أشارت دراسة جديدة إلى اكتشاف علماء الفلك المثال الأضخم للنجوم الميتة المعروفة باسم النجوم النيوترونية، والذي يعد واحدًا من أضخم الأجسام في الكون. نجح العلماء في قياس الكتلة الاستثنائية لذلك النجم النيوتروني بمساعدة قزم أبيض white dwarf.

النجم النيوتروني Neutron star مثل الثقب الأسود؛ هو بقايا نجم مات نتيجة لانفجار كارثي يعرف باسم المستعر الأعظم أو السوبرنوفا Supernova، عندما يصل نجم (ذو كتلة معينة) في دورة حياته إلى مرحلة السوبرنوفا تنهار النواة المتبقية من النجم بسبب قوى الجاذبية؛ فإذا كانت تلك النواة كثيفة كفاية قد ينتهي بها الحال بتكوين ثقب أسود يتمتع بجاذبية قوية جدًا إلى الحد الذي يُعجز الضوء عن الإفلات منه، لكن إذا كانت النواة أقل كثافة فسيتحول إلى نجم نيوتروني، وسمي بذلك لأن جاذبيته قوية بدرجة تمكنها من دمج إلكترونات الذرة مع بروتوناتها مكونة نيوترونات.

قالت مؤلفة الدراسةThankful Cromartie من جامعة فيرجينيا الأمريكية والمرصد الوطني لعلم فلك الراديوthe National Radio Astronomy Observatory : «النجوم النيوترونية رائعة بقدر ما هي غامضة، هذه الأجسام هائلة الحجم كالمدن هي في الأساس نوى ذرية هائلة».

النجوم النيوترونية عادةً صغيرة؛ يبلغ قطرها نحو 19 كيلومترًا، لكنها كثيفة بشكل مذهل، غالبًا ما تكون كتلة النجم النيوتروني مماثلة لكتلة الشمس. يزن مقدار مكعب سكر من مادة النجوم النيوترونية تقريبًا 100 مليون طن، أو ما يقارب مجموع البشر على كوكب الأرض، ما يجعلها، بجانب الثقوب السوداء، أكثر الأجسام كثافة في الكون.

درس العلماء النجوم النيوترونية على مدار عقود من الزمن، ورغم ذلك فإن العديد من أسرارها لم تُكشَف بعد؛ على سبيل المثال: هل الضغط الهائل في النجم النيوتروني قد يتسبب في انقسام النيوترونات إلى كواركات؟ (الكواركات هي جسيمات أولية تُكوّن الجسيمات الأكبر مثل النيوترونات والبروتونات)، وما هي نقطة التحول التي تتغلب فيها الجاذبية على المادة مكونة ثقبًا أسود؟

قالت المؤلفة المشاركة في الدراسةMaura McLaughlin من جامعة فرجينيا في مورغانتاون: «هذه النجوم في غاية الغرابة؛ لا نعرف من ماذا تتكون تحديدًا، وأحد الأسئلة المهمة حقًا: ما هو الحد النهائي من الضخامة الذي قد تصل إليه تلك النجوم؟ والتي بالتأكيد لها تأثير على المواد الغريبة التي تتكون منها، والتي لا نستطيع تخليقها في المختبر».

يقع النجم النيوتروني المكتشف حديثًا والمعروف باسم J0740+6620 على بعد حوالي 4600 سنة ضوئية من الأرض، وتبلغ كتلته 2.14 كتلة الشمس، في كرة يبلغ قطرها حوالي 25 كم. وهو ما يقترب نظريًا من الحدود القصوى لمدى الضخامة والانضغاط الذي قد يصل إليه جسم دون أن ينسحق بواسطة الجاذبية متحولًا إلى ثقب أسود.

قال المؤلف المشارك في الدراسة Scott Ransom عالم فلك في المرصد الوطني لعلم فلك الراديو: «تمتلك النجوم النيوترونية تلك النقطة الحرجة التي تجعلها شديدة الكثافة داخليًا للدرجة التي تقهر فيها قوى الجاذبية قدرة النيوترونات على مقاومة الانهيار، وكل نجم نيوتروني شديد الضخامة نكتشفه يجعلنا أقرب لمعرفة تلك النقطة، كما يساعدنا أيضًا على فهم أكبر لطبيعة تلك المواد المعرضة لهذا القدر المذهل من الكثافة».

النجم J0740+6620 هو من النجوم النيوترونية الدوارة المعروفة باسم النجوم النابضة pulsar. يبعث النجم النابض شعاعين من موجات الراديو من قطبيه المغناطيسيين، ويومض مثل المنار، يعد النجم J0740+6620 تحديدًا من النجوم النابضة المعروفة باسم نابض الميلي ثانية millisecond pulsar، والذي يدور بسرعة مئات الدورات في الثانية الواحدة.

نجح العلماء في قياس كتلة النجم النابض من خلال ظاهرة تعرف باسم Shapiro Delay، تنص على أن جاذبية القزم الأبيض المرافق (القزم الأبيض هو نجم صغير كثيف يدور حول النجم النيوتروني وينتج هو الآخر من بقايا نجم أقل كثافة) تُشوَّه نسيج الزمكان المحيط به بدرجة تتناسب مع كتلة القزم الأبيض.

عندما يمر النجم النابض خلف القزم الأبيض كما يظهر لنا من الأرض، تؤخر تلك التشوهات في الزمكان نبضاته بمقدار عشرات الملايين من أجزاء الثانية. تمكن العلماء بسبب هذا التأخير من حساب كتلة القزم الأبيض. ومن خلال تحليل دوران كل من النابض والقزم الأبيض حول بعضهما البعض تمكن العلماء من تقدير كتلة النجم النابض.

يوضح هذا المشهد تأخر نبض النجم النيوتروني الضخم J0740+6620 بواسطة القزم الأبيض المار بين النجم النيوتروني والأرض

صرحت ماكلفلين: «لقد كان هذا الاكتشاف وليد الصدفة؛ إذ كان خلال عملية رصد روتينية لموجات الجاذبية (تموجات غير مرئية تحدث في الزمكان) باستخدام مرصد جرين بانكGreen Bank Telescope في فيرجينا الغربية. في جرين بانك نحاول اكتشاف موجات الجاذبية الصادرة عن النجوم النابضة؛ ومن أجل ذلك نحتاج إلى رصد العديد من نجوم نوابض الميللي ثانية».

اقرأ أيضًا:

ما هي النجوم النيوترونية ؟

الأقزام البيضاء ؛ جثث النجوم المنكمشة

ترجمة: آية قاسم

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر