مؤخرًا، رصد العلماء ظاهرة فلكية فريدة وغامضة في أعماق الفضاء: إشارة لم يسبق لها مثيل.

خلال دراسة إنفجارات راديوية سريعة تتكرر بشكل غامض، لاحظوا أن التردد المركزي لهذه الإشارات يتناقص تدريجيًا مع الزمن. هذا التناقص يشبه صوت الصفير الكوني عند تبطيئه وتحويله إلى نغمات على آلة الصنج. هذه الظاهرة الفريدة تُضيف مزيدًا من الغموض إلى الانفجارات الراديوية السريعة، التي ما تزال تُحير العلماء وتتحدى التفسيرات السهلة.

تعليقًا على هذا الاكتشاف، تقول عالمة الراديو صوفيا شيخ من معهد سيتي: «هذا الاكتشاف مثير لأنه لا يؤكد فقط الخصائص المعروفة سابقًا لهذه الانفجارات، بل يكشف أيضًا عن خصائص جديدة».

تُظهر هذه الدراسة إننا بدأنا نحصر مصادر هذه الانفجارات، مع التركيز على أجسام فضائية غامضة مغناطيسية، لكن الصورة الكاملة ما تزال غير واضحة.

الانفجارات الراديوية السريعة، المعروفة اختصارًا بـ FRBs، هي ظاهرة كونية غريبة ومذهلة. كما يوحي اسمها، تتميز هذه الانفجارات بأنها قصيرة جدًا، تدوم من ميكروثانية إلى بضع ثوانٍ فقط، ولكنها تطلق خلال هذه الفترة القصيرة طاقة هائلة تعادل طاقة 500 مليون شمس. هذه الانفجارات العابرة والقوية لغز كبير في علم الفلك، واكتشافات مثل هذه تقرب العلماء أكثر لفهم أسرار الكون.

تخيل للحظة أن الكون يرسل إلينا رسائل مشفرة عبر موجات راديوية متقطعة ومتناثرة. هذا بالضبط ما يحدث مع الظاهرة الفلكية المعروفة باسم “الانفجارات الراديوية السريعة” أو FRBs. هذه الإشارات الغامضة القوية التي تأتي من مجرات بعيدة تبعد مليارات السنوات الضوئية عنا، هي ومضات راديوية سريعة الزوال تستمر لأجزاء من الثانية فقط، ولكنها تحمل في طياتها أسرار الكون العميقة والمعقدة.

مؤخرًا، رصد فريق من العلماء بقيادة صوفيا شيخ من معهد سيتي أحد هذه المصادر المذهلة المعروف بـ FRB 20220912A ودرسوه. بعد تحليل 541 ساعة من البيانات، التقطوا 35 انفجارًا راديويًا متفردًا، كل منها لم يستغرق أكثر من 1.2 مللي ثانية. الأكثر إثارة هو أنهم لاحظوا انخفاضًا تدريجيًا في التردد الرئيسي لهذه الانفجارات على مدار الوقت، وهو أمر غير معتاد ومثير للتساؤل.

الجانب الفريد في هذا الاكتشاف هو أنه عندما تُترجم هذه التغييرات في التردد إلى نغمات موسيقية، تُصبح شبيهةً بالصفير الكوني. هذا الاكتشاف يدفعنا خطوة أقرب نحو فهم أصول هذه الانفجارات الراديوية الغامضة، التي يعتقد العلماء أن بعضها قد ينبع من أجسام فضائية غريبة وقوية تُعرف بالمغناطيسات.

على الرغم من التقدم الكبير في هذا المجال، ما يزال هناك الكثير لا نعرفه عن هذه الانفجارات.

هل جميعها تأتي من المغناطيسات؟ هل هناك أنواع مختلفة من الانفجارات الراديوية السريعة تحمل أسرارًا مختلفة؟

هذه الأسئلة وغيرها تظل مفتوحة، تنتظر العلماء لكشف ألغازها. إنها دعوة مشوقة لاستكشاف أعماق الكون وفهم الرسائل التي يرسلها إلينا. فالعثور على سلوكيات غريبة يقربنا أكثر، حتى عندما لا نستطيع تفسيرها بعد.

لا تفضل أو تستبعد السلوكيات الملاحظة في FRB 20220912A أي نماذج لإنشاء وانتشار FRB، لكنها توفر معيارًا يمكن مقارنة الملاحظات المستقبلية به.

تظهر هذه الدراسة أيضًا أهمية استخدام أدوات متطورة مثل مصفوفة تلسكوب آلين في البحث الفلكي.
هذا التلسكوب القوي يمكنه التقاط مجموعة واسعة من النطاقات الترددية، ما يسمح للعلماء باكتشاف سلوكيات قد تظل مخفية عن الأدوات الأقل تطورًا.

البحث المستمر والمزيد من الملاحظات، خاصة على الترددات الأعلى، قد يساعد العلماء على التمييز بين النماذج المختلفة لأصول هذه الانفجارات الراديوية الغريبة والرائعة. هذا يعني إننا ربما نكون على وشك حل واحدة من أعظم ألغاز الفضاء.

اقرأ أيضًا:

هل يمكن أن يكون الكون الحالي وكل ما فيه عبارة عن ثقب أسود؟!

التقاط ست اشارات راديوية غامضة تاتي من خارج مجرتنا !

ترجمة: محمد حسام

تدقيق: علي بلوه

المصدر