قد تمثل خسارة الجنين نتيجة الإجهاض فاجعة بالنسبة إلى الحامل، إذ ينجم الإجهاض غالبًا عن ظروف خارجة عن سيطرتنا، فنعجز عن إيقافه أو منع حدوثه. تختبر معظم النساء اللاتي تعرضنّ للإجهاض حملًا سليمًا في المستقبل.

تعريف الإجهاض:

يُعرف الإجهاض بخسارة الجنين خلال الأسابيع العشرين الأولى من الحمل، بينما تسمى خسارة الجنين بعدها بالإملاص.

تنتهي واحدة من كل خمس حالات حمل مؤكدة بالإجهاض خلال الأسابيع العشرين الأولى من الحمل، لكن معظم النساء يجهضن دون إدراكهن بالحمل.

تتضمن أشيع علامات الإجهاض:

  •  ألمًا بطنيًا تشنجيًا مشابهًا لألم الدورة الشهرية.
  •  نزفًا مهبليًا.

تجب زيارة الطبيب أو التوجه إلى قسم الطوارئ عند الشك بحدوث الإجهاض. قد تلاحظ بعض النساء خلال الثلث الأول من الحمل بقعًا نزفية مهبلية لا تتعلق بحدوث الإجهاض.

أنماط الإجهاض:

تشمل أنماط الإجهاض كلًا من التهديد بالإجهاض والإجهاض الحتمي والإجهاض التام والإجهاض غير التام والإجهاض المنسي. تُعد البويضة التالفة (الحمل اللا جنيني)، والحمل المنتبذ أو الهاجر (الحمل خارج الرحم)، والحمل الرحوي (الرحى العدارية) أسبابًا أخرى للإجهاض.

التهديد بالإجهاض:

يحدث عند ظهور علامات تدل على إجهاض محتمل، كالنزف المهبلي الخفيف وآلام الجزء السفلي من البطن. قد تستمر علامات التهديد بالإجهاض لأيام أو أسابيع، لكن عنق الرحم يبقى مغلقًا، فإما أن يتوقف النزف والألم بمرور الوقت وينتهي الأمر بحمل وجنين سليمين، أو تسوء حالة المريضة وينتهي الحمل بالإجهاض.

من النادر أن يتمكن الطبيب أو القابلة من إيقاف الإجهاض، وقد نُصح سابقًا بالراحة في السرير للمساعدة في إيقافه لكن ذلك لم يثبت بالدليل العلمي.

الإجهاض الحتمي:

قد يحدث الإجهاض الحتمي تاليًا للتهديد بالإجهاض أو دون سابق إنذار، ويبدي أعراضًا أوضح تتضمن نزفًا مهبليًا شديدًا وآلامًا بطنية حادة. يفتح عنق الرحم عند حدوث الإجهاض ويخرج الجنين مع الدم.

الإجهاض التام:

يوصف الإجهاض بالتام عند خروج الجنين كاملًا من الرحم، وقد يستمر النزف المهبلي أيامًا، ويشبه الألم في هذا النوع من الإجهاض ألم المخاض أو ألم الدورة الشهرية العنيفة، إذ يستمر الرحم بالانقباض حتى يفرغ تمامًا.

ينبغي الخضوع للفحص الطبي للتأكد من اكتمال الإجهاض عند حدوثه في المنزل أو بغياب الرقابة الطبية.

الإجهاض غير التام:

قد تبقى بعض الأنسجة الجنينية عالقة داخل الرحم أحيانًا، فتستمر التقلصات الرحمية والنزف المهبلي في محاولة من الرحم لإفراغ ذاته، فيسمى ذلك بالإجهاض غير التام.

قد يلجأ الطبيب أو القابلة إلى توسيع عنق الرحم مع تجريف للرحم (D & C) لإزالة البقايا الجنينية العالقة داخله.

الإجهاض المنسي:

يسمى الإجهاض بالمنسي عند موت الجنين وبقائه داخل الرحم، ويتظاهر أحيانًا بمفرزات مهبلية بنية اللون، مع اختفاء بعض أعراض الحمل مثل الغثيان والتعب.

قد تتفاجأ الحامل بموت جنينها إذ يُكتشف صدفة خلال الفحص الطبي الروتيني، وينبغي عندها الحصول على المشورة الطبية لمناقشة الخيارات العلاجية والداعمة مع الطبيب.

الإجهاض المتكرر:

تعاني بعض النساء إجهاضات متكررة، ويفضل التحدث إلى الطبيب في حال التعرض للإجهاض في ثلاث حالات حمل متتالية أو أكثر للمساعدة في اكتشاف الأسباب الكامنة وراءه، وإحالة المريضة إلى الطبيب المختص.

علامات الإجهاض:

قد يحدث الإجهاض فجأة أو خلال عدة أسابيع، وتتضمن الأعراض نزفًا مهبليًا وآلامًا في الجزء السفلي من البطن، ومن الضروري التوجه إلى الطبيب أو قسم الطوارئ عند ظهور أي منها.

يمثل النزف المهبلي العلامة الأشيع، ويظهر بأشكال مختلفة من الأحمر الفاتح أو المفرزات المهبلية البنية إلى النزف الغزير، وقد تعتقد الحامل أنه ناتج عن الدورة الطمثية إذا ظهر خلال المراحل الباكرة من الحمل.

تشمل علامات الإجهاض الأخرى:

  •  آلام مختلفة الشدة أسفل البطن، تشبه أحيانًا آلام الدورة الشهرية أو تتظاهر بتقلصات تشبه المخاض العنيف.
  •  مفرزات مهبلية سائلة.
  •  خروج خثرات دموية أو بقايا جنينية من المهبل.

ما الذي ينبغي فعله عند الشك بحدوث الإجهاض؟

يتعين طلب مشورة الطبيب أو القابلة عند الشك بحدوث الإجهاض للحصول على النصائح والدعم المطلوب، مع الأخذ بالاعتبار أن العديد من النساء قد يلاحظن وجود بقع نزفية مهبلية لا تتعلق بحدوث الإجهاض، خلال الثلث الأول من الحمل.

ينبغي التوجه إلى أقرب مركز إسعاف عند وجود نزف غزير أو آلام شديدة أو في حال الشعور بالإعياء.

تدبير الإجهاض:

لا يمكن إيقاف الإجهاض أو منع حدوثه مع الأسف، وتعتمد نتائجه على الحالة الصحية العامة للحامل والاضطرابات الآنية.

توجد تدابير عديدة ممكنة، لكلٍ منها محاسن ومخاطر يجب مناقشتها مع الطبيب.

 التدبير المحافظ، المراقبة والانتظار:

يُنصح به في مراحل الحمل الباكرة، إذ يطلب من المريضة الذهاب إلى المنزل وانتظار خروج محصول الحمل من الرحم من تلقاء نفسه، وقد يحدث ذلك بسرعة أو يستغرق بضع أسابيع.

 التدبير الدوائي:

من خلال إعطاء أدوية تُسرع عملية الإجهاض، وقد يُطلب من المريضة عندها البقاء في المشفى أو الذهاب إلى المنزل.

 التدبير الجراحي:

قد تخضع المريضة لعملية جراحية صغرى تسمى بالتوسيع والتجريف (D & C)، إذ تستطب الجراحة في حالات النزف الغزير والألم الشديد وظهور علامات الإنتان، أو عند فشل التدابير المحافظة والدوائية، أو اعتمادًا على قرار المريضة.

يُجرى العمل الجراحي تحت التخدير العام في غرفة العمليات، ويستغرق 5 إلى 10 دقائق، إذ يقوم الطبيب بفتح عنق الرحم وإزالة البقايا الجنينية العالقة داخله.

العلاج:

يُزود الطبيب مريضته بالمعلومات والنصائح حول الخيارات العلاجية المتاحة حالما يتأكد حدوث الإجهاض، ويُعلمها بالمحاسن والمخاطر المختلفة لكل علاج.

فإذا كان الإجهاض تامًا، يتعين زيارة الطبيب لإجراء فحص شامل والتحقق من الحالة الصحية للمريضة، وقد تخضع الحامل عندها للتصوير بالأمواج فوق الصوتية للتأكد من خلو الرحم من أي بقايا جنينية.

أما في حال التوجه إلى قسم الطوارئ، فتقيّم الممرضة المسؤولة عن تصنيف المرضى خطورة حالة المريضة ومدى حاجتها لرؤية الطبيب اعتمادًا على شدة الأعراض. ينبغي إعلام الفريق الطبي فورًا في حال تفاقم الأعراض أو عند الشعور بالحاجة إلى استخدام المرحاض.

التدابير الأولية عند حدوث الإجهاض في المنزل:

قد تتعرض بعض النساء للإجهاض في المنزل قبل أن يتمكنّ من التوجه إلى المشفى، ويجب عندها اتخاذ الإجراءات التالية:

  •  استخدام الفوط الصحية لإيقاف النزف.
  •  الاحتفاظ بالبقايا الجنينية المطروحة لتحديد سبب الإجهاض من قبل الطبيب المختص.
  •  تناول المسكنات الآمنة (باراسيتامول) عند الشعور بالألم.
  •  الراحة.
  •  الاتصال بالطبيب أو القابلة.

من المحتمل رؤية الجنين بين الأنسجة المطروحة، لكنه يكون صغيرًا جدًا في معظم الأحيان بحيث يصعب التعرف عليه، وقد لا يُرى مطلقًا. من الطبيعي أن ترغب الأم في رؤية جنينها، لكنها قد تقرر عدم القيام بذلك.

قد يحدث الإجهاض خلال استخدام المرحاض، وسواء كانت المريضة في المستشفى أو خارجها فلا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة تمامًا للتعامل مع هذه الحالة.

أسباب الإجهاض:

قد تعتقد بعض النساء بحدوث الإجهاض نتيجة ارتكابهن لخطأ ما، لكنه غير مرتبط بنشاطات الحامل في معظم الأحيان، إذ لا يوجد أي دليل يثبت علاقته بالجهد أو التمارين الرياضية أو العمل أو ممارسة الجنس، ويبقى سببه مجهولًا غالبًا.

من الشائع أن ينجم الإجهاض عن فشل نمو الجنين داخل الرحم بسبب عيوب جينية صبغية ذاتية غير موروثة، وقد يحدث الإجهاض أيضًا بسبب كل مما يلي:

  •  اضطرابات هرمونية.
  •  اضطرابات في الجهاز المناعي وتخثر الدم.
  •  اضطرابات الغدة الدرقية والداء السكري.
  •  الإنتانات الشديدة التي تسبب الحمى (لا تتضمن نزلات البرد).
  •  عيوب تشريحية في الرحم وعنق الرحم.

عوامل الخطر:

  •  التقدم في السن.
  •  التدخين.
  •  شرب الكحول خلال الثلث الأول من الحمل.
  •  الإكثار من تناول المشروبات الغنية بالكافيين مثل القهوة والشاي ومشروبات الطاقة.
  •  التعرض المسبق لإجهاضات متكررة.

الوقاية من الإجهاض:

قد يقلل اتباع نظام صحي يشمل الإقلاع عن التدخين وعن شرب الكحول، والتقليل من استهلاك الكافيين أو إيقافه تمامًا من خطر التعرض للإجهاض، وينصح أيضًا بتجنب الاحتكاك مع مرضى الإنتانات الخطيرة.

الحصول على المشورة والدعم:

ينبغي التحدث إلى الطبيب أو القابلة للحصول على المعلومات والنصائح حول الإجراءات الممكنة والعناية الذاتية عند التعرض للإجهاض، وكذلك يجب الحصول على معلومات تفصيلية حول خدمات الدعم المتاحة.

اقرأ أيضًا:

لماذا يحدث الإجهاض التلقائي؟ حقائق ومفاهيم خاطئة

النساء أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية كلما ازدادت حالات الإجهاض لديهن

ترجمة: نور أحمد الشعار

تدقيق: أنس الرعيدي

المصدر