عند قضاء الوقت في تأمل السماء ليلًا في أي مكان على الأرض، من المحتمل رؤية شهاب على الأقل، ويمكن رؤية نحو ستة من الشهب كل ساعة من أي موقعٍ مظلم على الأرض، إذ تظهر عشوائيًا في أي مكان متحركة عبر السماء، وبالنظر إلى الأعلى لفترة أطول، تزداد الفرصة لرؤية واحد منها.

كان كثير من المراقبين القدماء يعتقدون أن الشهب ظواهر جوية، وبالطبع، من المعلوم أنها تأتي من الفضاء.

تُعرف الشهب المتقطعة بأنها قطع صغيرة من الصخور، أو في بعض الحالات النادرة قد تكون شظايا معدنية متناثرة من الكويكبات.

تتكون الشهب عندما تصطدم هذه القطع أو الشظايا بعضها ببعض في أثناء تحركها حول الشمس، عندما تجد هذه القطع المدار المناسب لتتقاطع مع مدار الأرض مصادفةً، فإنها قد تصطدم بالكرة الأرضية أو بالهواء على الأقل.

يمتد غلاف الأرض الجوي إلى عدة آلاف كيلومترات بعيدًا عن كوكبنا، ولكن معظمه قليل الكثافة لدرجة أن الشهاب الذي يقترب نشعر بآثاره على بعد 100 كيلومتر تقريبًا عن سطح الأرض.

تنتقل الشهب بسرعات تتجاوز سرعة الصوت وتتراوح بين 40000 و 260000 كيلومتر في الساعة، وهذا يعتمد على الاتجاه الذي تسلكه في أثناء اقترابها من كوكبنا.

تتسبب هذه السرعة العالية بضغط الهواء أمامها، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارته وتسخينه تسخينًا كبيرًا بسبب التصادم، ويؤدي ارتفاع درجة الحرارة هذا إلى توهج الهواء المضغوط، وعندما تصل درجة حرارته إلى نحو 2000 درجة مئوية، تبدأ المواد الصلبة الموجودة في الشهاب بالتبخر.

بعد أن تتعرض هذه المواد لكميات كبيرة من الهواء الذي تصطدم به في النهاية، تنفجر في عملية التلاشي.

يمكن أن تبقى الصخور أو المعادن المتبخرة التي يتركها الشهاب خلفه متوهجة لفترة زمنية معينة. في بعض الحالات، قد يستمر هذا التوهج عدة دقائق، إذ قد تدفع الرياح عالية الارتفاع المواد الموجودة في هذه الذيول المستمرة، مشكلةً أشكالًا غريبة وجميلة.

تظهر معظم الشهب للمشاهد باللون الأبيض، ولكن إذا كانت ساطعة بدرجة كافية، أوصُوِّرت بكاميرات حساسة، فقد تظهر متوهجة بألوان مختلفة، ويعتمد ذلك على تركيبة الشهاب نفسه، إذ إن اللون الأصفر يأتي من الصوديوم، والأخضر من المغنيسيوم، والأزرق البنفسجي من الكالسيوم، وكلها مكونات شائعة للشهب.

قد يُلاحظ أيضًا وميضٌ من اللون الأحمر، عادةً ما يكون ناتجًا عن الأكسجين أو النيتروجين الموجود في غلافنا الجوي الذي يتوهج بفعل الحرارة الشديدة.

الجزء الأكثر سطوعًا في هذه الظاهرة هو الشهاب نفسه، والذي يبقى عادة لمدة ثانية واحدة فقط أو أقل. خلال هذه الفترة القصيرة، يمكن أن يسافر الشهاب أفقيًا عبر الغلاف الجوي للأرض مسافاتٍ تصل إلى عدة عشرات من الكيلومترات، بينما يهبط أيضًا لمسافة تزيد عن 10 كيلومترات، ثم يتبخر تمامًا.

مع ذلك، يبقى الشهاب على ارتفاع عالٍ يبلغ عشرات الكيلومترات عن سطح الأرض، وربما يعتقد الأشخاص الذين يشاهدون الشهب أن كل شهاب يرونه يصطدم بسطح الأرض تاركًا وراءه حفرة مشتعلة، لكن هذا مجرد وهم ناتج عن الشكل العام لهذه الظاهرة الفريدة.

في الواقع، تبلغ أبعاد معظم الشهب تقريبًا نحو ميليمتر واحد أو أقل، ما يجعلها أصغر بكثير من أن تصمد أمام الاندفاع العنيف والشديد الحرارة واللازم للوصول إلى سطح الأرض، وبدلاً من ذلك، تحترق هذه الشهب على ارتفاعات عالية جدًا تفوق بأضعاف تلك الارتفاعات التي تصلها الطائرات النفاثة.

إذا كان الشهاب كبيرًا، فقد يكون لمعانه مبهرًا خلال رحلته القصيرة عبر الغلاف الجوي، يطلق على هذه الكرات النارية اسم الشهب المتفجرة، إذ يمكنها إصدار ما يكفي من الضوء لتسبب ظهور ظل، فيمكن لشهاب بحجم ثمرة الجريب فروت أن يترك صورة لاحقة في عين من يشاهده!

مع أن الغالبية العظمى من الشهب صغيرة جدًا، فإنها تتراكم. تختلف التقديرات، لكن الإجماع العام يشير إلى أن ما يتراوح بين 50 و 100 طن من النفايات الكونية، يصطدم بالأرض يوميًا.

في حالات نادرة، إذا كان حجم الشهاب كبيرًا بالفعل أي إذا بلغ نحو متر أو أكثر، فإن الأمور تتغير، وقد يتسطح من قوة الاحتكاك التي يتعرض لها عندما يتباطأ في عملية تسمى التسطّح.

يتمزق الشهاب ويتفكك إلى أجزاء قد تتعرض بعد ذلك لضغط وتسخين هائلين وتنهار بدورها، يحدث هذا في سلسلة متتالية، ليتبخر الشهاب كاملًا، أو تُبطَّئ القطع الفردية بدرجة كافية لا تسمح بتسخين الهواء أمامها، فتسقط شظايا الشهاب سقوطًا حرًا على الأرض في فترة تسمى الرحلة المظلمة التي قد تستمر لعدة دقائق، ما يؤدي إلى تبريدها إلى درجات حرارة منخفضة جدًا، وعندما تصل أخيرًا إلى الأرض، تُسمى بالنيازك.

قد تتناثر النيازك الناتجة عن نيزك كبير واحد على مساحة كبيرة لأنها تسقط من ارتفاعات كبيرة، ما يجعل من الصعب العثور عليها.

في بعض الأحيان، قد يساعد جهاز الكشف عن المعادن في العثور على النيازك، ومع ندرة النيازك المعدنية مقارنةً بالنيازك الصخرية، فإن النيازك التي تحتوي بشكل رئيسي على المعادن، تشكل نسبة كبيرة من إجمالي النيازك التي عُثرَ عليها، وهذا يعود جزئيًا إلى مقاومتها للتآكل، سواءٌ في أثناء دخولها الغلاف الجوي أو وجودها على السطح، ما يجعلها تبقى فترةً أطول، وبسبب متانتها، قد تتحول النيازك المعدنية إلى أشكال غريبة بارزة.

النيازك هي أجسام فضائية تنشأ من الكويكبات المنتشرة في جميع أنحاء النظام الشمسي، ما يتيح فرصة لاستكشاف هذه الأجسام البعيدة دون الحاجة إلى إرسال مهمات فضائية باهظة التكلفة.

الجدير بالذكر أن كثيرًا من هذه النيازك لم تتغير نسبيًا منذ تكوين النظام الشمسي، إذ إن بعضها أقدم حتى من الكواكب نفسها. وتساعدنا دراستها في فهم الفصول الأولى من التاريخ الكوني وتكوين الأرض. على سبيل المثال، يعود الكثير مما نعرفه حول كيفية تشكل الأرض إلى دراسة النيازك.

تأتي زخات الشهب من قطع الصخور المتساقطة من المذنبات. عندما تمر الأرض عبر هذه السحب الحطامية، يمكننا رؤية العديد من الشهب. بسبب المنظور، تبدو وكأنها تشع من نقطة واحدة في السماء.

هذه القطع صغيرة وهشة عمومًا، ولا تعيش فترةً كافية للوصول إلى سطح الأرض.

جدير بالذكر أنه يمكن التنبؤ بزخات الشهب إلى حد ما في أوقات معينة من العام، ما يجعلها مصدرًا موثوقًا للمرح الفلكي.

اقرأ أيضًا:

العثور على فوهة أحد أكبر النيازك التي ارتطمت بالأرض

لماذا لا تحترق المركبات الفضائية كما يحدث للنيازك عندما تدخل الغلاف الجوي؟

ترجمة: يوسف الشيخ

تدقيق: نور حمود

المصدر