يمكن وصف خزانة ناسا للملابس بالكلاسيكية، فالبدلات تظل بالخدمة ما دامت صالحة.

تقول فانيسا وايتش، مديرة مركز جونسون للفضاء: «لم نحصل على بدلة فضائية جديدة منذ البدلات التي صُممت للمكوك الفضائي، تستخدم تلك البدلات لحد الآن في محطة الفضاء. أربعون عامًا وما نزال نستخدم نفس البدلة الفضائية بناءً على تلك التكنولوجيا».

تحدثت وايتش في مؤتمر صحفي مؤخرًا من مركز جونسون للفضاء الذي كشف عن النسخة المطورة من البدلة الفضائية المنتظرة. سيرتديها رواد الفضاء الأمريكيون على سطح القمر عام 2025 لمهمة أرتيمس الثالثة (the Artemis III mission)، وفي مهمات أخرى في المستقبل.

صممت البدلة بواسطة شركة أكسيوم سبيس في هيوستن باستخدام التكنولوجيا الحالية لناسا بالإضافة إلى خوذة كبيرة من الزجاج وغطاء خارجي أسود والقليل من البرتقالي والأزرق.

خلال بث مباشر، خرج أحد مهندسي الشركة مرتديًا البدلة المحسنة وأوضح التطور الحاصل بإضافة مفاصل جديدة في منطقة الساقين والأذرع والقفازات مقارنة ببدلات فترة أبولو والمكوك الفضائي، وذلك عندما تحرك بسهولة انحنى بكل سلاسة. صممت البدلات بمكونات قابلة للتركيب بمقاسات مختلفة لتناسب جميع رواد الفضاء.

يقول بوب كابانا، مساعد المدير التنفيذي لناسا، خلال الكشف عن البدلة: «نحن نطوّر بدلة فضائية لجيل جديد، جيل أرتيمس، الجيل الذي سيأخذنا مرة أخرى إلى القمر والمريخ. عندما تخطو أول امرأة في مهمة أرتيمس الثالثة، سترتدي بدلة أكسيوم الفضائية».

في يونيو 2022، أعلنت وكالة الفضاء أن كلًا من أكسيوم وكولينز إيروسبيس سيوقعان عقدًا لتصميم بدلات خاصة بمهمات الفضاء. وذلك بعد أن طورت ناسا بدلاتها الخاصة جزءًا من وحدة التنقل خارج المركبة (eXMU).

وفقًا للارا كيرني، مديرة برنامج النشاط خارج المركبات وحركة السطح الخارجي للإنسان، فإن وكالة ناسا ستؤجر البدلات فقط، بعكس السترات المستخدمة في محطة الفضاء الدولية، وقالت في الحدث أن ناسا استملكت بدلات فضاء.

تشبه صفقة أكسيوم الاتفاقية التي أبرمتها ناسا مع سبيس إكس لنقل الطاقم والبضائع إلى محطة الفضاء على متن صواريخ فالكون 9 ومركبة دراغون الفضائية. تدفع الوكالة فقط مقابل الخدمة، بينما تمتلك الشركة المعدات وتقوم بتشغيلها.

تتضمن البدلات الفضائية الجديدة مجموعة من التطويرات والتحسينات، العديد منها مأخوذة من أبحاث وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) والبعض الآخر من شركة أكسيوم. تتكون البدلة من طبقة داخلية تحتوي على هواء مضغوط، تغطيها طبقة أخرى تحافظ على شكل الطبقة الداخلية، حسب مدير برنامج أكسيوم للأنشطة خارج المركبة الفضائية راسل رالستون.

توفر الطبقة الخارجية للعزل الجوي (مقاومة القطع والثقب والعزل الحراري ومجموعة متنوعة من الميزات الأخرى)، وتتألف من طبقات متعددة من المواد، بما في ذلك ورق الألومنيوم.

تحوي البدلة الكثير من المفاصل المرنة، ما يسمح لرواد الفضاء بتعامل أفضل مع الأدوات والمناورة في القطب الجنوبي القمري الصخري المظلم. الجزء العلوي للبدلة صلب، يساعد على تثبيت نظام الدعم الحيوي والأدوات، وقناع موضوع في الخلف لتوفير رؤية جيدة بتعليمات من ناسا.

يتضمن التصميم أيضًا نظام تبريد جديد بالكامل مقارنة بالقديم، ويحمل كاميرا عالية الدقة مركبة على الخوذة، ويتيح للرواد ارتداء البدلة وخلعها باستخدام فتحة في الخلف بدلاً من ارتداء الجزء العلوي والسفلي على مرحلتين، مثل البدلات الفضائية الحالية.

نظرًا لاهتمام ناسا بدور رائدة الفضاء بقيادة طريق العودة إلى القمر، صُممت البدلات الجديدة لتناسب مجموعة واسعة من الأحجام بين الجنسين، وفقًا لرالستون، إذ ذكر في المؤتمر الصحفي: «لدينا أحجام مختلفة للعناصر التي يمكننا تبديلها، متوسطة وكبيرة وصغيرة، لدينا أيضًا قابلية التعديل لنحدد قياس البدلة تمامًا للشخص، طول ساقه أو طول ذراعه».

تواصل شركة أكسيوم العمل على البدلة الفضائية المستخدمة في مهمة أرتيمس، ستتضمن طبقة خارجية عازلة تحتوي على جيوب وملحقات للأدوات، وستلوّن بالأبيض لعكس ضوء الشمس القاسي على سطح القمر. الطبقة التي نراها -الملونة بالأسود والبرتقالي والأزرق- مؤقتة، تستخدم لحماية الطبقات الداخلية في أثناء الاختبارات وتخفي العناصر حصرية التصميم لأكسيوم.

على الرغم من كل التقدم التكنولوجي مقارنةً بالبدلات الفضائية التي استخدمت في مهمات أبولو في الستينيات والسبعينيات، فإن بعض التقنيات الأساسية يصعب تغييرها.

عندما سُئل رالسون عما إذا كانت أكسيوم قد وجدت طريقة أفضل لاستخدام رواد الفضاء الحمام مرتدين البدلات الجديدة لمدة تصل إلى ثماني ساعات على سطح القمر، لم يتجنب الإجابة وقال: «نعم، ما نزال نستخدم حفاضات داخل البدلة الفضائية. فهي ببساطة الحل الفعال. في بعض الأحيان البساطة هي الأفضل».

كانت أرتيمس الأولى أول مهمة اختبارية غير مأهولة ببرنامج أرتيمس التابع لوكالة ناسا الخاضعة لنظام إطلاق الصواريخ الضخم للوكالة ومركبة أوريون الفضائية. ومن المقرر إطلاق أرتيمس الثانية في نوفمبر 2024، على متنها أربعة رواد فضاء من ناسا يدورون دورة كاملة حول القمر ليعودوا بعدها إلى الأرض. مهمة أرتيمس الثالثة المتقدم ذِكرها ستشهد أول هبوط للإنسان على سطح القمر منذ عام 1972، قد نشهد إطلاقها في عام 2025.

اقرأ أيضًا:

لماذا تعاني ناسا نقصًا في بدلات الفضاء؟

كيف يقضي رواد الفضاء حاجتهم في الرحلات الفضائية؟

ترجمة: حمداش رانية

تدقيق: أنس ديب

المصدر