يعد الإسهال «Diarrhea» أحد أكثر مشاكل الجهاز الهضمي الشائعة بين الناس، إذا يصيب الصغار والكبار على حد سواء في مختلف الفصول والأوقات، كما أنه لا يتسبب في حدوث مضاعفات خطيرة إلا إذا أُصيب به الأطفال الصغار جدًا وهنا قد يكون قاتلاً، فاستنادًا إلى منظمة الصحة العالمية “WHO” يعد الإسهال السبب الثاني لوفيات الأطفال الأصغر من عمر الخمس سنين، كما يتسبب بوفاة 525,000 طفلًا في كل عام.

لكن ما هو الإسهال؟ وما هي أسبابه؟ وكيف تعرف بأنك مصاب به؟

تابع قراءة هذا المقال لكي تعرف!

تعريفه

يُعرف الإسهال بأنه حالة غير مريحة ومزعجة، حيث يمكن تعريفه بالنسبة لمعظم الأفراد بأنه زيادة في وتيرة أو انخفاض الاتساق في حركة الأمعاء.

ففي العديد من البلدان المتقدمة، يبلغ متوسط عدد حركات الأمعاء ثلاثة مرات في اليوم الواحد.

ومع ذلك، وجد الباحثون أن الإسهال يرتبط ارتباطًا قويًا بزيادة وزن البراز.

إذ يدل وزن البراز البالغ 300 غرام يوميًا على الإصابة بالإسهال.

ويرجع ذلك أساسًا إلى المياه الزائدة، والتي تشكل عادة 60-85٪ من البراز.

وبهذه الطريقة، يتم تمييز الإسهال الحقيقي عن الأمراض التي تسبب فقط زيادة في عدد حركات الأمعاء أو سلس الأمعاء (الفقدان اللاإرادي لمحتويات الأمعاء).

أنواعه وأسبابه

يقسم الإسهال إلى نوعين: الإسهال الحاد والإسهال المزمن.

الإسهال الحاد:

وهو الإسهال الذي يستمر لمدة أسبوعين أو أقل وعادة ما يكون نتيجة الإصابة بعدوى فيروسية، فمن ناحية أكثر الفيروسات شيوعًا في التسبب بالإسهال لدى البالغين يأتي ذكر فيروس نورو «Norovirus» في المقدمة، ونتيجة ميله إلى إصابة رواد البحر من السياح أطلق عليه اسم (إسهال سفن الرحلات البحرية)، أما من جهة الأطفال يعد فيروس روتا «Rotavirus» أحد أشهر الفيروسات المسببة للإسهال في الأطفال الصغار.

وبتعدد أسباب الإسهال الحاد فللبكتيريا دور أيضًا والتي عادة ما يُنسَب إليها مصطلح (إسهال المسافر) أو في بعض المناطق (انتقام مونتيزوما Montezuma’s revenge) وهذا لا يعني أن المصابين به هم ضحايا لعنةٍ قديمة، إنما هم ضحايا بكتيريا الإشريكية القولونية المنتجة للذيفان المعوي «Enterotoxigenic Escherichia coli».

 

ولكن هل نسينا الطفيليات ؟

تعد الطفيليات -إضافة إلى الفيروسات والبكتيريا- من الأسباب الشائعة للإصابة بالإسهال الحاد ويكون ذلك عن طريق ابتلاعها عند استهلاك الشخص لطعام أو مياه ملوثة بها.

الإسهال المزمن:

وهو الإسهال الذي يستمر لأكثر من أربعة أسابيع، ومن أسبابه:

  1. مسببات مُعدِية ( وأشهرها الطفيليات).
  2. أسباب مرتبطة بالالتهابات مثل التهاب القولون التقرحي أو مرض كرون.
  3. أسباب مرتبطة بسوء الامتصاص، مثل حساسية اللاكتوز أو الداء البطني «celiac disease».
  4. نقص التروية الدموية عن الأمعاء.
  5. بعض علاجات السرطان كالعلاج الإشعاعي.
  6. بعض الأدوية كالمضادات الحيوية.

أما بشأن الوفيات الناتجة عن الإسهال فإنها تنتشر في دول العالم الثالث، وذلك بسبب قلة توفر مياه الشرب النظيفة وسوء أحوال الصرف الصحي.

فيما تبذل العديد من المنظمات كمنظمة الصحة العالمية ومنظمة «PATH» جهودًا كبيرة لحل مشكلة الوفاة الناتجة عن الإسهال و خاصة في الأطفال عن طريق:

  1. تقديم التطعيمات ضد بعض المسببات.
  2. تنقية مياه الشرب.
  3. تثقيف وتعليم العائلات.
  4. توفير التشخيص الجيد والخطط العلاجية.

المضاعفات

يعتبر الجفاف أحد أول وأهم المضاعفات التي تصاحب الإسهال، إذ ينتج عنه فقدان كميات كبيرة من الماء والأملاح والمغذيات.

فيما يعد الجفاف خطرًا بحد ذاته لما قد يتسبب به من مشاكل صحية خطيرة كانخفاض ضغط الدم أو الإصابة بالتشنجات أو الفشل الكلوي أو حتى الوفاة.

و يجب على الأشخاص المصابين بالإسهال طلب الرعاية الطبية إذا عانوا من المشاكل التالية:

  1. لون البول الغامق أو التبول بكميات قليلة.
  2. تسارع دقات القلب.
  3. جفاف واحمرار الجلد.
  4. الصداع أو الدوار.
  5. الشعور بالتعب والإرهاق.
  6. ألم شديد في البطن أو الشرج.
  7. وجود دمٍ في البراز أو ملاحظة براز ذي لون أسود شبيهٍ بالقطران.
  8. الانزعاج والارتباك.
    إن ما يجعل من الإسهال أمرًا لا يجب القلق منه إلى مشكلة مهددة للحياة يعتمد اعتمادًا كليًا على المسبب.

التشخيص والفحوصات

قد يظن القارئ بأن تشخيص الإصابة بالإسهال أمر بسيط و سهل دائمًا لكن الأمر خلاف المعتقد أحيانًا، إذ يظن العديد من الأشخاص الذين يعانون من تغير في حركات أمعائهم بأنهم مصابون بالإسهال لكنهم ليسوا كذلك.

فيما يستطيع الفرد معرفة ذلك إذا ذهب للمرحاض أكثر من ثلاث مرات في اليوم أو ملاحظة تغير شكل البراز و طبيعته، كأن يكون أكثر طراوة وسيولة وذا طابع مائي.

يمكن تشخيص ذلك طبيًا بالقيام بالفحص السريري للبطن و سؤال المريض عن عادات الأكل والأدوية لاسيما الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية من الطبيب أو المكملات، كما يمكن للطبيب إجراء العديد من الفحوصات الطبية لحصر السبب واستبعاد المسببات الأخرى كإجراء فحوصات الدم وفحوصات البراز (لتحديد وجود البكتيريا أو الطفيليات) وفحوصات الصوم (وذلك بتجنب تناول بعض الأطعمة لملاحظة دورها في المشكلة).

وأخيرًا قد يضطر الطبيب لإجراء تنظير القولون أو تصويره للتأكد من سلامته واستبعاد وجود أي انسداد أو أية مشاكل أخرى.

العلاج والدواء

تُشفى معظم حالات الإسهال بشكل تلقائي خلال بضعة أيام، وكل ما يحتاجه المريض خلالها إلى الإكثار من شرب السوائل لمنع حدوث الجفاف وتعويض نقص السوائل الحاصل، كما توجد العديد من الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية من الطبيب والتي تستخدم لزيادة صلابة البراز وتقليل حركة الأمعاء المُلحّة ومنها دواء «loperamide hydrochloride» والذي يعرف تجاريًا باسم «Imodium AD» ودواء «bismuth subsalicylate» وأيضًا دواء «attapulgite» مع ضرورة التنويه بعدم تعاطي دواء Imodium بجرعات كبيرة لأن ذلك قد يكون خطرًا ومهددًا للحياة.

لا يُنصح باستخدام الأدوية السابقة إذا كان سبب الإصابة بالإسهال عدوىً بكتيرية أو طفيلية، وسبب ذلك هو حصر الكائن في الأمعاء عند توقف الإسهال قبل التخلص منه تمامًا.

كما ويُنصح بشرب ما يقارب 2-3 لتر من السوائل أثناء فترة التعافي، مع التنويه بأن حصر السوائل بالماء لا يُلبي كافة احتياجات الجسم من الأملاح والمغذيات بل يجب شرب الماء إضافة إلى تناول أنواع مختلفة من السوائل أيضًا كالعسل بالشاي، المرق والمشروبات الرياضية والعصائر الخالية من اللب، فيما يجب تجنب منتجات الحليب والكافيين والكحول وعصائر التفاح والكمثرى لدورها الهام في تفاقم الإسهال نحو الأسوأ.

أما من ناحية الغذاء، فيُنصح بتناول الأطعمة اللينة والطرية ومنها الموز والأرز العادي والخبز المحمص والبطاطا المسلوقة و زبدة الفول السوداني اللينة والشعيرية والمقرمشات.

ونظرًا لاحتواء اللبن والجبن على البروبيوتيك «Probiotics»* (والتي تتضمن سلالات من البكتيريا شبيهة بتلك الموجودة في الأمعاء السليمة) فإنها تعد خيارًا جيدًا.

أخيرًا ينصح بتجنب الأطعمة الدهنية أو المليئة بالألياف أو الأطعمة المحضرة لعدة أيام.

الوقاية

لأن درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج، فإن أفضل طريقة للوقاية من الإسهال ومنع حدوثه هو غسل اليدين بشكل منتظم وصحيح، كما يجب طهو اللحوم بشكل جيد وشرب المياه المعبأة خلال فترة الإجازة وتجنب الأطعمة الفاسدة.

أما بالنسبة للإسهال الذي يصيب المسافرين فيُنصح باتخاذ عدة احتياطات للوقاية منه، من ضمنها شرب المياه المعبأة أو المغلية فقط وغسل اليدين بانتظام (خاصة قبل تناول الطعام) وتناول الأطعمة الطازجة والمطبوخة بشكل جيد فقط.

*البروبيوتيك: هي كائنات حية دقيقة والتي عند تناولها بكميات مناسبة تعطي فائدة صحية للمضيف.