يشيع الشعور بمزاج كئيب من وقتٍ لآخر، لكن الاكتئاب حالةٌ مختلفة بحد ذاتها، وتتطلب العلاج والرعاية. يسبب الاكتئاب شعورًا مستمرًا بفقدان الأمل إلى جانب الشعور العام بالحزن، ورغم شيوع استخدام مصطلح «الاكتئاب» في الأوساط العامة، هناك اختلاف بين موضوع الاكتئاب والمعنى الذي يمليه الاستخدام الشائع للكلمة.

تختلف حالات الاكتئاب عن بعضها، فهناك تصنيفات متنوعة للاكتئاب يؤثر كل منها في الحياة بطرق مختلفة.

يُصنَّف الاكتئاب إلى:

  •  اكتئاب خفيف.
  •  اكتئاب معتدل.
  •  اكتئاب شديد، ويدعى أيضًا الاكتئاب الجسيم.

يقوم هذا التصنيف المحدد على العديد من العوامل التي تتضمن أنواع الأعراض التي قد يشعر بها المريض وشدتها وتكرار حدوثها. هناك أيضًا أنواع معينة من الاكتئاب تسبب زيادة مؤقتة في شدة الأعراض.

الاكتئاب الخفيف

قد تستمر أعراض الاكتئاب الخفيف أيامًا، فهو أكثر من مجرد الشعور بحالة مؤقتة من الحزن، وتكون الأعراض ملحوظة بما يكفي لتؤثر في النشاطات الاعتيادية.
قد يسبب الاكتئاب الخفيف:

  •  الهياج أو الغضب.
  •  الشعور بفقدان الأمل.
  •  الشعور باليأس والذنب.
  •  كره الذات.
  •  فقدان الاهتمام بالأنشطة الممتعة عادةً.
  •  صعوبة التركيز في العمل.
  •  الشعور بانعدام الدافع.
  •  فقدان مفاجئ للاهتمام بالحياة الاجتماعية.
  •  الشعور بالألم دون وجود مسبب واضح.
  •  الشعور بالتعب والنعاس خلال النهار.
  •  الأرق.
  •  تغيرات في الشهية.
  •  تغيرات في الوزن.
  •  اتباع سلوك طائش، مثل الإدمان على الكحول والمخدرات أو المقامرة.

يُحتَمل تشخيص الاضطراب الاكتئابي المستديم في حال استمرت الأعراض معظم الوقت خلال اليوم أو بمعدل 4 أيام في الأسبوع مدة سنتين، وقد تسمى هذه الحالة أيضًا بالاكتئاب الجزئي.

يعدّ الاكتئاب الخفيف الأصعب في التشخيص رغم إمكانية ملاحظته، فمن السهل تجاهل الأعراض وتجنب مناقشتها مع الطبيب، ورغم صعوبة تشخيصه فإنه الأسهل علاجًا. تدعم بعض التغييرات في نمط الحياة زيادة مستويات السيروتونين في الدماغ، ما يساعد على مواجهة أعراض الاكتئاب.

تشمل التغييرات المفيدة في نمط الحياة:

  •  ممارسة التمارين الرياضية يوميًا.
  •  الالتزام ببرنامج محدد لأوقات النوم والاستيقاظ.
  •  الالتزام بنظام غذائي متوازن وغني بالخضراوات والفواكه.
  •  ممارسة التأمل أو اليوغا.
  •  ممارسة نشاطات تخفف من الضغط النفسي، مثل التدوين أو القراءة أو الاستماع للموسيقى.

تتضمن العلاجات الأخرى للاكتئاب الخفيف بعض العلاجات البديلة، مثل عشبة سانت جون ومكملات الميلاتونين، لكن قد تتداخل المكملات مع أدوية معينة، ما يستوجب استشارة الطبيب قبل تناول أي نوع من المكملات الموصوفة للاكتئاب.

تُستخدم مثبطات إعادة استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs) في بعض الحالات، وهي أحد أنواع مضادات الاكتئاب، لكن تفيد هذه الأدوية أكثر عند الإصابة بأنواع أشد من الاكتئاب. يميل الاكتئاب المعاود إلى الاستجابة بفاعلية أفضل للتغيرات في نمط الحياة ولأنواع العلاج بالتحدث المختلفة، مثل العلاج النفسي أكثر من استجابته للعلاج الدوائي.

قد لا يحتاج الاكتئاب الخفيف للعلاج الدوائي لكنه لا يُشفى بالضرورة من تلقاء ذاته، وقد يتطور في حال عدم العلاج إلى أنواع أشد من الاكتئاب.

الاكتئاب المعتدل

يُعدّ الاكتئاب المعتدل النوع التالي في الشدة للحالات الخفيفة من الاكتئاب عند تصنيفها تبعًا لشدة الأعراض. يشترك الاكتئاب الخفيف والمعتدل بأعراض متشابهة، وقد يسبب الاكتئاب المعتدل إضافة إليها:

  •  مشكلات متعلقة بتقدير الذات.
  •  نقص الإنتاجية.
  •  الشعور بانعدام قيمة الذات.
  •  زيادة الحساسية.
  •  القلق المفرط.

أعراض الاكتئاب المعتدل شديدة بما يكفي لتسبب مشكلات في المنزل ومكان العمل إضافة إلى صعوبات في الحياة الاجتماعية، وهذا هو الفرق الأعظم بين النوعين السابقين من الاكتئاب.

تشخيص الاكتئاب المعتدل أسهل من تشخيص الحالات الخفيفة بسبب التأثير الهام للأعراض في الحياة اليومية، ويبقى مفتاح التشخيص استشارة الطبيب وإعلامه بالأعراض الموجودة.

قد تُوصَف بعض الأدوية من مجموعة مثبطات إعادة استرداد السيروتونين الانتقائية، مثل سيرترالين (زولوفت) أو باروكسيتين (باكسيل)، وقد تحتاج هذه الأدوية وقتًا يصل إلى 6 أسابيع حتى تمام التأثير، ويمكن اللجوء للعلاج المعرفي السلوكي أيضًا في بعض حالات الاكتئاب المعتدل.

الاكتئاب الشديد (الاكتئاب الجسيم)

يملك الاكتئاب الشديد (الجسيم) أعراض الاكتئاب الخفيف والمعتدل لكن بشدة ملحوظة حتى من الأشخاص القريبين من المصاب. تستمر نوبات الاكتئاب الجسيم 6 أشهر وسطيًا أو قد تزيد عن ذلك، وقد يُشفَى من تلقاء ذاته بعد مدة، لكنه قد يكون ناكسًا أيضًا في بعض الحالات.

يحمل التشخيص أهمية بالغة في الحالات الشديدة من الاكتئاب وقد يكون حساسًا للوقت.

قد تسبب الأنواع الشديدة من الاكتئاب أيضًا:

  •  توهم.
  •  الإحساس بالذهول.
  •  هلوسة.
  •  أفكار أو سلوكيات انتحارية.

يتطلب الاكتئاب الشديد علاجًا دوائيًا بأسرع ما يمكن، وغالبًا ما يوصي الطبيب بأحد الأدوية من مجموعة مثبطات إعادة استرداد السيروتونين الانتقائية مع أحد أنواع العلاج بالتحدث.

يجب طلب المساعدة الطبية الفورية في حال وجود أفكار أو سلوكيات انتحارية عبر الاتصال بخدمات الطوارئ المحلية أو أحد خطوط الحياة.

في النهاية

يبقى التواصل مع الطبيب للحصول على التشخيص ضروريًا لعلاج الاكتئاب بطريقة فعالة، ويتعاون المختصون بعدها مع المريض لتحديد تدابير العلاج الصحيحة التي تناسبه. قد تتضمن خطة العلاج أدوية من مجموعة مثبطات إعادة استرداد السيروتونين الانتقائية أو علاجات عشبية أو العلاج المعرفي السلوكي أو بعض التعديلات على نمط الحياة.

يهم التواصل مع الطبيب خصوصًا في حالات الاكتئاب الخفيف إلى المعتدل عندما تكون الأعراض غير ملحوظة من قِبل الآخرين. التواصل مع الطبيب الخطوة الأولى نحو الشعور بحالٍ أفضل رغم حاجة العلاج بعض الوقت حتى يعطي فرقًا ملحوظًا، ويتطلب وجود أفكار حول الانتحار أو إيذاء الذات الاتصال الفوري بخدمات الطوارئ المحلية أو أحد الخطوط الساخنة المعنية بهذه الحالات.

اقرأ أيضًا:

هل يستطيع الاكتئاب أن يقتلك؟

الاكتئاب الظرفي: الأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: حاتم نظام

تدقيق: دوري شديد

المصدر