من الصعب جدًا رصد الثقوب السوداء، إذ أنها لا تصدر أي أشعة من الممكن تعقبها. توجد العديد من أنواع الثقوب السوداء، أحدها الثقوب السوداء العملاقة، التي تبلغ كتلتها ملايين إلى مليارات كتلة شمسية.

تتكون الثقوب السوداء في آخر مرحلة من حياة بعض النجوم، إذ ينهار اللب الأخير ويتحول إلى هذا الجرم.

لكن كيف يتزايد حجم هذه الثقوب بهذه السرعة؟

اكتشاف جديد قد يجيب عن هذا السؤال.

رصد باحثون أصغر ثقب أسود من فئة الثقوب السوداء العملاقة في مركز مجرة Mrk 462 التي تبعد 110 مليون سنة ضوئية عن الأرض، تصل كتلته إلى 200 ألف كتلة شمسية.

وتحدث جاك باركر، الفلكي من جامعة دارتموث، قائلًا إن هذا الثقب الأسود هو أحد أصغر الثقوب السوداء العملاقة، التي يعد رصدها صعبًا للغاية.

هذا الاكتشاف يرجح أن أصل الثقوب السوداء العملاقة نجومٌ منهارة كتلتها أصغر مئة مرة من كتلة الشمس على الأقل. ولكن هذه النظرية تتناقض مع ما نعرفه عن كوننا حاليًا، إذ إن حجم هذه الثقوب لا يتناسب مع الفترة الزمنية التي مرت منذ بداية الكون إلى الآن، ما لا يسمح لها بالنمو إلى حجمها الحالي.

نظرية أخرى تقترح أن تجمعاتٍ من الغاز والغبار تواجدت في بدايات الكون، تحولت إلى ثقوبٍ سوداء عملاقة كتلتها تصل إلى آلاف أضعاف كتلة شمسنا، ثم بدأت هذه الثقوب بالنمو والازدياد بالحجم.

  •  النظرية الأولى التي تقترح أن الثقوب السوداء أصلها نجوم غير مرجحة لتكون صحيحة، لذا فإن تركيز الباحثين هو على النظرية الثانية، التي تقترح أيضًا أن المجرات الصغيرة تحتوي في مركزها ثقبًا أسود عملاقًا.

تأكيد هذه النظرية ليس سهلًا، إذ إن رصد مركز المجرة الصغيرة مهمةٌ صعبة. يعتمد الباحثون عادةً على النجوم التي تدور حول مركز المجرة للتعرف على خصائص الثقب الأسود الموجود في المركز، لكن هذا غير ممكن في حالة المجرات الصغيرة.

الطريقة الأخرى التي يتبعها الباحثون أيضًا لرصد الثقوب السوداء في مركز المجرات هي تتبع ورصد الأشعة التي تصدر من ذلك المصدر. على سبيل المثال، انبعاث الأشعة السينية أو أشعة غاما يقترح وجود ثقب أسود يؤدي إلى ارتفاع حرارة المواد التي حوله إلى نسبةٍ تؤدي إلى انبعاث هذه الأشعة.

وعملًا بهذه الطريقة، رصد الباحثون ثماني مجرات صغيرة بواسطة مرصد تشاندرا الفضائي للأشعة السينية. ومن البيانات التي حصلوا عليها، رصدوا مجرة Mrk 462 التي أظهرت وجود أشعة سينية من ثقبٍ أسود تصل كتلته إلى 200 ألف كتلة شمسية.

لكن البيانات أظهرت أن نسبة الأشعة السينية عالية الطاقة إلى الأشعة السينية منخفضة الطاقة تقترح أن الثقب الأسود محاط بكمية كبيرة من الغبار في المجرة.

ويؤكد ريان هيكوكس -الفلكي من جامعة دراتموث- أن وجود الغبار يُصعب مهمة رصد الثقب الأسود، ولكن رصده يؤكد وجود العديد من المجرات القزمة بثقوب سوداء مماثلة في مراكزها.

العديد من البيانات التي حصل عليها الباحثون خلال السنوات السابقة تدعم هذه البيانات أيضًا، إذ رُصدت العديد من الثقوب السوداء متوسطة الكتلة في مجرات قزمة، وفي بقايا المجرات.

هذه البيانات تدعم النظرية التي تقول أن أصل الثقوب السوداء نجومٌ منهارة.

واختتم باركر حديثه مؤكدًا أن لا إمكانية لحسم وتأكيد أيٍ من النظريتين لعدم كفاية البيانات. وأضاف قائلًا: «إن هذه البيانات عليها أن تزيد الأبحاث لفهم الثقوب السوداء وأساسها في كوننا».

اقرأ أيضًا:

النقاط الصغيرة في هذه الصورة ليست نجومًا أو مجرات، بل ثقوب سوداء!

هل ما زال في كوننا أي ثقوب سوداء متبقية من الانفجار العظيم؟

ترجمة: محمد مسلماني

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر