يحتاج آلاف الأشخاص يوميًا إلى عمليات التبرع بالدم ومنتجاته للحفاظ على صحتهم والبقاء على قيد الحياة. سيحتاج الشخص إلى نقل الدم إذا انخفضت كميته في الجسم بسبب حادث ما، أو حال إصابته بأحد الأمراض التي تسبب اضطراب قدرة الدم على أداء وظيفة النقل، وبذلك لن يتوفر له ما يكفي من الأكسجين والمواد المغذية الأخرى للحفاظ على سلامة أعضائه الضرورية للحياة.

تشبه عملية الفصادة -فصل مكونات الدم- عملية التبرع بالدم الكامل، فهي تؤمن مكونات الدم المختلفة مثل الصفيحات وغيرها، وقد يساعد التبرع بالصفيحات الأشخاص الذين يعانون اضطرابات تخثر الدم. قد تسهم الفصادة أيضًا في تأمين الأجسام المضادة التي تساعد على علاج أمراض كثيرة مثل فيروس كوفيد-19.

ليس التبرع بالدم وسيلة لإنقاذ الأرواح فقط، إذ يعود بالنفع على المتبرع أيضًا.

قد يساعد التبرع بالدم الأشخاص الذين يعانون العديد من الحالات المرضية، ومنها:

  •  النزف الداخلي أو الخارجي نتيجة إصابة ما.
  •  المصابون بفقر الدم المنجلي أو الأمراض الأخرى التي تؤدي إلى اضطراب وظيفة الدم.
  •  الأشخاص الذين يتلقون علاج مرض السرطان.
  •  في حالة الخضوع للجراحات، مثل جراحة الجهاز الدوري أو جراحة تقويم العظام.
  •  المصابون باضطرابات وراثية دموية.
  • زراعة الأعضاء.
  •  حال الاحتياج إلى علاجات تتعلق بالبلازما أو مكونات الدم الأخرى.

كوفيد-19 والتبرع بالدم

وفقًا لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية، يستطيع المتعافون من فيروس كوفيد-19 مساعدة الآخرين على محاربة هذا الفيروس بالتبرع ببلازما دمهم التي تحتوي على الأجسام المضادة للمرض، ويساهم ذلك في زيادة قدرة جسم المتلقي على القضاء على الفيروس.

إيجابيات التبرع بالدم:

1- اكتشاف المشكلات الصحية:

يُجري المتبرع بالدم فحصًا جسديًا مختصرًا وفحصًا للدم قبل تبرعه بالدم. هذه الفحوص ليست دقيقة تمامًا ولا تقدم معلومات تفصيلية، لكنها قد تساعد على كشف بعض الأمراض غير المشخصة من قبل، مثل فقر الدم أو ارتفاع ضغط الدم.

التبرع بالدم.. المنافع والأضرار - اضطراب قدرة الدم على أداء وظيفة النقل - هل يمكن لأي شخص القيام يعملية تبرع بالدم - فقر الدم المنجلي

يتضمن الاختبار فحص كل من:

  •  ضغط الدم.
  •  درجة حرارة الجسم.
  •  معدل ضربات القلب.
  •  مستوى الخضاب أو الحديد.

لا يُسمح بالتبرع بالدم حال اكتشاف أي مشكلة خلال الاختبار، ويمثل اكتشاف الأمراض الخطوة الأولى على طريق العلاج.

2- التأثير الإيجابي في المجتمع:

وفقًا للصليب الأحمر الأمريكي فإن التبرع بوحدة واحدة من الدم قد ينقذ حياة ثلاثة أشخاص، وبذلك يقدم المتبرع خدمة بالغة الأهمية لمجتمعه، إضافةً إلى أن مساعدة الآخرين يساهم في تقدير المتبرع لذاته.

3- التحكم في الوزن:

يُعتقد أن عملية التبرع بالدم تحرق نحو 650 سعرة حرارية، لكن لا توجد دراسة علمية تؤكد أو تنفي ذلك، عمومًا فإن أي استفادة من عملية الحرق هذه ستكون قصيرة الأمد ولن تساهم في خسارة الوزن.

لكن وفقًا لدراسة أجريت عام 2012، فإن على مراكز التبرع بالدم قياس وزن الأشخاص قبل تبرعهم بالدم لتحديد الأشخاص المصابين بالبدانة ومساعدتهم على تخفيف وزنهم وعلاج أي مشكلات صحية ناتجة عنه.

4- تقليل مستويات الحديد عند المصابين بداء ترسب الأصبغة الدموية:

يحتاج الجسم إلى الحديد لإنتاج كريات الدم الحمراء. يعاني مليون شخص تقريبًا في الولايات المتحدة الأمريكية النمط الأول من داء ترسب الأصبغة الدموية الوراثي، يسبب هذا الداء ارتفاع مستويات الحديد في الدم، إضافةً إلى ترسب الحديد الفائض في أعضاء أخرى مثل القلب والكبد ما يؤثر في وظائفها.

وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، قد يستفيد المصابون بداء ترسب الأصبغة الدموية من عملية الفصادة المشابهة للتبرع بالدم، وقد تشكل أحد الخيارات العلاجية لحالتهم. يُسمح للمصابين بهذا الداء بالتبرع بالدم في الكثير من منظمات التبرع، لكن بعضها لا يقبل ذلك.

5- صحة الجهاز القلبي الوعائي:

في بحث أُجري عام 2019، فحص الباحثون بيانات زهاء 160 ألف امرأة ممن تبرعن بالدم على مدار عشر سنوات أو أكثر، ووجدوا أن عملية التبرع المتكررة خلال فترة طويلة توفر حماية ضد أمراض الجهاز الوعائي القلبي.

6- خفض ضغط الدم:

يقول بعض الباحثين إن التبرع بالدم قد يساعد على تخفيض ضغط الدم، سنة 2015 راقب الباحثون ضغط الدم لدى 292 شخصًا تبرعوا بالدم من مرة إلى أربع مرات على مدار سنة، نصفهم تقريبًا مصاب بارتفاع ضغط الدم، ولوحظ تحسن حالتهم مع تكرار عملية التبرع.

إضافةً إلى ذلك فإن اختبار ضغط الدم -الذي يُعد خطوة أساسية في عملية التبرع- فرصة ممتازة لكشف ارتفاع ضغط الدم، بقياس الضغط وتسجيل النتائج، وبذلك نستطيع العمل على ضبط الضغط.

7- تحسين الصحة العامة:

فحص الباحثون عام 2007 بيانات أكثر من مليون متبرع بالدم، ولاحظوا أن نسبة المعرضين لخطر الموت لأي سبب أقل بنحو 30% من غير المتبرعين، وأن خطر الإصابة بالسرطان أقل بنحو 4% أيضًا، وبذلك استنتجوا أن المتبرعين بالدم يتمتعون بحالة صحية أفضل من سواهم.

سنة 2015 أعيد فحص البيانات السابقة من جديد مع مراعاة عوامل أخرى، ووُجد أن نسبة خطر الموت لأي سبب تنخفض بمعدل 7.5% مع التبرع بالدم سنويًا.

قد يدل هذا على أن التبرع بالدم له فوائد كثيرة تعود على المتبرع عمومًا، لكن الباحثين لم يستطيعوا إثبات ذلك حتى الآن. مع ذلك، فإنهم يؤكدون أن التبرع بالدم لا يسبب قصر عمر المتبرع.

سلبيات التبرع بالدم:

التبرع بالدم عملية آمنة إذا اتبع مركز التبرع معايير السلامة الأساسية اللازمة.

تملك الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من البلدان إجراءات تنظيمية صارمة لضمان الأمان، إذ يُراقِب بنوك الدم كل من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية والاتحاد الأمريكي لبنوك الدم.

تتضمن احتياطات الأمان ما يلي:

  •  فحص المتبرعين لتحري وجود المشكلات الصحية.
  •  استخدام إبر جديدة خاصة بكل متبرع.
  •  تعيين طاقم عمل محترف.
  •  مراقبة المتبرعين للتيقن من شفائهم بأمان.

توجد بعض المساوئ التي قد ترافق التبرع بالدم، وسنعرضها فيما يلي:

1- ردات الفعل المؤقتة:

قد يعاني المتبرع بعض الآثار الجانبية بسبب عملية التبرع، ومع أن الآثار الحادة نادرة فإن ردات الفعل المؤقتة واردة بل شائعة، وتتضمن:

  •  الضعف.
  •  الدوار.
  •  الإحساس بالضعف واحتمال الإغماء.
  • خفة الرأس.
  •  الغثيان.
  •  النزف مكان الوخز.
  •  النزف تحت الجلد أو الكدمات.

عادةً ما تختفي هذه الأعراض في غضون 24 ساعة. يجب شرب كمية وافرة من السوائل وتناول وجبات صحية متوازنة خلال 48 ساعة بعد التبرع، وذلك للمساعدة على تخفيف الأعراض الجانبية والوقاية منها.

اللحوم الحمراء والسبانخ والعصائر ورقائق الفطور المدعمة بالحديد مهمة لتوفير كمية الحديد اللازمة لجسم المتبرع وتعويض ما فقده.

2- الآثار الجانبية السلبية:

في حالات نادرة، قد يعاني المتبرع أعراضًا أشد، مثل:

  •  انخفاض ضغط الدم.
  •  تقلص العضلات.
  •  صعوبة في التنفس.
  • الإغماء.
  •  التقيؤ.
  •  اختلاج العضلات.

تظهر هذه الأعراض عادةً عند المتبرعين صغار السن أو منخفضي الوزن أو المتبرعين للمرة الأولى.

3- تأثر الأداء الرياضي:

تدعي بعض الدراسات أن التبرع بالدم يؤثر سلبًا في القدرة الرياضية بسبب تأثيره في الجهازين الدوري والتنفسي وخفض مستويات الحديد، لكن تقريرًا نُشر سنة 2019 نفى وجود أدلة كافية لإثبات ذلك.

إجراءات عملية التبرع:

التبرع بالدم وجمعه عملية منظمة بدقة شديدة وتتضمن عدة مراحل:

1- التحضير:

على المتبرع أن ينال قسطًا كافيًا من النوم في الليلة السابقة لعملية التبرع، وعند وصوله إلى مركز التبرع ستُجرى الخطوات التالية:

  •  تسجيل اسم المتبرع.
  •  تسجيل تاريخه الطبي.
  •  إجراء فحص جسدي بسيط للمتبرع.

ويُتحقق من عدم إصابة الفرد بأي مرض قد ينتقل إلى الآخرين.

2- عملية التبرع:

سيجري مسؤول العناية الصحية الخطوات التالية في أثناء التبرع بالدم:

  •  تنظيف موضع التبرع بمسحة كحولية.
  •  إدخال إبرة عقيمة جديدة إلى الوريد.
  •  وصل الإبرة بوحدة الجمع، وهي أنبوب متصل بكيس.
  •  السماح بتدفق الدم إلى الكيس حتى يمتلئ.

تستغرق عملية التبرع بوحدة من الدم 6-10 دقائق، وتستغرق الإجراءات بالكامل 45-60 دقيقة حتى انتهاء عملية التبرع.

3- بعد التبرع:

يضغط مسؤول العناية الصحية مكان الوخز بقطعة من الشاش القطني ويضع ضمادة. على المتبرع أن ينتظر 10-15 دقيقة قبل المغادرة يتلقى خلالها بعض المرطبات ليستعيد طاقته.

يجب أن يتابع المتبرع الضغط على موضع الوخز ويرفع يده مدة 3-5 دقائق إذا استمر النزف بعد التبرع.

قد توضع الكمادات الباردة على مكان الوخز حال وجود نزيف تحت الجلد، وقد تطبق مدة 24 ساعة ثم تُستخدم الكمادات الدافئة.

احتياطات واجبة:

على المتبرع أن يتحقق من امتلاكه متطلبات عملية التبرع قبل تبرعه بالدم أو العناصر الدموية.

قد تؤثر بعض العوامل في قدرة الشخص على التبرع الدم، لذا يجب طرح الأسئلة التالية:

  •  ما تقييم الحالة الصحية العامة للمتبرع؟
  •  هل يعاني أي حالات مرضية مثل التهاب الكبد أو فيروس نقص المناعة المكتسبة؟
  •  هل عمر الشخص ووزنه مناسبان للتبرع؟
  •  هل سافر حديثًا أو حصل على وشم؟
  •  هل يتعاطى المخدرات، خصوصًا بالوريد؟
  •  هل تناول الأسبرين خلال 48 ساعة الماضية؟ (حال التبرع بالصفيحات).
  •  ما أدوية السكري التي يتناولها؟ (حال الإصابة بالسكري).

يستغرق الجسم 24 ساعة لتعويض الفاقد من البلازما، و4-6 أسابيع لتعويض الفاقد من الدم، لذلك يجب عدم التبرع بالدم أكثر من مرة خلال 8 أسابيع.

نظرة عامة:

وفقًا للصليب الأحمر الأمريكي، يحتاج شخص إلى نقل الدم كل ثانيتين، ويتبرع بالدم نحو 6.8 مليون شخص في الولايات المتحدة سنويًا، ومع ذلك فإن المنظمات قلقة من انخفاض الأعداد.

التبرع بالدم عملية جديرة ببذل الجهد وتسهم في تقدير الشخص لنفسه، ومستويات الخطر فيها منخفضة، إضافةً إلى أنها تقدم فوائد كثيرة للعديد من الأفراد.

اقرأ أيضًا:

فرط البروتينات في الدم: الأسباب والعلاج

ما أسباب ارتفاع هيموغلوبين الدم؟ وما علاجه؟

ترجمة: علي علوش

تدقيق: غزل الكردي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر