يزداد عدد الأشخاص الذين يبلغون عن أعراض تتوافق مع مرض غامض، يسمى: متلازمة فرط القيء القنبي (Cannabinoid Hyperemesis Syndrome or CHS).

لقد توصلت دراسة حديثة إلى أن متلازمة فرط القيء القنبي قد تؤثر على عدد كبير من متعاطي الماريجوانا بشكل متكرر، رغم أنها نادرة الحدوث سابقًا.

يعاني معظم الأشخاص الذين تم تشخيصهم بهذه المتلازمة من الغثيان، والقيء الشديد، وآلام في المعدة، و يحصل كثير منهم على راحة مؤقتة عن طريق الاستحمام بالماء الدافئ.

لقد عرفت السيدة (س) شيئًا خاطئًا عندما أحرقت نفسها في الحمام للمرة الثالثة، وشهدت المرأة الأسترالية التي تم توثيق تجربتها دون الكشف عن هويتها في دراسة حالة منشورة، نوبات مفاجئة وشديدة من المرض لمدة تسع سنوات، إذ كانت تشعر بالغثيان والدوران، يتبعها قيء عنيف وآلام شديدة في المعدة، واتضح – كما تبين- أنه كان لديها متلازمة غامضة بدأ الأطباء الآن فقط في التعرف عليها.

يبدو أن متلازمة فرط القيء القنبي تحدث للأشخاص الذين يستخدمون الماريجوانا بصورة متكررة لسنوات، وليس هناك علاج معروف لها سوى الإقلاع عن تعاطيها.

قالت السيدة (س) لأطبائها: “إن تهدئة نفسها بحمام دافئ كان كالسحر – يبدو أن أعراضها تتلاشى في الحوض الدافئ -“، لكن بمجرد أن المياه بدأت تبرد، عادت الأعراض للظهور من جديد، وشعرت أنها لا تستطيع الحصول على الماء الساخن بما فيه الكفاية، وتعلمت أن تقوم بتسخين الماء تدريجيًا، مفضلة البقاء في الحمام قدر المستطاع، وفي أحد الأيام، أصبحت المياه ساخنة للغاية وظهرت المرأة مع بشرة حمراء وحروق سيئة، وفي المرة الثالثة، حدث ذلك في المستشفى.

لقد تم تشخيص السيدة (س) في نهاية المطاف بمتلازمة فرط القيء القنبي، وعادة ما يعاني المرضى الذين يصابون بها من اضطراب شديد في المعدة؛ بسبب كثرة استخدام الماريجوانا، وتم نشر تقرير حالة السيدة (س)، بالإضافة إلى تسعة أشخاص آخرين يعانون من أعراض مشابهة، وفي عام 2004م في المجلة الطبية (Gut) – مجلة رسمية للجمعية البريطانية لأمراض الجهاز الهضمي- كانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إعطاء اسم لهذه المجموعة من الأعراض.

وحتى الآن، من المفترض أن تكون حالات متلازمة فرط القيء القنبي نادرة بشكل لا يصدق، بيد أن بعض الأدلة الحديثة تشير إلى أن الحالات قد تكون في ازدياد، وتشير دراسة جديدة أجراها أطباء الطوارئ في جامعة نيويورك – لانغون، إلى أن المتلازمة قد تؤثر على عدد أكبر بكثير مما كان يعتقد في البداية، وقد يكون أسوأ جزء فيها هو أن المرضى ليس لديهم فكرة أن القنب يمكن أن يسبب أعراضهم تلك؛ لأنه من المفارقات الغريبة أن هذا النوع من الحشيش يُستخدم لعلاج الغثيان أحيانا.

وقال جوزيف حبوش (Joseph Habboushe ) الأستاذ المساعد في جامعة نيويورك – لانغون، والمؤلف الرئيس في الصحيفة، لمجلة بيزنس إنسايدر: “هذا شيء غير مفهوم على الإطلاق، ولا يعرفه الأطباء، ويمكن أن يؤثر على الملايين”.

• الدراسة الأولى لإعطاء فكرة عن عدد الأشخاص الذين قد يتأثروا بالمتلازمة.

لم تكن قصص السيدة (س) وغيرها في دراسة عام 2004م سببًا للقلق على نطاق واسع بين العاملين في المجال الطبي، وكانت لا تزال الماريجوانا غير قانونية إلى حد كبير، ويبدو أن الأعراض تختفي للأبد حالما يتوقف المرضى عن استخدام هذا المخدر.

وبالإضافة إلى ذلك، كانت قصة السيدة (س) جزءًا من سلسلة عن تقارير الحالات، وهو نوع من الورق لا يتضمن معايير بحث صارمة؛ بل يصف فقط الأعراض التي تحدث لشخص ما أو عدة أشخاص.

لقد درس الباحثون في الدراسة الأخيرة التي نشرت في دورية الصيدلة الأساسية والسريرية والسمية المتلازمة عبر فحص عينة كبيرة من البالغين الذين تم إدخالهم إلى غرفة الطوارئ في مدينة نيويورك، وقاموا باستطلاع آراء آلاف المرضى في محاولة للعثور فقط على الذين استخدموا الماريجوانا بشكل متكرر – على الأقل 20 يومًا في الشهر – وانتهى الأمر بـ 155 شخصًا ذو معايير وافية، وكان جميع هؤلاء الأفراد يدخنون كل يوم تقريبًا أو عدة مرات يوميًا، وغالبًا لمدة خمس سنوات أو أكثر.

يعاني من بين هؤلاء المرضى، ثلث المصابين تقريبًا من الأعراض التي تتطابق مع تشخيص متلازمة فرط القيء القنبي، قال حبوش: “هذا عدد كبير، إنه أكبر بكثير مما كان متوقعا”، وقال: “لقد كان لدى بعض زملائي فكرة أن هذا قد يكون أكثر شيوعًا من الدراسات الأولية المقترحة، ولكننا لا نزال متفاجئين”.

وبالنظر إلى هذا الرقم، قدر حبوش وزملاؤه أن ما يصل إلى مليوني شخص من البالغين في الولايات المتحدة يمكن أن يتأثروا بالمتلازمة، ومع ذلك وبالنظر إلى حجم العينة الصغير، قد يكون من السابق لأوانه تحديد عدد الأشخاص الذين يستطيعون تطوير المتلازمة بالفعل، ويمكن لمزيد من الدراسات أن تساعد في تحديد طرق العلاج الممكنة.

إن الشيء الوحيد الذي يمكنه أن يوقف أعراض المتلازمة هو تجنب الماريجوانا بشكل دائم، وتبقى الحمامات الساخنة إصلاحًا مؤقتًا لا غير.

قال حبوش: “على حد علمنا ليس هناك علاج جيد لذلك، فمعظم الأدوية المضادة للغثيان لا تعمل”، و”الشيء الوحيد المساعد هو التوقف، وسيتوقف الكثير من المرضى لبضعة أيام حتى تختفي الأعراض، ثم يعودون للتدخين مرة أخرى، وتظهر الأعراض”.

يعمل حبوش حاليًا على دراسة أخرى تهدف إلى تحديد بعض طرق العلاج المحتملة، ولكن كما هو الحال مع أي دراسة، فإن آخر ورقة بحثية تحدها بعض القيود، وأهمها هو حقيقة أن الناس لا يزالون مترددين في أن يكونوا منفتحين وصادقين حول استخدام الماريجوانا؛ لذلك يمكن أن تكون الأرقام غير دقيقة.

وعامل آخر مهم للنظر، هو أنه ليس لدينا بيانات عن قوة أو نوعية أو فاعلية استخدام الماريجوانا، يقول حبوش: “إنه يعتقد أن الحشيش الأقوى يمكن أن يسهم في ارتفاع حالات المتلازمة، لكن دون بيانات محددة حول محتوى التتراهيدروكان (THC)، ومن الصعب معرفة ذلك بالتأكيد، كما أن الدراسة لم تستبعد الأشخاص الذين تناولوا أدوية أخرى، وهذا يعني أن الأدوية الأخرى يمكن أن تلعب دورًا كذلك.

وأخيرًا، ليس هناك طريقة لمعرفة ما إذا كان مركب معين في الحشيش – مثل التتراهيدروكان (THC)، أوالكانابيديول (CBD)، أكثر مركبين معروفين – يلعب دورًا أكثر من غيره، وتقتضي هذه التحذيرات إجراء المزيد من الأبحاث، ولكن في الوقت نفسه، يشعر حبوش بالقلق، إذ قال: “سنرى المزيد من هذا المرض”، و”هذا لا يعني أن الماريجوانا سيئة أو جيدة؛ بل يعني أن لها آثارًا جانبية، وهو ما نحتاج أن نفهمه ونعلم كيفية تجنبه وعلاجه”.


  • ترجمة: ياسر دياب.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر