تلوح عطلة طويلة ومريحة في الأفق، لكن ميعاد الدورة الشهرية يقترب، ويهدد بتعكير صفو العطلة بالمتاعب التي ترافقها من التقلصات المؤلمة والنزيف والانتفاخات. فهل يمكن إيقاف الدورة الشهرية؟ وإن كان ممكنًا هل هو آمن؟

تحدثنا طبيبة الأمراض النسائية الحائزة على شهادة الدكتوراه ستيسي جافيري ومرشدتنا في هذا المقال، عن طرق إيقاف الدورة الشهرية بأمان والطرق التي يجب تجنبها

تقول جافيري: «يظن كثير من الناس أن تخطي موعد الدورة الشهرية غير آمن، لكنه في الواقع آمن جدًا إذا حدث بصورة صحيحة».

يمكن إيقاف الدورة الشهرية، سواءً كان ذلك مدة أسبوع أو شهر أو على المدى الطويل. تتباين أسباب ذلك بين النساء، إذ ترغب بعضهن بإيقاف الدورة الشهرية بسبب مناسبات خاصة مثل حفلات الزفاف أو شهر العسل، وتنبع رغبة أخريات من أسباب طبية مثل:

  •  النزف الشديد.
  •  الألم الشديد.
  •  الشقيقة.
  •  الإندومتريوز، أو داء بطانة الرحم الهاجرة.
  •  اضطرابات النزف.
  •  فقر الدم.
  •  تليفات الرحم.

يجب تذكر أن الجسم يمر بدورة طبيعية تتكرر كل 21 إلى 35 يومًا، وتنظم هذه الدورة الهرمونات.

توضح جافيري: «الإستروجين هو الهرمون المسؤول عن تراكم الأنسجة في الرحم، ما يوفر بطانةً رحمية لطيفةً ومهيأة لاستقبال الحمل. يُطلق هرمون آخر بعد الإباضة هو البروجسترون، الذي يساعد على إبقاء الحمل. لكن إذا لم يحصل الحمل في هذه الدورة ينخفض تركيز البروجسترون مسببًا تساقط بطانة الرحم وحدوث نزيف الدورة الشهرية».

كيف نوقف الدورة الشهرية؟

تقول جافيري: «تتلخص الطريقة المثلى لوقف الدورة الشهرية بإطالة مدة بقاء هرمون البروجسترون في الجسم، ما يؤدي إلى خداع الجسم بحدوث الحمل».

يفضل استشارة طبيب النسائية حول طرق إيقاف الدورة الشهرية، ويُنصح بالتخطيط لها في أبكر وقت ممكن إذا كان ميعاد الحدث المهم المُستهدف يبعد بضعة أشهر.

تقول جافيري: «يختلف معدل النجاح اعتمادًا على الطريقة المتبعة، ووقت تطبيقها من الدورة الشهرية».

يجب التنويه إلى استحالة إيقاف الدورة الشهرية عند بدئها، وأن احتمال النزف يبقى قائمًا مهما تكن الطريقة المتبعة. نورد تباعًا بعض الخيارات والحلول لمناقشتها مع الطبيب:

حبوب تنظيم الولادة

تُستخدم على نطاق واسع لمنع الحمل على اختلاف أصنافها وأنواعها التجارية. توجد نموذجيًا في عبوات تحتوي 28 حبةً كل حبة مخصصة ليوم، منها 21 حبةً فعالة تحتوي على هرمونات تؤخذ على مدى 3 أسابيع، وسبع حبوب وهمية مخصصة للأسبوع الرابع لا تحتوي على هرمونات.

عند الرغبة بإيقاف الدورة الشهرية، يمكن تخطي الحبوب الوهمية المخصصة للأسبوع الرابع، والبدء بعبوة جديدة، ما يؤدي إلى الحفاظ على مستويات هرموني البروجسترون والإستروجين مرتفعة، وعدم تمزق بطانة الرحم.

يمكن الاستمرار بتناول الحبوب الحاوية على هرمونات لمنع حدوث الدورة الشهرية، لكن جافيري تنصح باستشارة الطبيب لوضع استراتيجية، وتقول: «يُنصح تحديدًا عند اللجوء إلى حبوب منع الحمل، بالسماح بحدوث الدورة الشهرية كل ثلاثة أشهر، للتخلص من البطانة الرحمية النسيجية المتراكمة، وإلا قد تسبب حدوث نزف شديد غير منتظم».

اللولب الرحمي

يعد خيارًا جيدًا لضبط الولادة لمن ترغب بحل فعال لهذه المشكلة وعدم التفكير بها فترةً طويلة.

يُدخل جهاز بشكل حرف T إلى الرحم، ويمكن تركيبه داخل العيادة. يتوفر من اللولب نوعان نحاسي وبلاستيكي يحتوي على هرمونات، وهو الجهاز المستخدم لحل مشكلتنا المطروحة، فمعظم مستخدمات اللولب البلاستيكي تتوقف لديهن الدورة الشهرية تمامًا، أو تكون خفيفةً إن حدثت.

تقول جافيري: «عند الرغبة بتجنب حدوث الدورة الشهرية فترةً طويلة، يجب اللجوء إلى طرق يتحرر فيها هرمون البروجسترون باستمرار مثل اللولب الحاوي على الهرمون. لكن اللولب ليس الحل المناسب عند الرغبة بتجنب الدورة الشهرية لشهر واحد فقط».

الحلقات المهبلية واللصاقات

توفر هذه الطريقة الهرمونات مدة 21 يومًا على غرار حبوب منع الحمل. يتلقى الجسد الهرمونات بواسطة لصاقة توضع على البطن وتُستبدل باستمرار، أو باستخدام حلقة بلاستيكية توضع في المهبل مدة 3 أسابيع.

يُزال الجهاز بعد 3 أسابيع عادةً، مدة أسبوع للسماح بحدوث الدورة الشهرية. لكن عند الرغبة بتأجيل موعد الدورة الشهرية أو إيقافها؛ يمكن استخدام لصاقة جديدة أو حلقة جديدة مباشرةً بعد اليوم الحادي والعشرين.

تعلق جافيري: «على غرار حبوب منع الحمل، يمكن الاستمرار باستخدام هذه الطريقة لإيقاف الدورة الشهرية».

حقن البروجسترون

تؤخذ مرةً كل ثلاثة أشهر، وتحتوي على جرعة كبيرة من البروجسترون.

تقول جافيري: «تملك هذه الطريقة أعلى نسبة نجاح لإيقاف الدورة الشهرية على المدى الطويل، لأنها الأكثر قدرة وفعالية على تثبيط الإستروجين، وعلى تثبيط تراكم الأنسجة في الرحم. لذا هي إحدى الخيارات العلاجية الفعالة لتثبيط الدورة الشهرية، بهدف تجنب النزف الشديد أو المشكلات الصحية الأخرى».

لكن تحمل هذه الطريقة نسبةً أكبر لظهور الأعراض الجانبية بسبب التراكيز الكبيرة من الهرمونات، مثل انتفاخ البطن واضطرابات المزاج وزيادة الوزن. ويجب تذكر أنها طريقة طويلة الأمد مقارنةً بالخيارات الأخرى.

تقول جافيري: «يمكن تجنب تناول حبوب منع الحمل في اليوم التالي لآخر حبة متناولة لتجنب آثارها عند الرغبة بذلك، لكن آثار حقن البروجسترون تستمر ثلاثة أشهر على الأقل بعد تلقيها. لذا من المهم مراجعة جميع الخيارات بعناية قبل الاستقرار على الحل».

الزرعات

خيار آخر لضبط الولادة يمكن استخدامه لإيقاف الدورة الشهرية. تتمثل بقضيب مرن رفيع يحرر البروجسترون، يُزرع تحت جلد الجزء العلوي من الذراع. يستمر عادةً مدة تصل إلى ثلاث سنوات، لكن يمكن إزالته قبل انقضاء المدة.

تقول جافيري: «تمتلك الزرعات نفس فوائد حقن البروجسترون، وهي فعالة جدًا. لكنها تتميز عن الحقن بإمكانية إزالتها عند الرغبة بذلك، ولا داعي للقلق حول الوقوع رهينة تأثيرها فترة طويلة من الزمن».

حلول لا تعمل:

تملأ الإنترنت أفكار متنوعة وعديدة لإيقاف الدورة الشهرية، لكن العديد من هذه الطرق لا تعمل، نذكر منها:

  •  شرب عصير الليمون.
  •  شرب مياه مالحة.
  •  شرب مياه مع الخل.
  •  تناول حبة منع الحمل الخاصة باليوم التالي.
  •  تناول الإيبوبروفين.
  •  شرب شاي أوراق توت العليق.
  •  شرب عصير الأناناس.

تعلق جافيري عن هذه الطرق: «لا يوجد أي أساس علمي إطلاقًا يبرر أو يثبت فعالية هذه الطرق لإيقاف الدورة الشهرية، إذ لن توفر أي طريقة منها التنظيم الهرموني الكافي لإيقاف الدورة. وقد ترتد تجربة طرق عشوائية على أصحابها مسببةً أذية وحدوث نزف غير منتظم».

إذن كيف نختار الحل الأفضل؟ باستشارة الطبيب.

تعد أي وسيلة لضبط النسل حلًا محتملًا لإيقاف الدورة الشهرية، لكن يُنصح بتجنب وسائل ضبط النسل الحاوية على الإستروجين لدى المصابات بارتفاع ضغط الدم أو الشقيقة.

تختم جافيري: «لمن ترغب بإيقاف الدورة الشهرية يجب عليها استشارة الطبيب، حتى إن كانت عبر الزيارة الافتراضية، إذ إن استشارة سريعة مدتها ربع ساعة تكفي لمعرفة عوامل الخطر الصحية، والطريقة المثلى لوقف الدورة الشهرية للفترة الزمنية المرغوبة».

اقرأ أيضًا:

ما سبب التقلصات بعد انتهاء الدورة الشهرية؟ إليك ما يجب معرفته

ارتباط عدم انتظام الدورة الشهرية بالموت المبكر. لماذا هذا مهم طبيًا؟

ترجمة: رضوان مرعي

تدقيق: ميرڤت الضاهر

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر