نحن بحاجة إلى استثمار ما يقرب من 1.8 تريليون دولار في المبادرات الهادفة لجعل العالم أكثر مرونة في مواجهة التغير المناخي بحلول عام 2030، تلك هي الرسالة التي تضمنها تقرير منشور مؤخرًا بواسطة اللجنة العالمية للتكيف Global Commission Adaption، التي أسسها الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي-مون في أكتوبر 2018.

قد يعبر الرقم عن كمية مهولة من الأموال – وهي كذلك بالفعل – ولكنها قد تحقق أرباحًا تتخطى 7 تريليون دولار وفقًا لما وجدته اللجنة.

تتكون المؤسسة من 34 شخصية من أبرز السياسيين والعلماء ورجال الأعمال حول العالم، وتضم القائمة رائد الصناعات التقنية المعروف بأعماله الخيرية بيل غيتس، والسيدة كريستينا جورجيفا الرئيس التنفيذي للبنك الدولي وغيرهما من الشخصيات الرائدة والمؤثرة في العالم.

النقطة الأساسية للتقرير المنشور قبل انعقاد القمة المناخية للأمم المتحدة والمزمع عقدها في أيلول/سبتمبر الجاري، هي أهمية إدراك أن الجهود العالمية المبذولة لإبطاء التغير المناخي قد تكون مشجعة ولكنها ليست على مستوى الحدث، فنحن بحاجة لفعل المزيد لمساعدة المجتمعات حول العالم على التأقلم مع التغيرات المناخية من ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع مستوى البحر والمزيد من الأحداث المناخية المتطرفة.

يدعو كاتبو التقرير للمزيد من الاستعجال والإبداع وكذلك العمل على نطاق أوسع، وذكّروا بأن الأمر مسألة أخلاقية تتعلق باستثمار الدول الغنية في التدابير التي ستساعد في حماية العالم.

يتمحور التقرير في خمسة نقاط: أنظمة الإنذار المبكر، البنية التحتية المرنة مناخيًا، الزيادة في زراعة الأراضي الجافة، حماية أشجار المنجروف Mangrove، والاستثمار لجعل مصادر المياه أكثر مرونة.

الإنفاق للتأقلم مع التغير المناخي اليوم سيوفر أضعافه في المستقبل مواجهة التغيرات المناخي في العالم مواجهة الاحتباس الحراري ا

يتوقع التقرير تحقيق أرباح تُقدر بثلاثة أضعاف الاستثمارات إذا طُبّقت التدابير الموصى بها، بالإشارة إلى الخسائر المُجتنبة والأرباح الاقتصادية والمنافع الاجتماعية والبيئية الناتجة عن التأقلم مع التغير المناخي.

على سبيل المثال: يمكن لأنظمة الإنذار المبكر إنقاذ أرواح وممتلكات تقدر بعشرة أضعاف تكلفتها الأساسية أو أكثر، فأنظمة التحذير التي تعمل على مدار الساعة بإمكانها تقليل الخسائر الناجمة عن الأحداث المناخية المتطرفة بنسبة 30%، بينما يمكننا تحقيق أرباح من تأسيس بنية تحتية مرنة في مواجهة المناخ تقدر بأربعة أضعاف تكلفة إنشائها.

يمكن تقليل مخاطر الفيضانات عن طريق بناء السدود والموانع وغيرهما من وسائل السيطرة على الفيضانات، ما قد يدفع الاقتصاد للأمام عن طريق تشجيع الاستثمار في المناطق الخطرة، مثال على ذلك منطقة كناري وارف Canary Wharf في لندن التي استفادت من حاجز التايمز.

على جانب آخر تجنبنا غابات المنجروف خسائر تتخطى 80 مليار دولار بسبب الفيضانات الساحلية، عوضًا عن توفير الدفاعات اللازمة لقرابة 18 مليون نسمة.

بحسب ما ذكره كاتبو التقرير، فإن الاستثمار في مبادرات التكيف لا يجب تفسيره باعتباره بديلًا لوقفة صارمة لإيقاف التغير المناخي أو حتى تقليل مخاطره، ولكن يمكننا اعتباره شكلًا من أشكال التوسع في التحضير للتغير المناخي.

دون التكيف، من الممكن أن نتعرض لهبوط حاد في حاصلات الزراعة العالمية قد يصل إلى 30% بينما يزداد الطلب على الغذاء بنسبة 50%. بالإضافة إلى ذلك، يزداد عدد البشر غير القادرين على الحصول على كمية كافية من المياه لشهر واحد على الأقل كل عام من 3.6 مليار في الوقت الحالي إلى 5 مليار بحلول منتصف القرن، كذلك يزداد عدد البشر الذين سيضطرون للنزوح من منازلهم نتيجة لارتفاع مستوى البحر وعرام العواصف (الارتفاع المؤقت في مستوى البحر في مكان ما نتيجة الأحوال الجوية المتطرفة) وهو ما قد يتسبب في خسائر تتخطى حاجز تريليون دولار بحلول عام 2050 وفقًا لتقرير اللجنة.

أشار أيضًا كاتبو التقرير إلى الحقيقة المؤلمة بأن التغير المناخي قد يدفع أكثر من 100 مليون نسمة في الدول النامية لما دون خط الفقر في خلال عقد من الزمان.

«يمكن للتكيف خلق المزيد من الأفكار الجريئة وتشجيع الإبداع خلف ما يظن الناس أنه ممكن في الوقت الحالي، بالتحديد نحن بحاجة إلى القيادة السياسية التي تهز الناس من سباتهم العميق» وفقًا لما ذكره رئيس اللجنة بان كي-مون، والرؤساء المشاركون بيل جيتس وكريستينا جورجيفا.

«لدينا أسباب للأمل، فخلال التاريخ تأقلم البشر مع التغيير، وفي الأوقات العصيبة وجدوا طرقًا لتقليل المخاطر وخلق فرص جديدة. بواسطة البراعة والدهاء تغلب البشر على أكثر التحديات الاستثنائية من القضاء على الأوبئة إلى التعافي من دمار الحرب، نحن اليوم بحاجة إلى هذه الروح الشجاعة».

اقرأ أيضًا:

هل تظن أن التغير المناخي ليس أمرًا عاجلًا؟ انظر لما أحدثه بسواحل أستراليا

قد ينهي التغير المناخي الحضارة البشرية كما نعرفها بحلول عام 2050 وفقًا لتحليل جديد

ترجمة: شريف فضل

تدقيق: علي قاسم

مراجعة: نغم رابي

المصدر