أشهر الصيف الأكثر دفئًا، يعيد ذوبان جليد البحار المواد المغذية للمحيطات ويعرّض سطح المحيطات لأشعة الشمس؛ ما يحفّز نمو العوالق النباتية والتي تُعتبر أساس غذاء المملكة البحرية. ومع تعرّض مناخ الأرض لتغيرات سريعة، يذوب جليد البحار بمعدلٍ أسرع من إعادة تشكله (تجمده من جديد). يُعدّ هذا الأمر واضحًا خاصةً في القطب الشمالي، إذ ترتفع المحيطات ودرجات حرارة الأرض بشكل أسرع من أي مكان آخر على الأرض حسب إيدواردز.

الأرض كرة ثلج

يشير مصطلح الأرض المتجمدة أو الأرض كرة ثلج إلى فترات زمنية في السجل الجيولوجي حين كانت أغلب النباتات -إن لم تكن جميعها- متجمدة، وفقًا لـ (جريدة دارتموث للعلوم – Dartmouth Undergraduate Journal of Science). قال هيغ: «ربما كانت العصور الجليدية الأربعة الماضية ما بين 580 و750 مليون سنة قد مضت قاسية لدرجة تجمد سطح الأرض الممتد من القطب إلى القطب -يشمل المحيطات-، وبمجرد أن تبدأ المحيطات القطبية بالتجمد ستنعكس المزيد من أشعة الشمس على المساحات الجليدية البيضاء وتُضخّم التبريد».

قدّر العلماء أنّ متوسط درجة الحرارة على الأرض خلال تلك الفترات انخفض إلى 58- درجة فهرنهايت (50- درجة مئوية)، وأنّ دورة المياه (الدورة التي تنتقل فيها المياه بين الغلاف الجوي، واليابسة، والمحيطات) توقّفت. لكن، ما تزال هناك بعض الشكوك حول ما إذا كانت الأرض قد تجمدت بأكملها أو أن بعض المناطق قد احتوت طينًا أو مسطحات مائية عند خط الاستواء، حيث تستطيع أشعة الشمس دخول الماء وتمكين بعض الكائنات من النجاة.

يعتقد العلماء أن نسبة ثاني أكسيد الكربون قد ازدادت في الغلاف الجوي في مرحلة ما، غالبًا نتيجة للبراكين التي أدت إلى زيادة درجات الحرارة بشكل كاف مكّن دورة المياه من البدء من جديد. قال هيج: «مثلما أدّى ازدياد نسبة بخار الماء في الهواء إلى جانب ثاني أوكسيد الكربون إلى فترة سخونة؛ فقد ازدادت درجات الحرارة العالمية لـ 122 درجة فهرنهايت (50 درجة مئوية)، خلال بضع مئات من السنين».

في نهاية الأمر، أدّت التغيّرات الطفيفة في محور الأرض إلى بلوغ متوسّط درجة حرارة الكوكب درجةَ الحرارة الحالية، والتي تُقدَّر بـ 58.6 درجة فهرنهايت (14.9 درجة مئوية). تُشير الأبحاث وفقًا لمتحف علم المتحجرات التابع لجامعة كاليفورنيا إلى أن انفجارًا ضخمًا عُرِف باسم (الانفجار الكامبري – Cambrian explosion) حدث في نهاية فترة كرة الثلج، وهي تُعتبر أقدم فترة معروفة ضمن سجل المتحجرات، حين ظهرت مجموعات من الحيوانات ولأول مرة خلال فترة زمنية قصيرة جيولوجيًا (ما يقارب 40 مليون سنة).

اقرأ أيضًا:

لماذا يلتصق جلدك بالجليد إذا لمسته؟

اكتشاف مفاجأة جيولوجية هائلة تحت الغطاء الجليدي في غرينلاند

يتكون هذا النوع الغريب من الجليد بسرعة أكبر من 1000 ميل/ساعة ، واكتشف الفيزيائيون كيفية ذلك

https://ibelieveinsci.com/?p=55619

هل من الممكن حقًّا أن توجد حياة تحت سطح الأقمار الجليدية؟

ترجمة: يزن باسل دبجن
تدقيق: آية فحماوي

المصدر