البوتوكس بروتين يُصنّع من الذيفان الوشيقي الذي تنتجه جرثومة المطثية الوشيقية، وهو الذيفان ذاته الذي يسبب التسمم الوشيقي. قد يفيد البوتوكس في استخداماتٍ تجميلية وطبية عندما يستخدمه الأطباء بطريقةٍ صحيحة وجرعاتٍ قليلة رغم كونه ذيفانًا جرثوميًا، ففي التجميل تستطيع حُقن البوتوكس تخفيف التجاعيد الجلدية، وقد وافقت هيئة الغذاء والدواء FDA على استخدامه علاجًا لحالاتٍ طبية عديدة مثل تشنج الأجفان والتعرّق المفرط والشقيقة وبعض الاضطرابات المثانية.
ما البوتوكس؟
ينتج البوتوكس من جرثومة المطثية الوشيقية الموجودة أصلًا في العديد من الأوساط الطبيعية مثل التربة والبحيرات والغابات إضافة إلى السبيل المعوي للثدييات والأسماك، وهذه الجراثيم الموجودة طبيعيًا غير ضارة بالمجمل، لكن تبرز المشكلة عند تحوّل الأبواغ وازدياد عدد الخلايا الجرثومية.
تبدأ الجراثيم بعد حدٍ معين بإنتاج الذيفان الوشيقي، وهو الذيفان العصبي المميت المسبب لمرض التسمم الوشيقي، فقد قدَّر العلماء أن كمية غرام واحد من بلوراته تستطيع قتل مليون شخص، وبضعة كيلوغرامات منه تستطيع قتل البشر جميعًا، ما يوضح خطورته الشديدة.
لكن البوتوكس يُعد آمنًا عمومًا بآثارٍ جانبية قليلة عند استخدامه الصحيح في سياق العلاج، وينتج المصنّعون حُقن البوتوكس باستخدام جرعاتٍ ضئيلة من الذيفان الوشيقي ما يجعل الدواء قادرًا على شلّ العضلات مؤقتًا بطريقةٍ قد تفيد المصابين باضطرابات عصبية وعضلية عديدة.
من الأشكال التجارية للذيفان الوشيقي:
- أونابوتيلينومتوكسين A (بوتوكس)
- أبوبوتيلينومتوكسين A (ديسبورت)
- إنكوبوتيلينومتوكسين A (اِكزيومين)
- ريمابوتيلينومتوكسين B (مايوبلوك)
- برابوتيلينومتوكسين A (جوفو)
يستعمل الناس مصطلح “بوتوكس” عادةً لوصف كل هذه المنتجات رغم أن البوتوكس هو علامة تجارية مسجلة تملكها شركة واحدة فقط.
آلية عمل البوتوكس
البوتوكس ذيفان عصبي، وهذه المواد تستهدف الجهاز العصبي وتقاطع نقل إشارات الأعصاب التي تحفز التقلص العضلي، لذا يسبب الدواء شللًا عضليًا مؤقتًا.
تطلق الأعصاب ناقلًا كيميائيًا يسمى أسيتيل كولين في منطقة الوصل بين النهايات العصبية والخلايا العضلية، ثم يرتبط الأسيتيل كولين بمستقبلاتٍ على سطح الخلية العضلية ما يسبب في النهاية تقلص الخلية أو قِصَر طولها، وهكذا تتقلص العضلات عمومًا. تمنع حُقن البوتوكس إطلاق الأسيتيل كولين ما يمنع تقلص الخلايا العضلية، وهكذا يساعد على تخفيف تيبّس العضلات.
استخدامات البوتوكس في المجال الطبي
يستعمل العاملون في الرعاية الصحية البوتوكس لعلاج طيف واسع من الحالات الطبية، يؤثر معظمها على الجهاز العصبي العضلي، فقد وافقت هيئة الغذاء والدواء FDA على استخدامه لمن تبلغ أعمارهم 18 عامًا أو أكثر ما لم يُذكر غير ذلك في الحالات التالية:
- تشنج الطرف العلوي لدى المرضى فوق عمر السنتين.
- الحَوَل لدى المرضى فوق عمر 12 سنة.
- التعرق الغزير تحت الإبط أو فرط التعرق.
- التخلص من الشقيقة لدى المرضى الذين تستمر نوبات الصداع عندهم أربع ساعاتٍ على الأقل على مدار 15 يوم أو أكثر في الشهر.
- تقليل أعراض فرط نشاط المثانة الناتج عن سبب عصبي في حال فشل المضادات الكولينيرجية في تحسين الحالة.
- تشنج الجفن بسبب خلل التوتر.
- اضطراب حركي عصبي يدعى خلل التوتر الرقبي يصيب الرأس ويسبب آلامًا في العنق.
يستعمل البعض حُقن البوتوكس كذلك استعمالاتٍ لم يُوافَق عليها وغير مذكورة في ترخيص الدواء لعلاج حالاتٍ من:
- الثعلبة.
- الإلعاب؛ أي إفراز اللعاب الغزير.
- الصُّداف.
- إكزيمة خلل التعرق التي تصيب راحتي الكفين وأخمصي القدمين.
- عسر التغوّط وهو خلل في وظيفة العضلة الشرجية.
- الألم العصبي التالي للهربس.
- الألم المزمن في المهبل، وهو ألم وانزعاج مهبلي دون سببٍ واضح.
- مرض رينو الذي يصيب الدوران.
- تعذر الارتخاء، وهو اضطراب في الحلق يصعّب البلع.
حالات أخرى:
هناك بعض الحالات الطبية الأخرى التي قد يفيد استخدام البوتوكس فيها لكنها غير مذكورة في ترخيصه، حسب دراسة مرجعية موثقة من عام 2017. تتضمن هذه الحالات:
- احمرار الوجه بما فيها حدوثه عند انقطاع الطمث.
- الجدرات والندبات الناتجة عن التئام الجروح.
- التهاب الغدد العرقية القيحي (مرض جلدي التهابي).
- الآفات النَّفطية الناجة عن داء هايلي – هايلي (اضطراب وراثي نادر).
سيتطلب تأكيد أمان البوتوكس وفعاليته للاستخدامات غير المذكورة في ترخيصه المزيد من الأبحاث، كما يجب على العلماء إيجاد الطرق المناسبة لإعطاء الدواء في كل حالة.
آلية استخدامه
يُستخدم الذيفان الوشيقي بتمديد المسحوق في محلولٍ ملحي ثم حقنه مباشرةً ضمن النسيج العصبي العضلي، ويستغرق 24 – 72 ساعة حتى يبدأ تأثيره. يمكن أن يتأخر ظهور التأثير الكامل حتى خمسة أيام في حالاتٍ نادرة. قد تستمر هذه التأثيرات 3 أشهر حتى 12 شهرًا حسب العلاج.
ينبغي تجنب استعماله خلال فترة الحمل أو الإرضاع أو في حال وجود رد فعل تحسسي سابق للدواء أو أي من مكوناته.
مخاطر البوتوكس وتأثيراته الجانبية
عادةً ما تكون حُقن البوتوكس جيدة التحمل، ويندر ظهور تأثيراتها الجانبية، لكن يمكن أن يتسبب الذيفان الوشيقي ببعض التأثيرات غير المرغوبة بحسب سبب الحقن واستجابة الشخص له. نذكر من هذه التأثيرات:
- جفاف العين بعد الاستخدامات التجميلية.
- اضطراب في المعدة.
- الخَدَر.
- ألم معتدل أو تورم أو تكدّم حول مكان الحقن.
- صداع.
- تدلّي الجفن مؤقتًا.
- ضعف أو شلل مؤقت وغير مرغوب في العضلات المجاورة.
- مشاكل بولية بعد علاج السلس البولي.
- ازدياد سوء الاضطرابات العصبية العضلية.
- تَوَهان مكانيّ أو رؤية مزدوجة بعد علاج الحَوَل.
- تقرُّح القرنية بعد علاج التهاب الجفن.
- حوادث قلبية وعائية مثل اضطرابات النظم واحتشاء العضلة القلبية.
ينبغي عدم استخدامه في حال وجود حساسية منه أو إنتان في موقع الحقن.
توجد مخاوف حول امتداد تأثيرات البوتوكس بعيدًا عن مكان الحقن مع احتمال أن يسبب أعراضًا مثل صعوبة التنفس، وذلك حسب نوع العلاج، كما أنَّ بعض الأشخاص معرّضون لهذا التأثير أكثر من غيرهم وقد تلعب العوامل الوراثية دورًا في ذلك.
إضافةً إلى ذلك، قد تصنّع أجسام بعض متلقي حُقن النوع A من الذيفان الوشيقي أضدادًا له مما يبطل فعالية العلاجات اللاحقة.
الخلاصة
يمكن استخدام البوتوكس تجميليًا لتخفيف مظهر التجاعيد، وطبيًا للمساعدة في علاج اضطرابات معينة متعلقة بالجهازين العصبي والعضلي.
في النهاية، من الأفضل استشارة الطبيب حول مخاطر البوتوكس وتكاليفه والاعتبارات الأخرى بشأنه في حال الرغبة بتجربته.
اقرأ أيضًا:
البوتوكس: الاستخدامات التجميلية والآثار الجانبية وكلفة العلاج
ترجمة: حاتم نظام
تدقيق: بدور مارديني
