تتنوع المصادر التي تحتوي على الكافيين، إذ تتوفر مثلًا في فنجان القهوة الصباحي، والحبوب التي نتناولها عند إصابتنا بالأنفلونزا، وحتى قطع الشوكولا. في الواقع، الكافيين هو أكثر المواد المؤثرة في المزاج استخدامًا في العالم.

فضلًا عن أنه موضوع نقاش مستمر لما له من تأثيرات محتملة في الصحة، لقد شهدت الأسابيع الأخيرة ترويج المؤيدين له لفوائده الواضحة، في حين انتقده آخرون بسبب المخاطر المزعومة، فمن منهم على صواب ومن منهم على خطأ؟

صحة القلب

قد يكون الكافيين مفيدًا لصحة القلب بحسب ما تشير إليه بعض الأبحاث، فبتحليل ثلاث دراسات كبيرة عن أمراض القلب، وجد الباحثون أن استهلاك القهوة يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بقصور القلب، في حين لم يكن لتناول القهوة منزوعة الكافيين التأثير نفسه، ما يشير إلى أن هذا التأثير قد يكون بسبب الكافيين، مع إنه يتطلب مزيدًا من البحث للتحقق الكامل من هذه النظرية.

حدد الباحثون بعض التأثيرات القلبية الوعائية قصيرة الأمد عندما يتعلق الأمر بتناول المشروبات التي تحتوي على نسبة مرتفعة من الكافيين، إذ وجدوا أن مستويات الاستهلاك المرتفعة تسببت بحالات مؤقتة من ارتفاع ضغط الدم وخفقان القلب، وتحددت المستويات المرتفعة بنحو لتر واحد من المشروبات التي تحتوي على 320 مليجرام من الكافيين، أو ما يعادل أربع علب بحجم 250 ملليلتر من مشروب ريد بُل.

صحة الأيض

وجدت دراسة أن الأشخاص الذين لديهم مستويات مرتفعة من الكافيين في الدم أقل عرضة للإصابة بالسمنة والإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، إذ كان لدى هؤلاء الأفراد متغيرات في جينين مرتبطين باستقلاب الكافيين، ما يعني أن أجسامهم كانت أبطأ في تفكيك جزيء الكافيين الذي يبقى تركيزه مرتفعًا في الدم لدى هؤلاء الأشخاص.

يُعتقد أن نصف تأثير الكافيين يتم من خلال فقدان الوزن، ولذلك لا بد من ملاحظة عامل آخر مهم هو أن الدراسة شملت في الأساس أشخاصًا من أصل أوروبي، ما يعني أن النتائج قد لا تنطبق على الجميع.

الصحة العقلية

يتناول كثير من الناس القهوة أو مشروب الطاقة للحصول على دفعة صباحية أو في منتصف النهار، إذ يُعد الكافيين منبهًا لمستويات الطاقة لدينا، فضلًا عن تحسين مزاجنا. فكيف يحدث ذلك إذن؟ أوضحت عالمة الأعصاب الدكتورة نيكول كلارك في جزء من سلسلة (ما يرغب الأطباء أن يعرفه المرضى) التابعة للجمعية الطبية الأمريكية أن الكافيين يحفز هرمون الدوبامين، وهو مادة كيميائية في الدماغ تؤدي دورًا في تحفيز المتعة والتعلم.

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الكافيين قد يجعل الأمور أسوأ فيما يتعلق بمزاجنا إذا كان لدى الشخص تجارب مع حالات مثل اضطراب الهلع والقلق، فقد وجد بحث علمي في عام 2022 أن تناول ما يقرب من خمسة فناجين من القهوة التي تحتوي على الكافيين يثير القلق لدى الأشخاص المصابين باضطراب الهلع، إضافة إلى الأشخاص الأصحاء، لكن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الهلع كانوا أكثر عرضة للإصابة بنوبة هلع.

الصحة الجنينية

يمكن للكافيين عبور المشيمة، ما يعني أنه قد يصل إلى مجرى الدم لدى الجنين داخل بطن أمه، إذ أشارت الأبحاث في هذا المجال إلى أن الاستهلاك اليومي لأكثر من 300 مليغرام قد يرتبط بزيادة خطر ولادة أطفال بوزن منخفض، في حين يمكن ربط استهلاك أكثر من 350 مليغرام بفقدان الحمل.

تنص إرشادات منظمات صحية عدة على أن للنساء الحوامل الحق في استهلاك بعض الكافيين إذا رغبن في ذلك، لكنهم النصيحة هي عدم تناول أكثر من 200 مليغرام يوميًا. ومع ذلك، خلصت دراسة في عام 2020 إلى أنه لا يوجد مستوى آمن من استهلاك الكافيين في أثناء الحمل.

الأداء الرياضي

تُعد إضافة الكافيين اتجاهًا راسخًا في مجال اللياقة البدنية والأداء الرياضي، فغالبًا ما يُضاف إلى مشروبات التمرين قبل ممارسة الرياضة بكميات متفاوتة. تشير الأبحاث عمومًا إلى أن الكافيين قد يحسن الأداء الرياضي لكن ذلك يعتمد على بيانات من الرياضيين الذكور.

وفي تحليل آخر على الفرق الرياضية النسائية، وجد الباحثون أن إضافة الكافيين كانت فعالة حقًا في تحسين الأداء، مثل قوة قبضة اليد وقوة القفز المضاد، في حين لم يكن لها تأثير في الرشاقة وقفز القرفصاء والقدرة على الركض. خلُصت التحاليل إلى أنه يجب إجراء مزيد من الأبحاث قبل تطبيق النتائج الحالية فيما يتعلق بتأثير الكافيين في الجميع، فضلًا عن أن آلية تأثيرها غير واضحة حتى الآن.

في صدد ما سبق، فإن ما يجعل الكافيين جيدًا أو سيئًا يعتمد على الشخص نفسه، أي بقياس مدى جودة استقلابه في الجسم، أو طريقة تفاعل الأدوية مع الكافيين، أو كمية الكافيين التي نستهلكها.

من الجدير بالذكر أن الكافيين دواء، وأن التسمم به أو الجرعة الزائدة منه أمر وارد، ومع إنه نادر فقد يكون قاتلًا. لذلك من الأفضل الحذر عند تناوله، خاصةً عندما يتعلق الأمر بمكملات الكافيين.

نورد بعض نصائح إدارة الغذاء والدواء (FDA) فيما يتعلق بأعراض الاستهلاك المفرط للكافيين التي يجب الانتباه إليها:

  •  الأرق.
  •  الغثيان أو اضطراب المعدة.
  •  الصداع.
  •  القلق أو التوتر.
  •  الشعور بالحزن.

ولدى الرغبة بتقليل استهلاك الكافيين، من الأفضل عمومًا تقليل تناوله تدريجيًا. فمع إن التوقف المفاجئ قد لا يكون خطرًا مثل الأدوية الأخرى، فقد يسبب بعض الآثار الجانبية غير المرغوبة مثل الصداع والتعب.

نتيجة لما تقدم، لا بد من التذكير بأن محتوى هذا المقال لا يحل محل الاستشارة الطبية أو التشخيص أو العلاج، لذلك يُنصح بزيارة الطبيب عند وجود أعراض مرضية.

اقرأ أيضًا:

أطعمة غنية بالكافيين لم تكن تعرفها من قبل

الكافيين والاكتئاب : تأثيرات سلبية وإيجابية

ترجمة: إيمان مشماشي

تدقيق: ريمي سليمان

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر