قال الباحثون في تطور علم الوراثة البشرية إنهم اكتشفوا أن الجينات البشرية استمرّت بالتغير بعد الانقسام التطوري عن أسلاف الرئيسيات.

اعترفوا بأن البحث في علم الوراثة معقّد ويحتاج إلى المزيد من الدراسة.

يلقي بحث جديد الضوء على عملية تطور البشر الحديثين المستمرة لملايين السنين بعد الانقسام التطوري من أسلافنا الرئيسيات.

أضاف الباحثون إلى مجموعة المعارف الحالية لإنشاء خريطة جينية تقارن الكائنات البشرية مع الفقاريات الأخرى، اكتشاف أن مجموعة من الجينات التي حُدّدت حديثًا فريدةٌ تمامًا للبشر.

إضافةً إلى ذلك، قال العلماء أن هذه الاكتشافات يمكن أن تساعدهم على فهم أفضل لدور الجينات في أمراض محددة.
نُشرت دراستهم في مجلة علوم الحياة Cell Reports.

في حين أن دراسة جينات محددة قد تكون صعبة، قال العلماء إن مجموعة البيانات الجديدة تساعد على تمهيد الطريق باتجاه فهم أكثر دقة للجينات البشرية.

الجينات: كتاب تعليمات الحياة

وفقًا لكاتي ساغاسر-Katie Sagaser، مستشارة وراثية معتمدة، والمديرة في تقديم النصح الوراثي في Juno Diagnostics في سان دييغو، فإن من المفيد النظر إلى الجينات كمجموعة من التعليمات موجودة داخل النواة في كل خلية.

قالت ساغاسر لموقع Medical News Today: «أُشبّه غالبًا الجينات إلى فصول من كتاب مدرسي. إذا نظرنا إلى نواة كل خلية على أنها حقيبة كتب، تحتوي على التعليمات الأساسية لمشروع معقد، نتوقع إذن أن تحتوي حقيبة الكتب هذه على ستة وأربعين كتابًا بالمجمل. تمثّل هذه الكتب الصبغيات البشرية الموروثة من كل والد بيولوجي».

يساهم كل والد بمجموعة من ثلاثة وعشرين صبغيًا، فتتنوع التعليمات بشكل مبهر.

عندما تعمّق الباحثون في لفّات الـ DNA المُتَضمَّنة في الصبغيات، قالوا أنهم يستطيعون تحديد هذه الاختلافات والبدء في فهم كيف تلعب في الجسم البشري.

لا يمكن التنبؤ بعلم الوراثة

ما يزيد الأمر تعقيدًا هو حقيقة أن الطفرات -اختلافات رئيسية أو خلل في تسلسل الـ DNA- ممكنة جدًا.

قالت ساغاسر: «هذه الحالة هي عندما يولد طفل لديه طفرة جينية جديدة سائدة، هذا يعني أن حرفًا واحدًا من شيفرة الـ DNA تغيّر عشوائيًا بطريقةٍ ما، فأدى ذلك إلى امتلاك الفرد تشخيصًا فريدًا لم يُورث من أي من والديه الوراثيين».

متغير آخر يجعل التنبؤ بعلم الوراثة صعبًا هو حقيقة أن التغيرات في شيفرة الـ DNA لدى الفرد يمكن أن تحدث خلال حياتهم، على سبيل المثال نتيجة للإصابة بسرطانات معينة.

قالت ساغاسر: «بالعودة إلى مثال حقيبة الكتب الذي ذكرناه، إذا أوكلنا مهمة نسخ -وإعادة نسخ- كل حرف وجملة وفصل وحجم كتب كثيفة للغاية، فمن الممكن بالتأكيد أن يحدث خطأ في عملية النسخ. أحيانًا، تكون للأخطاء في التهجئة عواقب صغيرة جدًا، إن حدثت. لكن في حالات أخرى يمكن أن تغير الأخطاء في التهجئة والنسخ الرسالة المقصودة بالكامل».

تطور البشر مستمر

يدرس عالمان هذه الجينات الجديدة «المهملة»، هما نيكولاس فاكيرليس-Nikolas Vakirlis، المؤلف الأول للدراسة الحديثة وباحث مبتدئ في مركز أبحاث ألكسندر فليمينغ للعلوم الطبية الحيوية –Alexander Fleming Biomedical Sciences Research Center باليونان، وأويف مكليساغت -Aoife Mclysaght، كبير المؤلفين في كلية ترينيتي في دبلن-Trinity College Dublin في إيرلندا.

أخبر فاكيرليس موقع الأخبار الطبية اليوم-MNT بأنهم بدأوا بالنظر إلى السلاسل القصيرة للـ DNA في الجينوم البشري.

يشرح فاكيرليس: «هذه العناصر من الجينوم لم ينظر إليها على أنها جينات ملائمة وكانت حتى الآونة الأخيرة تهمل في الدراسات الجينية. على الرغم من ذلك، أظهرت دراسة حديثة أن للبعض منها أدوارًا خلوية مهمة».

من هذه النقطة، سعى فاكيرليس و مكليساغت إلى تحديد متى تطورت هذه السلاسل أول في النسل البشري، والآليات التي سمحت لها بالظهور، واستطاعوا إيجاد 155 ميكروبروتين جديد المنشأ.

أن حوالي ثلث هذه الميكروبروتينات جديدة المنشأ معروفة مسبقًا بأنها وظيفية. على الرغم من ذلك، فاثنان منهما كانا خاصَّين بالبشر، وتتداخل الأخرى مع طفرات معروفة تسبب المرض.

قال فاكيرليس: «ما وجدناه هو أمر لافت لأنه يزيد من فهمنا للجينوم البشري، بما في ذلك التفاصيل حول جينات بشرية محددة، وإن كانت صغيرة. تشير اكتشافاتنا أيضًا إلى أن العديد من الميكروبروتينات الفتية المهمة قد تكون مختبئة في الخلايا البشرية ويمكن أن تُكشف بالتجارب الدقيقة فقط».

التحديات التي تواجه دراسة التحديات

بينما تلقي هذه الاكتشافات الضوء على الجينوم البشري وتخلق سبلًا جديدة للبحث، يبقى هذا النطاق مليئًا بالتحديات للدراسة.

قال مكليساغت: «أعتقد بأن النشآت الجديدة الصغيرة الحجم مهمةٌ جدًا لهذه الجينات لأنها تجتمع لجعلها أصعب للدراسة. هذا العمل يقترح إمكانية وجود كمية أكبر من الجينات غير المقدّرة وغير المكتشفة».

قال فاكيرليس أن الخطوات التالية تتضمن الحصول على فهم أفضل حول كيفية تطور الجينات من الصفر، ويضيف: «يمكن الآن أن نجري دراسات أوسع إذ أصبحت قواعد بيانات جديدة حول الميكروبروتينات البشرية متاحة، آملًا باكتشاف أنواع جديدة أكثر تطورًا».

اقرأ أيضًا:

ما زال الانتخاب الطبيعي يعمل على مئات الجينات البشرية في آخر 3000 سنة

سباق تسلح تطوري بين الجينات والعناصر الجينية الأنانية

ترجمة: ميلاد أبو الجدايل

تدقيق: دوري شديد

المصدر