يُعد زرع الكلية اليوم العلاج المختار والأكثر فاعلية لتدبير مرضى القصور الكلوي المزمن. يحقق زرع الكلية الناجح تحسنًا كبيرًا في نوعية حياة المريض وينقص معدل الوفيات، وقد زاد عدد عمليات زرع الكلية حول العالم خلال السنوات القليلة الماضية، ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها تُجرى 13 ألف عملية زرع كلية سنويًا.

تتنوع أسباب القصور الكلوي المزمن وعلى رأسها: الداء السكري (35%)، ارتفاع التوتر الشرياني الناتج عن تصلب كبب الكلية (30%)، التهاب كبب الكلية المزمن (24%)، الكلية عديدة الكيسات (12%)، أما عند الأطفال فتعد التشوهات البولية التشريحية والوظيفية السبب الرئيسي للقصور الكلوي المزمن (45%).

اختلاطات زرع الكلية وتدبيرها - تدبير مرضى القصور الكلوي المزمن - تصلب كبب الكلية - الكلية عديدة الكيسات - الداء السكري - ارتفاع التوتر الشرياني

رفض الكلية المزروعة

لا بد من إجراء تقييم شامل للمريض قبل العمل الجراحي وبعده مباشرة يشمل فحصًا سريريًا دقيقًا واستقصاءات مخبرية وشعاعية شاملة. ويعد رفض الجسم للكلية المنقولة أخطر الاختلاطات المحتملة بعد زرع الكلية، ويمكن تقسيمه لعدة أنواع:

  •  الرفض فوق الحاد: يشبه التحسس الذي يحدث عند نقل دم مخالف الزمرة، ويحدث في أثناء العمل الجراحي بعد وصل أوعية الكلية مباشرة، إذ يتحول لون الكلية إلى أسود قاتم ويجب استئصالها فورًا، ولحسن الحظ فهذا الاختلاط نادر (1 من كل 1000 حالة) خصوصًا بعد تطوير الفحوص المخبرية التي تُجرى قبل العمل الجراحي.
  •  الرفض الحاد: يحدث في الأسابيع أو الأشهر الأولى بعد العمل الجراحي، وقد يسببه انسداد الحالب أو تلف الأنابيب الكلوية أو السمية الناتجة عن الأدوية. تحدث هجمات الرفض الحاد عند 35% من مرضى زرع الكلية، ويمكن تدبير معظم هذه الهجمات باستخدام الأدوية المثبطة للمناعة.
  •  الرفض المزمن: عبارة عن تناقص تدريجي في وظيفة الكلية المزروعة، ولا يمكن حتى الآن تحديد سبب واضح لهذا الرفض الذي تبلغ نسبته 5 – 7% سنويًا.

الاختلاطات الجراحية

يمكن أن تحدث العديد من الاختلاطات الجراحية بعد عملية زرع الكلية، وتتضمن: انسداد الأوعية الكلوية، وتضيق الشريان الكلوي، وانسداد الحالب، والتسريب البولي من الحالب، والوذمة اللمفاوية.

يعد انسداد الشريان الكلوي المفاجئ اختلاطًا غير شائع (أقل من 1%) لكنه خطير وقد يسبب توقف إدرار البول بشكل كامل، يتطلب هذا الاختلاط تشخيصًا وعلاجًا سريعين لإنقاذ الكلية المزروعة، أما تضيق الشريان الكلوي فهو اختلاط شائع نسبيًا (8%) وتتنوع أسبابه بين الجراحية والمناعية. يحدث لدى المريض ارتفاع توتر شرياني غير مضبوط مع تناقص تدريجي في وظيفة الكلية. يُشخص هذا الاختلاط عادة بالإيكو دوبلر ويعالَج بالجراحة أو بتوسيع الشريان الكلوي المتضيق بالقثطرة.

الاختلاطات غير الجراحية

تشمل الاختلاطات غير الجراحية الإنتان والتسرطن.

أثبتت الدراسات التي أجريت على مرضى زرع الكلية أن الإنتان أحد أهم أسباب الوفيات بعد زرع الكلية، وقد أنقص استخدام المضادات الحيوية في أثناء العمل الجراحي وبعده معدل حدوث إنتان الشق الجراحي والإنتانات البولية المرافقة إلى أقل من 1%. تحدث الإنتانات الانتهازية (إنتانات ناتجة عن ضعف المناعة تسببها جراثيم وفيروسات غير مُمرضة عادة) خلال الفترة الممتدة من 2 – 6 أشهر بعد العمل الجراحي، وأهم أسبابها الفيروس المضخم للخلايا CMV، إذ يسبب هذا الفيروس وفاة 2% من مرضى زرع الكلية.

ترتفع نسبة الإصابة بالأورام الخبيثة عند مرضى زرع الكلية بسبب الأدوية المثبطة للمناعة التي يأخذونها بعد الزرع، وقد زاد حدوث الأورام الخبيثة عند مرضى زرع الكلية بعد إدخال دواء سيكلوسبورين كمثبط مناعة بعد الزرع، وأهم هذه الأورام الخبيثة اللمفوما. تجدر الإشارة إلى أن خطورة الأورام الخبيثة أسوأ بكثير عند مرضى زرع الكلية وعلاجها أصعب وأقل فعالية.

اقرأ أيضًا:

العلاجات المتنوعة للقصور الكلوي من الأدوية إلى زرع الكلية

القصور الكلوي الحاد Acute Kidney Injury

إعداد: د. محمد الأبرص

تدقيق: جعفر الجزيري

مراجعة: رزان حميدة

المصادر:

Campbell-Walsh Urology 11th Ed

Glenn’s Urologic Surgery 5th Ed