اعتمد العلماء في العشرين عامًا الماضية على مرجع الجينوم البشري معيارًا جينيًا لدراسة البيولوجيا والأمراض والتطور وغيرها. فهو أحد أعظم الإنجازات العلمية في القرن الحادي والعشرين. ولكن الآن، أصبح لدينا مرجع أفضل: البانجينوم.

حديثًا، قدّم العلماء المسودة الأولى لمشروع البانجينوم البشري، وهو مجموعة جينومات أكثر تنوعًا قادمة من 47 جينومًا مختلفًا من أشخاص لهم أسلاف مختلفون، ذلك على خلاف العدد الأقل من الجينومات المجموعة في دليل مرجعي وسطي واحد: مرجع الجينوم البشري.

يُعد هذا العمل معلمًا رئيسيًا آخر في البيولوجيا، وسيسهل بشدة تعقب الاختلافات في الحمض النووي التي تسبب جميع أنواع الاضطرابات الصحية ، وهذا يفيد في اختيار العلاج.

نفذ العمل مجموعة مكونة من أربع عشرة مؤسسة تسمى Human Pangenome Reference Consortium باستخدام البيانات المأخوذة من فهرس 1,000 Genomes Project. عالج الباحثون هذه البيانات بعد ذلك باستخدام تقنيات حسابية متقدمة لتصبح أكثر تنظيمًا وسهولة للرجوع إليها.

يقول مهندس الحيوية الجزيئية بنديكت باتن من جامعة كاليفورنيا سانتا كروز: «نحن نوفر في هذا المرجع مزيدًا من التنوع والمساواة بواسطة أخذ عينات من مجموعة متنوعة من البشر وإدراجها في هذا المرجع الذي يمكن للجميع استخدامه».

ويضيف: «لا يكفي جينوم واحد لتمثيل جميع البشر، سيكون البانجينوم في النهاية مرجعًا شاملًا وممثلًا للجميع».

تتطابق جينومات البشر بنسبة تتجاوز 99%، لكن هذه النسبة من الاختلاف تمثل جزءًا كبيرًا يجعل كل شخص فريدًا (باستثناء التوائم المتطابقة). لذا لا يكفي مرجع جينومي واحد ليشمل كل هذه الاختلافات.

يمكن أن يوفر البانجينوم الجديد نقاطًا مرجعية مختلفة في وقت واحد، ما يجعله مصدرًا أكثر تنوعًا للباحثين والأطباء. يساعد هذا في تجنب التحيز المرجعي، الذي يعني انحراف التحليل بسبب البيانات التي يعتمد عليها.

أفاد الباحثون أن النموذج الجديد أكثر دقة بنسبة 34% في العثور على التغيرات الجينية الصغيرة ، وأفضل بنسبة 104% في العثور على التغيرات الجينية الكبيرة (أو البنيوية) وهي التي يصعب اكتشافها.

يقول آدم فيليب، عالم الجينوم وعالم الكمبيوتر في المعهد القومي لأبحاث الجينوم البشري في ماريلاند: «لكل شخص جينوم فريد، لذا يمكن أن يؤدي استخدام تسلسل جينوم مرجعي واحد لكل الأشخاص إلى عدم مساواة في التحليلات الجينية. على سبيل المثال، قد لا نتمكن من التنبؤ بمرض وراثي جيدًا لدى شخص يختلف جينومه كثيرًا عن الجينوم المرجعي».

من التحسينات الأخرى التي يتميز بها البانجينوم بفضل حجم وتنوع البيانات الأكبر، هو القدرة على التمييز بين المجموعات الوالدية من الصبغيّات. وهو أمر ضروري لدراسة وراثة الأمراض.

سيتطلب هذا البانجينوم أيضًا طرقًا جديدة للتحليل وللوصول لبياناته، ويعمل الفريق القائم على مشروع البانجينوم على جعله متاحًا قدر الإمكان، بحيث يمكن أن يساعد في جميع أنواع البحوث المستقبلية.

يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هذا البانجينوم ما يزال مسودة أولى. يأمل الباحثون أن يجمعوا حوالي 350 جينومًا في البانجينوم بحلول منتصف عام 2024، ما يجعله وقتًا يتطلع له كل من علماء الوراثة وعلماء الأحياء التطورية والباحثين الطبيين وأي عالم آخر حريص على تعميق فهمنا لأجسامنا.

يقول باتن: «يُعد مشروع البانجينوم دليلاً هامًا على المبدأ الذي نأمل أن يؤثر على الكثير من الناس ويجعلهم يفكرون في البانجينوم وكيف يمكن أن يؤثر على أبحاثهم. مستقبلًا، نتطلع لإشراك مجموعات أخرى من الأشخاص. يتطلب الأمر كثيرًا من الأشخاص المختلفين لبناء مرجعٍ اجتماعيٍّ ضخم».

اقرأ أيضًا:

ماذا تعلمنا من مشروع الجينوم البشري؟

مشروع الجينوم البشري ، اعظم خطوة في تاريخ العلم لفهم الانسان و تركيبته البيولوجية

ترجمة: تيماء الخطيب

تدقيق: بدور مارديني

المصدر