أظهرت الأبحاث الجديدة أن النساء اللواتي خضعن لعملية إجهاض أو أنجبن جنينًا ميتًا، تزداد لديهن خطورة حدوث سكتة دماغية، وذلك لعدم وصول الدم إلى الدماغ بسبب انسداد الشريان أو انفجاره، تزداد هذه الخطورة مع كل عملية إجهاض أو ولادة جنين ميت.

تُعدّ محاولة التحقّق من هذه العلاقة مهمة صعبة؛ لأنها تتطلب متابعة أعداد كبيرة من النساء خلال فترة زمنية طويلة، والحصول على بيانات موثوقة لتجارب تلك النساء.

نُشرت هذه الدراسة في المجلة الطبية البريطانية في 23 يونيو من عام 2022، وهي دراسة أولى من نوعها، تُظهر بشكل قاطع العلاقة بين خسارة الحمل والسكتة الدماغية.

لا تعلم العديد من النساء أن تجاربهن خلال الحمل قد تكون مؤشرًا أوليًا إلى مخاطر صحية لاحقة، لذلك يجب على أطبائهن إنذارهن إلى تلك المخاطر المتزايدة حسب ما أظهرته النتائج.

من المحتمل أن يزيد الإجهاض، أو إنجاب جنين ميت، والعقم، من خطورة حدوث سكتة دماغية عند النساء بسبب مشاكل صحية أخرى، قد يتضمن ذلك اضطرابات في الغدد الصماء (مثل انخفاض معدل الإستروجين، أو حدوث مقاومة للإنسولين)، والتهابات، ومشكلات في الخلايا البطانية التي تساعد على تدفق الدم، واضطرابات نفسية وسلوكية غير صحيحة مثل التدخين، والسمنة.

قد يسبّب شعور الحسرة سكتة دماغية لاحقة

استند هذا البحث على بيانات مجموعة من 618,851 امرأة شاركن في ثماني دراسات منفصلة في أستراليا، والصين، واليابان، وهولندا، والسويد، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية.

تراوحت أعمار النساء اللواتي تطوعنّ في هذه الدراسة بين 32 و73 عامًا، تمّت متابعتهن لمدة 11 سنة وسطيًا. أظهرت الدراسات أن خلال فترة مراقبتهن تطوّر لدى 9,265 امرأة سكتة دماغية غير مميتة واحدة على الأقل أي ما يُعادل 2.8%؜. بينما تطوّر لدى 4،003 امرأة سكتة دماغية قاتلة أي ما يُعادل 0.7%.

من بين المجموعة كلها تعرّضت 91,569 امرأة أي ما يُعادل 16.2 %،؜ إلى إجهاض سابق، بينما 24,873 امرأة أي ما يُعادل ؜4.6 % كنّ قد خسرن جنينًا سابقًا.

بين مجموعة النساء الحوامل، كانت لدى النساء اللواتي خضعن سابقًا لعملية إجهاض خطورةٌ عالية للإصابة بسكتة دماغية غير قاتلة بمعدل 11%، وخطورة عالية للإصابة بسكتة دماغية قاتلة بمعدل 17% مقارنة مع النساء اللواتي لم يتعرضن للإجهاض سابقًا.

تزداد خطورة السكتة الدماغية مع كل إجهاض؛ لذلك فإنّ معدل خطورة الإصابة بسكتة دماغية غير قاتلة عند المرأة التي خضعت لثلاث عمليات إجهاض أو أكثر يعادل 35% (ما يُعادل من 43 إلى 58 امرأة لكل 100.000 امرأة سنويًا). ومعدل خطورة 82% إلى حدوث سكتة دماغية قاتلة (ما يُعادل من 11.3 إلى 18 امرأة لكل 100.000 امرأة سنويًا) مقارنةً مع النساء اللواتي لم يخضعن لأي عملية إجهاض.

يزيد إنجاب جنين ميت أيضًا من خطورة حدوث سكتة دماغية.

من بين النساء اللواتي كنّ حبالى، لدى النساء اللواتي أنجبن جنينًا ميتًا خطورة عالية للإصابة بسكتة دماغية غير قاتلة ما يُعادل 31% (ما يُعادل من 42 إلى 69.5 امرأة لكل 100.000 امرأة سنويًا)، وخطورة عالية للإصابة بسكتة دماغية قاتلة ما يُعادل 7%.

كلما زاد عدد الأجنّة الميتة، يزداد خطر الإصابة بسكتة دماغية لاحقة، في حين أنّ النساء اللواتي أنجبن جنينين ميتين أو أكثر، إنّ معدل الخطورة لديهن للإصابة بسكتة دماغية قاتلة يعادل 26% (يزداد المعدل من 11 إلى 51.1 لكل 100.000 امرأة سنويًا).

هذه الدراسة هي الأولى من نوعها، إذ أنّها توضح العلاقة بين الإجهاض أو إنجاب جنين ميت وبين الأنواع الفرعية للسكتة الدماغية: فقد ارتبطت حالات إنجاب جنين ميت بالسكتة الدماغية الإقفارية غير المميتة (الانسدادية)، أو السكتة الدماغية النزفية القاتلة، كما رُبطت حالات الإجهاض بكلا الحالتين السابقتين.

عزّزت هذه الدراسة نتائج المراجعة الجهازية السابقة التي وجدت نتائج مماثلة، لكنها أظهرت أدلة محددة مرتبطة بالأنواع الفرعية للسكتة الدماغية.

من بين التفسيرات المحتملة لهذه الروابط، قد تؤدي مشكلات الخلايا البطانية (التي تتحكم باسترخاء الأوعية الدموية وتقلّصها، إضافةً إلى إطلاق إنزيمات تخثر الدم) إلى خسارة الحمل من خلال مشكلات المشيمة، ترتبط هذه المشكلات أيضًا بكيفية تمدّد الأوعية الدموية، والتهابها، وانسدادها أثناء السكتة الدماغية.

تعديل عوامل الخطورة المعروفة

تعدّلت العديد من العوامل التي توصّلنا إليها إلى عوامل الخطورة المعروفة للإصابة بالسكتة الدماغية: مثل مؤشر كتلة الجسم، إذا كانت المرأة تدخن أو لا، إذا كانت المرأة تعاني من ارتفاع ضغط الدم أو السكري، كما عُدّلت الأرقام حسب العرق، ومستوى التعليم.

إنّ تعديل عوامل الخطورة، يمكّننا من عزل المخاطر المتزايدة والمحتملة، المرتبطة بحالات الإجهاض أو إنجاب جنين ميت.

ماذا يجب على النساء وأطبائهن أن يفعلن بهذه النتائج؟

ينظر الأطباء عند فحص صحة القلب إلى خطورة الأمراض القلبية الكلية ( أمراض القلب، وفشل القلب، والسكتة الدماغية)، من خلال النظر إلى هذه المخاطر يقيّم الأطباء مخاطر الإصابة بالأمراض مستقبلًا والتنبؤ بها.

توصي الإرشادات الأسترالية الحالية إلى إجراء فحوصات منتظمة لصحة القلب لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و74 سنة، أو للسكان الأصليين وسكان جزر مضيق توريس بعد عمر 30 سنة وما فوق، يجب القيام بهذا الفحص عندما تزداد مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

كما توصي الإرشادات أيضًا إلى استخدام أدوية ضبط ضغط الدم و/أو الأدوية الخافضة لشحوم الدم مثل الستاتينات، ذلك عندما تزداد خطورة الأمراض القلبية الوعائية بمعدل أعلى من 15% في السنوات الخمس اللاحقة.

حُدّثت هذه الإرشادات حاليًا من قبل التحالف الأسترالي للوقاية من الأمراض المزمنة (يشمل المجلس الأسترالي لطب السرطان، وطب السكري في أستراليا، وطب الكُلى في أستراليا، والمؤسسة الوطنية لطب القلب في أستراليا، والمؤسسة المسؤولة عن حالات السكتة الدماغية)، لكن حديثًا توصي الإرشادات الدولية إلى البدء بالأدوية من أجل تقليل مستويات المخاطر.

بغض النظر عن درجة مخاطر الأمراض القلبية الوعائية التي تُعاني منها، أفضل الطرق من أجل الوقاية من السكتة الدماغية هي العيش باتّباع نمط حياة صحي قدر المستطاع، بالإقلاع عن التدخين، واتباع نظام غذائي صحي، والاعتدال في تناول الكحول، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام. يضمن هكذا نمط حياتي مخاطر أقل للجميع.

لكن الأطباء سيحاولون جاهدين إلى مساعدة الأشخاص المعرضين إلى خطورة طويلة الأمد، بتشجيعهم على العيش باتّباع هذا النمط من الحياة.

أظهرت أبحاث هذه الدراسة أن النساء اللواتي خضعن لإجهاض أو إنجاب جنين ميت لديهن خطورة أعلى لتطوّر أمراض قلبية وعائية.

تحدث هذه الأمور قبل سنوات عديدة من تطوّر مخاطر أخرى عند النساء، مثل ارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري، وارتفاع كوليسترول الدم.

كما يجب على النساء اللواتي خضعن لإجهاض أو إنجاب جنين ميت مناقشة ذلك مع أطبائهن، لأن معرفتك بأنك أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية هي فرصة لمراقبة صحتك، وإجراء تغييرات في نمط الحياة قد تساعد في منع السكتة الدماغية.

على الأطباء أن يسألوا إلى عن التاريخ التناسلي للنساء، وأن يكونوا على دراية بالإجهاض المتكرر وإنجاب جنين ميت كونها تُعدُّ مؤشرات محتملة لخطر حدوث سكتة دماغية.

اقرأ أيضًا:

النساء أكثر عرضة للوفاة بعد الجراحة إذا كان الجراح ذكرًا!

لماذا تفشل وسائل تحديد النسل عند النساء؟

ترجمة: جوليا كاملة

تدقيق: فاطمة جابر

المصدر