المتداولون الداخليون في الشركات الكبرى، الذين يتداولون الأسهم بناءًا على المعلومات التي يكتسبونها من خلال العمل في شركات متعددة الجنسيات، يجنون أموالًا أكثر بكثير مقارنةً بنظرائهم الذين يعملون في شركات يقتصر نشاطها على الولايات المتحدة. كان هذا الاكتشاف الرئيسي لبحث جديد خضع لمراجعة الأقران.

يحصل التداول الداخلي في الشركة عندما يقايض مدير أو موظف الأسهم العامة لشركته أو أوراقًا مالية أخرى بناءً على معلومات مهمة أو «ملموسة» تخص تلك الشركة. التداول الداخلي مسموح حال قدم المتداول تقريرًا إلى هيئة التداول والأوراق المالية، وما دامت تلك المعلومات مسجلة في المجال العام بالفعل.

أراد الباحثون الإجابة عن السؤال: هل للمتداولين الداخليين في الشركات متعددة الجنسيات أفضلية في جني المال بسبب المعلومات المركبة التي يحصلون عليها مقارنةً بسواهم؟

فحص البحث عائدات مليوني ونصف مليون عملية تداول أُبلغ عنها في هيئة التداول والأوراق المالية في الفترة 1987 – 2019 من قبل متداولين ضمن 10,000 شركة. تلك فقط مجموعةً جزئية من التداولات المسجلة خلال تلك الفترة، إذ ركز البحث على التعاملات المرتبطة برؤية الموظف. ثم قارن الباحثون كشوف الدخل الشهري للمتداولين من داخل الشركات الوطنية والشركات متعددة الجنسيات بكشوف دخل المستثمرين العاديين.

وُجد أن جميع المتداولين الداخليين كسبوا في السوق، لكن المتداولين من داخل شركات متعددة الجنسيات كان أداؤهم أفضل بكثير، خاصةً من كانوا في مراكز أعلى في تراتبية الشركة. في حين حقق المتداولون الداخليون بالشركات الوطنية أرباحًا بقيمة 2.4% في الشهر الأول بعد شرائهم للأسهم، حقق نظراؤهم في الشركات متعددة الجنسيات نسبة 2.8%. قد لا يبدو الفارق كبيرًا، لكن مع استقرار العائدات، قد يؤدي ذلك الفارق إلى جني مبلغ 170,000 دولار أو أكثر حال قايض المتداول ما قيمته مليون دولار على مدى عدة أشهر. ويساوي ذلك الفارق ثلاثة أضعاف متوسط الربح العادي الشهري في سوق البورصة المقدر بنسبة 0.9%.

أما المتداولون الأكثر معرفةً –المديرون وسواهم ممن يطلعون على تعاملات الشركة من كثب- في الشركات متعددة الجنسيات فكانت لهم أفضلية أكبر، إذ يجنون نسبة 3.6% شهريًا، مقابل 2.7% لنظرائهم في الشركات الوطنية.

ما أهمية ذلك؟

يعرف أغلب الناس التداول الداخلي من الأفلام التي تصوره كما لو كان عملية إجرامية، مثل شخصية «غوردون جيكو» في فيلم «وولستريت»، الذي يجني الملايين مستغلًا معلومات.

لكن حتى عندما يكون التداول الداخلي قانونيًا فإنه يظل مربحًا جدًا. إذ إن المتداولين الداخليين عندما يتداولون على أساس معلومات عامة، فهم أكثر معرفةً بقطاعهم وأنجح في معالجة المعلومات من المستثمرين الخارجيين.

تزداد أفضلية المتداولين الداخليين في حالة الشركات العالمية. لمّا كانت الشركات متعددة الجنسيات تجني أرباحًا في دول أجنبية، قد يكون من الصعب على محلل أو متداول خارجي أن يقدر بدقة قيمة الشركة وسعر أسهمها. ينطبق هذا خاصةً على الشركات التي تملك أعمالًا في مناطق مختلفة عن الولايات المتحدة ثقافيًا ولغويًا. يساعد ذلك المتداولين الداخليين على التداول بنجاح أكبر، بشراء أسهم بأسعار أقل من قيمتها في أثناء المقايضة، ثم بيعها لاحقًا لتحقيق مكاسب غير متوقعة.

كثيرًا ما تحفز الشركات موظفيها ليعملوا بجد أكثر، فتعرض عليهم نصيبًا من نجاحاتها، لكن عندما يبدو أن المستثمرين من داخل الشركة يكتسبون أفضليةً غير عادلة على نظرائهم العاديين، فقد يضر ذلك بالثقة في الأسواق المالية. إن حجم هذه التداولات وربحيتها –خاصةً في ضوء البيانات التي لدينا- يعني أن مشرعي التعديلات والمسؤولين عن السياسات قد يعيدون النظر في مدى الحاجة إلى قيود جديدة، مثل وضع ضوابط إضافية على توقيت التداولات أو تواترها.

أبحاث أخرى ذات صلة:

يبحث الأكاديميون في مجالات متعددة تتعلق بالتداول الداخلي، مثل كيفية تحديد ضوابط التداول الداخلي أو كيفية نقل المتداولين الداخليين للمعلومة إلى المتعاملين في الأسواق عندما تكون المعطيات الجديدة محدودة. أُجري حديثًا أبحاث عن تقارب التداولات الداخلية التي يجريها زملاء بنفس الشركة، ونظر الباحثون في تأثير الابتكار على التداول الداخلي.

يشير بحث جديد إلى كيفية تدخل المعلومات في تحديد الأسعار في أسواق الأسهم، وأن ردود فعل المستثمرين التي لا تستجيب للمستجدات من شأنها أن تؤثر في قدرة المتداولين الداخليين على التداول بطريقة مربحة. وتُجرى أبحاث يستعمل فيها نموذج «جي بي تي» اللغوي تهدف إلى تقييم التعقيدات المتعلقة بإيداع الملفات والمستندات التنظيمية والتقارير المالية، من خلال تحليل المصطلحات التقنية التي قد تشوش المستثمرين، ما قد يؤثر في فهم المستثمرين الخارجيين لحالة أسعار الأسهم مقارنةً بالمتداولين الداخليين.

اقرأ أيضًا:

كل ما تود معرفته عن التداول الداخلي ولماذا يعتبر جريمة

صندوق التداول في البورصة

المترجم: زياد نصر

تدقيق: رغد أبو الراغب

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر